سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الاحترار.. يزيد غبار الغلاف الجوي أكثر اربع مرات مما كنا نعتقد

يعد الغبار عنصراً أساسياً في نظام الأرض المناخي، فكلما تداخل مع السحب أو حجب أشعة الشمس أو امتد على أسطح البحار والمحيطات، نشهد تغيراً في أحوال الطقس وفي معدل هطول الأمطار، وقد يمتد تأثيره إلى تفاقم أزمة الاحترار العالمي.
ثمة نوعان من الغبار في الهواء، تتحكم فيهما سرعة الرياح في المناطق الجافة: الأول ناعم وذراته دقيقة الحجم خفيفة الوزن، يعمل عمل السحب في حجبها للشمس، فتنخفض درجات الحرارة على إثره.
والثاني كبير الجزيئات، خشن الملمس، منبعه الصحراء الكبرى في أفريقيا، ويعمل عمل الغازات الدفيئة فيتسبب في ارتفاع درجات الحرارة.
لذلك، ينبغي لنا معرفة مقدار الغبار الخشن في الغلاف الجوي -على وجه الخصوص- ليس فقط لفهم الظواهر الجوية التي يؤثر عليها الغبار، وإنما كذلك لمعرفة مدى تأثيره في ارتفاع حرارة كوكبنا.
ووفق دراسة نشرتها دورية “ساينس أدفانسيز” فإن الغلاف الجوي يحتوي على 17 مليون طن من الغبار الخشن.
النماذج المناخية
يقول الباحث في قسم الغلاف الجوي والمحيطات بجامعة كاليفورنيا-لوس أنجلوس أديمي أديبي إنه “لمعرفة تأثير الغبار الخشن على مناخ كوكبنا، يجب أن تحتوي النماذج المناخية على معالجات عالية الدقة للكشف عنه بصورة صحيحة”.
ولتعيين كمية الغبار الخشن في الغلاف الجوي للأرض، حلل الباحثون بيانات 12 بحثا منشورا اعتمدت نتائجها على عمليات الرصد الجوية بالطائرات فوق الصحراء الكبرى، كما استعانوا بنتائج ستة نماذج مناخية تحاكي مناخ الأرض.
يقول الباحث المساعد في الدراسة غاسبر كوك “لقد قارنا بين نتائجنا وبين ما أتت به النماذج المناخية الأخرى، وكانت المقارنة في صالحنا، إذ وجدنا أربعة أضعاف كمية الغبار الخشن في الغلاف الجوي، بينما تنبأت النماذج بوجود 4 ملايين طن من الغبار فقط”.
تأثير الغبار على النظام البيئي
كما وجد أديمي وكوك أن نماذج المناخ أخفقت أيضاً في تقدير مدة بقاء الغبار الخشن في الهواء، ففي حالة الصحراء الكبرى، يندمج الغبار مع الهوا، فيصعد للأعلى، وهذا بالطبع ضد قانون الجاذبية، لذلك يبقى في الهواء مدة أطول.
وعليه، يمكن للغبار أن يسافر آلاف الكيلومترات ليصل الولايات المتحدة والبحر الكاريبي. وعندما ينتهي به المطاف في المحيطات، يُحتمل أن يحفز إنتاجية نظامها البيئي لأن معدل امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون سيرتفع.
ولأن الغبار في رحلته قد يصطدم بالسحب أو يتفاعل مع الطاقة الشمسية، فقد يتحكم في مواقيت انهمار الأمطار وكثافتها.
وتمتص جزيئات الغبار أشعة الشمس والإشعاعات الصادرة من سطح الأرض، فتؤثر على استقرار الحركات الطولية والعرضية للهواء في الغلاف الجوي، وهو ما قد يؤثر على بعض الظواهر الجوية مثل الأعاصير.
يقول أديمي إن “نماذج المناخ أداة بالغة الأهمية في يد العلماء، ولكن من المؤكد أنها ستبخس الغبار الخشن وقعَه البالغ على حياتنا حينما لا تحسب كميته في الغلاف الجوي بدقة”.
وأضاف أن “هذه الكمية الهائلة من الغبار الخشن إذا أضيفت إلى الغبار الناعم، فيحتمل أن ينتج عنهما احترار في مناخ الأرض”.