لا يختلف اثنان حول ما حققته الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من إنجازات كثيرة، على الرغم من عمرها القصير وإمكاناتها المتواضعة نسبياً، وكلنا يعلم مدى الصعوبات التي عانتها منذ تأسيسها وحتى هذه اللحظة.
نحن هنا لسنا بصدد شرح تفاصيل ما حدث من تطور في جميع مناحي الحياة التي لمسناها جميعاً على أرض الواقع لأننا عشناها بتفاصيلها، فالإنجازات التي تحققت ليست محض صدفة، لكنها جاءت بعد عمل مضنٍ وشاق في ظل الإمكانات القليلة والحصار الجائر المفروض من الداخل والخارج، وكانت هناك احتلالات وهجمات وبخاصة من قبل جارة السوء تركيا ومرتزقتها. ومع ذلك علينا أن نسلط الضوء على تلك الإنجازات، وعلى جميع الأطراف الاعتراف والإقرار بأن ما تحقق كان نتيجة عمل دؤوب وسهر طويل تحمل الكثيرون أعباءها على الرغم من الأخطاء التي حدثت هنا وهناك.
لكن بالمجمل وعند المقارنة بين عام سابق وعام لاحق من عمل الإدارة الذاتية سنرى الفرق بجلاء، من حيث الإطار العام وعمل المؤسسات والتقدم في كافة المجالات والأصعدة، ومن الإجحاف عدم التعريج على النواحي المضيئة من عمل هذه الإدارة، وتقديم الشكر والعرفان لكل من عمل بجد وصدق وإخلاص، في سبيل الحفاظ على المكتسبات والمساهمة في بنائها، والحفاظ على سلامتها وأمنها. لهذا لا بد من الوقوف بإجلال وتقدير على عمل كافة الجهات الأمنية والعسكرية والمدنية، التي تذود عن التراب وتدافع عن شعوب المنطقة بدون استثناء، ومن واجبنا الأول تقديم الثناء والامتياز على العمل الرائع الذي يقومون به، ومما لا شك فيه أن ما حدث من تقدم تطلَّب جهوداً كبيرة، نتيجة الظروف المحيطة والأيام العصيبة والقاهرة، فتأجلت الكثير من الأعمال والمخططات إلى حين، وبخاصة جائحة كورونا التي أثرت بشكل كبير في تنفيذ الكثير من المشاريع التي تهدف لرفع سوية المؤسسات وبخاصة الخدمية والمرتبطة بالناس بشكل مباشر.
لذلك فمن واجب الإدارة الذاتية الآن وبخاصة أننا على أعتاب استقبال عام جديد وضع مخططات ومشاريع جديدة، يغلب عليها طابع الاحترافية والتنظيم في العمل، يكون فيها الاختصاص سيداً والعمل الجاد حاكماً، والعدالة مخرجاً والمؤسسات وجود ممثلين محترفين فيها، كي تكتمل صورة الإنجاز على أكمل وجه. نحن لا ندعي الكمال والجمهورية المثالية، لكننا قادرون على تخطي المصاعب بالإرادة والتصميم ونكران الذات ومحاربة جذور الفساد في كل بؤرة له، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، والتصدي للتسلق والانتهازية وحب الذات، وإحداث تغييرات جذرية في هيكلة مؤسسات الإدارة الذاتية بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن بالدرجة الأولى.
عند ذلك فقط نكون قد سلكنا الطريق السليم، وعندما نتأكد بأن ما نقوم به من عمل هو خالص من أجل تقديم الخدمات ووسائل الراحة والعيش الكريم للمواطن، نكون قد حققنا الغاية والهدف المنشود، وضرورات المرحلة القادمة تستوجب أن يتم تفعيل مبدأ الحساب والعقاب، والإدارة الذاتية لديها إمكانات بشرية هائلة وثروات كبيرة، إذا ما زاوجت بين الاثنين وطبقت النتائج على أرض الواقع ستكون النتائج مذهلة، ما سيعود على شعوب شمال وشرق سوريا بالخير والسلام والعيش بكرامة وأمان.