تحقيق/ باهوز أحمد –
لا يمر يوم وإلا يُنشر خبر عن اعتقال أو اختطاف وسرقة في مقاطعة عفرين المحتلة، ولم يعد هذا بالجديد فهو يُظهر الوجه الحقيقي والانحطاط الأخلاقي للاحتلال التركي الذي بدأ بتشديد القبضة الأمنية، وإطلاق عنان مرتزقته لمزيد من التنكيل والتعذيب لأهالي مقاطعة عفرين، والهدف بحسب بعض المراقبين مرتبط بالوضع العام في إدلب وإمكانية خسارة تركيا لها، وتزايد وتيرة العمليات التي تنفذها وحدات حماية الشعب والمرأة والمجموعات الوطنية الأخرى ضد الاحتلال التركي ومرتزقته.
فحالة الذعر التي خلفتها عمليات وحدات حماية الشعب الأخيرة في حاجز قرية ترندا وقيبار، دفعت الدولة التركية لإصدار أوامر مباشرة للمرتزقة بتضييق الخناق على الأهالي وفرض حظر التجوال بشكلٍ عام، في كافة القرى والبلدات المحتلة، إضافة لإصدار أوامر لمرتزقته باعتقال الشبان والنساء الذين تم اعتقالهم سابقاً بتهم مساندة الإدارة الذاتية أو كانوا أعضاء فيها، ومن مصادر خاصة وموثوقة.
ضريبة السرقة 1000 دولار
ومن جهة أخرى بدأ مرتزقة الاحتلال التركي وبالتحديد أحرار الشام وفرقة الحمزات، بإجراء إحصاءات لا شرعية لها في القرى والبلدات بعفرين، والهدف بحسب الأهالي الذين تواصلنا معهم هو تحديد العوائل التي هاجرت من عفرين بعيد الاحتلال والعوائل التي لم تعود إليها بعد هجرتهم القسرية بفعل الاحتلال، وبالتالي مصادرة أملاكهم وتحديد هويتهم لأهداف أمنية، إضافة لشرعنة التغيير الديمغرافي.
وفي السياق ذاته ذكر «ز.م» من قرية «بتيت» ذات المكون العربي أن المرتزقة فرضوا على أهالي القرية دفع مبلغ 1000 دولار عن كل عائلة والسبب بحسب ما قاله الشاب الذي يندرج مع عشيرة العميرات العربية في عفرين: «يطالبون بهذا المبلغ بحجة الحماية» ويتابع بنبرة الاستهزاء: «أي حماية هذه؛ منذ اليوم الأول الذي دخل الاحتلال إلى عفرين ولم نهنئ بالعيش والنوم براحة، السرقات والاستيلاء على الأراضي والاعتقالات والاختطاف بهدف دفع الفدية باتت حال المنطقة كلها وربما قرانا تتميز بالطابع العشائري الذي يحاول تفادي الصدمات المباشرة، لكن مع ذلك العديد من شبابناً مختطفين اليوم ونحن ننتظر بصيص أمل بسيط للعودة كما كنا».
تركيا توجه المرتزقة لزيادة حجم الانتهاكات
عفرين اليوم تحولت إلى سجنٍ كبير، بيد أن الاحتلال التركي عمد مؤخراً إلى تغير بعض الكتائب في بعض القرى، والهدف هنا واضح وهو زيادة التنكيل والانتهاكات ضد الشعب وسلبهم ما تبقى من أموال، من هذه القرى، قرية «دار كرا» الواقعة على بعد 12 كيلومتر غرب مركز مدينة عفرين، والتي عمد المرتزقة إلى إهانة سكانها وإجبارهم على تقليد أصوات الحيوانات واختطاف عدد منهم والمعاودة بطلب الفدية.
والقرية الأخرى التي حظيت بنصيب كبير من الانتهاكات اليومية هي قرية كرزيلا جنوبي مركز المدينة بسبعة كيلو مترات، وهنا يوضح أحد المصادر المطلعة من القرية بأن ثمة توجيهات مباشرة من الاحتلال التركي بتهديد أمن هذه القرية التي عرف أهالها بوطنيتهم وارتباطهم بأرضهم، إذ تعرضت القرية بعيد الاحتلال لحملات اعتقال متكررة، ففي شهر نيسان الماضي شن مرتزقة أحرار الشام حملات اعتقال واختطاف غير مسبوقة، واختطفت أكثر من 80 شخصاً آنذاك، وإلى اليوم ما زال مصير 25 منهم مجهولاً، واليوم بدأت مرتزقة فرقة الحمزات التي استلمت زمام القرية من مرتزقة أحرار الشام، بتحويل منزل علي عبدو المعروف بـ»علي سورك» إلى مقر لهم ومركز اعتقال وتقول إحدى نساء القرية، نسمع يوماً أصوات التعذيب من ذاك البيت لدرجة لم نعد نحتمل.
«ادفع ثلاث روسيات للثورة»!!
وبدأ المرتزقة حملات مداهمة ليلية على منازل الكرد في القرية التي استوطنها أكثر من 80 عائلة من مهجري حمص، واختطفت خلال الأسبوع الماضي ما يناهز 50 شخصاً، وغالبيتهم تم اختطافهم للمرة الثانية، ويقول مصدر محلي: «ثمة توجيهات تركية مباشرة بخصوص هذه القرية، وما زاد حجم الانتهاكات هو شراهة المرتزقة للمال إذا حصد معظم أهالي القرية مواسمهم الزراعية وهنا يكمن المغزى»، ومن المختطفين الذين دفعوا الفدية المطلوبة ولكن عبر وسطاء منهم الشاب «ر» الذي تم اختطافه بتهمة التحاقه بواجب الدفاع الذاتي، وبعد فترة شهر دفع ذووه مبلغ «400 ألف ليرة سورية» للإفراج عنه، وطالب المرتزقة بمبلغ ثلاثة ملايين ليرة سورية مقابل إعادة ثلاثة أفراد من عائلة عبد الرحمن أمام جامع القرية، رغم أن هذا الإمام كان لفترة وجيزة «عليه الأمان» فالأمان عند المرتزقة هو دفع المال أو التهجير القسري، ويطالب المرتزقة من المختطفين الباقين مبالغ مالية بحجة دعم الثورة التي لم يبقى منها غير السرقة، ونوري حجي وابنه فرهاد هم من بين المختطفين الذين يطالبهم المرتزقة بدفع ثمن ثلاث «أسلحة كلاشنكوف» كدعم للثورة مقابل الإفراج عنهم.
فصول تهجير جديدة بدأت
انتهاكات مرتزقة الاحتلال التركي تتزايد يومياً، ولكن الأهالي يتمسكون بأمل التحرير القريب الذي عززته عمليات وحدات حماية الشعب والمجموعات المناضلة الأخرى ضد الاحتلال التركي في عفرين، وخوفاً من التحرير بدأ مرتزقة الاحتلال التركي بنشر القناصة كل ليلة على أسطح البنايات والمنازل في المناطق التي فُرض حظر التجوال فيها، إضافة لمحاولتهم تغير المهجرين القابعين في القرى الكردية. ولهذا؛ جمع المرتزقة قبل أيام المستوطنين الحمصيين المتواجدين في قرية كرزيلا ووجهوهم للبحث عن مكان آخر ليحل بدلاً عنهم مستوطنين من قرية حيان وحريتان التي تتعرض لقصف النظام حالياً، وهذا يدل إن فصلاً جديداً لتهجير ما تبقى من أهالي القرى العفرينية الأصليين قد بدأ.