التاريخ مرتكزٌ هامٌ لدى أي شعب، سواء بسردياته الواقعيّة أو بجانبه الأسطوريّ، ولا تكتملُ دراسةُ شعبٍ دون معرفةٍ جيدةٍ للأنماطِ الفكريّةِ السائدة ومنابعها التاريخيّة. وهذه المسألة تنطبقُ على ميدانِ العلوم السياسيّة والعلاقاتِ الدوليّة اليوم، أي المرتكز الذي تُبنى على أساسه السياسة، وجملة المفاهيم التي تشكّلُ منظومةَ المعايير لاتخاذِ القرارِ السياسيّ وأنماطِ الحياةِ والسلوكِ المجتمعيّة. ولا يمكنُ فهم السياسة التركيّة مع تجاهل تلك المعطيات، فتركيا الدولة القريبة والتي تغلب الحساسية على العلاقةِ معها منذ أكثر من قرن؛ تشهد اليوم حالة الردةِ إلى العثمانيّة والتمرد على التقاليد الأتاتوركيّة.
نوستالجيا التاريخ
التاريخ التركيّ في المنطقةِ هو الأقل مساحة زمنياً، وثمّة نقاط هي الأكثر بروزاً في مجمل التاريخ التركيّ، أبعدها معركة ملاذ كرد عام 1071 التي قادها السلجوقيّ ألب أرسلان، والثانية اقتحام أسوار القسطنطينية في عهد محمد الفاتح في 29/5/1453، والثالثة إلغاء مصطفى كمال أتاتورك الخلافة العثمانيّة في 3/3/1924 وكان قد أنهى الدولة العثمانيّة في 11/11/1922، وتبنّي العلمانيّة والانكفاء عن العالم العربيّ والإسلاميّ، فيما يشكّل صعود حزب العدالة والتنمية واستلامه السلطة بموجب انتخابات 23/11/2002 بداية مرحلةٍ جديدةٍ مع نظريةِ العمق الاستراتيجيّ وصفريّة المشاكل، ومن ثم التغيّر الجذريّ وفقدان قسمٍ مهمٍ من رصيدِ التوافقات وتبني سياسة التدخل الخارجيّ عسكرياً، وتوسيع النفوذ عبر امتدادات القوة الناعمة التركيّة إلى بلدان كثيرة.
المبنى التاريخيّ التركيّ حافلٌ بمتغيراتِ الخارطة السياسيّة، بل تشكّل خارطة الدولة التركيّة أحد أهمِّ محرّكاتِ سياستها الخارجيّة، ويتحدث المسؤولون الأتراك اليوم عن حلم استعادةِ خارطة الميثاق المليّ الذي أقره مجلس المبعوثان التركيّ في 28/1/1920، وتصحيحِ الغبن الذي لحق بهم جراء اتفاقية لوزان 24/7/1923، وفق زعمهم، أي نظرية المؤامرة الغربيّة، وبالمجمل فتاريخ الأتراك مليء بأحداث تنعكسُ مباشرة على السلوكِ المجتمعيّ والسياسيّ والثقافيّ.
في 18/2/2020 قال أردوغان: “لا يمكن أن تبقى تركيا محصورة داخل حدود 780 ألف كم2، لأنّها أكبر، فقد تكون مصراته وحلب وحمص والحسكة خارج حدودنا الفعليّة لكنهم داخل حدودنا العاطفيّة والقلبيّة والجسدية وسنتصدّى لمن يحاول تحديد تاريخنا بـ 90 عام”، وينطوي كلام أردوغان على أبعاد سياسيّة قوميّة يغلفها الدينُ، وهو عزف على وترِ المظلوميّة في اتفاق لوزان، ويكرر هو وأنصاره أنّ تركيا كانت ضعيفة فاضطرت للقبولِ بالإملاءاتِ الغربيّة ضمن الجغرافيا المحدودة لتقيمَ الجمهورية التركيّة؛ لأنّ الحرب كانتِ البديل، وبذلك ضاعت ولايات حلب والموصل، برفضِ خريطة الميثاق المليّ جملة وتفصيلاً، وأما حديث الحدود القلبيّة فهو شكلٌ من النوستالجيا والحنين إلى الحقبةِ العثمانيّةِ.
واقعاً لا تتضمنُ اتفاقية لوزان إشاراتٍ لانتهاءِ صلاحيتها خلال قرن، تدخلُ بعدها تركيا عصرَ التحوّلات، إلا أنّ أردوغان المهووس بالتاريخ جعل الصلاة في آيا صوفيا متوافقاً مع تاريخ عقد اتفاق لوزان، ليبعثَ برسالةِ انتهاءِ صلاحيةِ لوزان والتلاعبِ بمشاعرِ المسلمين.
يؤدي الجهلُ بتفاصيل تطورات التاريخ واعتمادُ انتقائيّة القراءة واجتزاء التاريخ إلى نتائج غير صحيحة، ومن غير الممكن مثلاً فهمُ سياسة أنقرة اليوم وطموحات إحياء العثمانيّة، دون اطلاعٍ كافٍ على التاريخ التركيّ بالمنطقة، وبخاصة أنّ القيادات التركيّة مهتمة به لدرجةِ الهوس، وتوظّف معطياته في سياق الحاضر، وباختصار فإن أنقرة تتطلع لخلافةِ الآستانه (عاصمة العثمانيين) في تفاصيل كثيرةٍ، وتعزيز النفوذ في جغرافيا الوجودِ العثمانيّ السابق.
فهم سياسة أنقرة يتطلبُ استنطاقَ مفرداتِ التاريخ الأسطوريّ والتراث لشعبٍ عاش في منطقة أرغينكون الأسطوريّة شرق آسيا والمرتبطة بأسطورة الذئب الأغبر (البوزقورت) والمتعلقة بالانبعاث على مشارفِ الفناءِ، ولتصبح إشارةُ الذئب رمزاً قوميّاً تركيّاً خالصاً، وجزءاً من مجموعة سماتٍ تلازمُ نمطَ الشخصيّةِ التركيّةِ كالاستعلاءِ والحذر والقسوة المبالغ فيها لدرجة الدمويّة والتي تتضح في السياسةِ الخارجيّةِ لأنقرة وقرارها السياسيّ وسعيها لصياغةِ رؤية أو استراتيجية تحكمها كلّ تلك السماتِ، إضافة لتأثير العامل الدينيّ بشقِّه الإسلامي السنيّ على السلوك السياسيّ، فإيران التي التزمت المذهبيّة الشيعيّة، تقابلها أنقرة بالتطلع إلى خلافة إسلاميّة جامعة دون تجاوز الفقه الحنفيّ السنيّ، وبخاصة بعد استلام حزب العدالة والتنمية دفة الحكم.
من صور الحنين التركيّ للتاريخ احتلالُها جرابلس السوريّة في 24/8/2016 اليوم الموافق لمعركة مرج دابق، وإعلان أردوغان احتلال عفرين في 18/3/2018 اليوم الموافق لكسر الهجوم الغربيّ في معركة جناق قلعة 1915، وخاطب أردوغان الغرب في 18/3/2019 بعد ثلاثة أيام من مجزرة نيوزيلندا (15/3/2019) فقال: “سنبقى هنا حتى يوم القيامة، ولن تجعلوا من إسطنبول قسطنطينية وفي حال استهدافها لن يتردد شعبها في جعل جناق قلعة مقبرة الأعداء”، ومن الأمثلة أيضاً أنّ ارتفاع مآذن مسجد تشامليجا الست الذي افتُتح في 3/5/2019 هو 107.1م بتوافق مع عام وقوع معركة ملاذ كرد في 26/8/1071، وكذلك مشهد ارتداء حرس الشرف الأزياء العثمانيّة الذي تكرر في مناسباتٍ عديدة، وليس آخراً فورةُ الأعمال الدراميّة التي تمجّد التاريخ العثمانيّ.
مزيج فوبيا معقد
تقود أنقرة سياسة قوامها التناقض، والتباين بين توجهين، إذ يتسم بالاستعلاءِ ومشاعر التفوق إسلاميّاً، مستنداً إلى ميراث الدولة العثمانيّة، بمقابل إبداءِ النديّة بالتعامل مع دول الاتحاد الأوروبيّ والامتثال لشروطه لنيل العضويّة. فيما برزت مصطلحات في السياسة التركيّة وانتقلت إلى ساحة المجتمع كنظرية المؤامرة وتمجيد التاريخ التركيّ، والدور التركي المحوريّ في السياسة العالميّة بتجاوزها الأبعاد الإقليميّة، وتوصيف المخالفين بالإرهاب.
يمكنُ وضع كل الفعل السياسيّ الذي تبلور في العقد الأخير على إيقاع المتغيرات التي تشهدها المنطقة وحالة الثورات بعنوانه العريض “الربيع العربيّ”، الذي كان في حقيقته ربيعَ تظهير قوى الإسلام السياسيّ ممثلاً بفكر الإخوان المسلمين، حيث تأخذ أنقرة موقعها منه كموضع القطب من الرحى، وتكون مركز ثقله، بعد إنجاز التغيير في البلدان العربيّة، وهذا هدف سياسة الانفتاح التركيّ في مجمل علاقاتها وسعيها الدؤوب لرفع التبادل التجاريّ مع عدد كبير من الدول وفتح السفارات في معظم الدول الإفريقيّة والنشاط الكبير للقوى الناعمة عبر مؤسسات وهيئات الإغاثة والمساعدات والتبشير الدينيّ الدعَويّ وبناءِ وترميم المساجد.
رغم هذا الانفتاح كله يعيش المجتمع التركيّ حالة رهاب الخارج (xenophobia)، وتطغى عليه نظريات احتمال الفوضى والاستهداف المباشر والمؤامرة الغربيّة. وتركيا التي انضمت إلى الناتو في 18/2/1952 اتهمت واشنطن بدعم محاولة الانقلاب في 15/7/2016. والمفارقة العجيبة أنّها تسوّق دائماً لنظرية دعم الحقّ الفلسطينيّ، وهي أولى الدول الإسلاميّة التي اعترفت بإسرائيل 24/3/1949، وعقدت معها اتفاقات اقتصاديّة وسياسيّة وعسكريّة وأمنيّة، بل إن اتفاق الحزام المحيطيّ (ميثاق الشبح) 29/8/1958، الذي عقده ديفيد بن غوريون مع رئيس الحكومة وقتها عدنان مندريس لا زال ساري المفعول، والقاسم المشترك بين إسرائيل وتركيا هو الشعور بالاغتراب والرغبة بكسر الحصار.
اعترف أردوغان بالقدسِ عاصمةً لإسرائيل في 28/8/2016 ضمن اتفاق التصالح بعد مقتل عشرة ناشطين أتراك على متن سفينة مرمرة 31/5/2010، فورد فيه أنَّ الاتفاق بين أنقرة و”القدس” وليس “تل أبيب”. ثم قال أردوغان “القدسُ خطٌ أحمر” في كلمته في14/11/2017 أمام القمةِ الطارئةِ لمنظمةِ التعاونِ الإسلاميّ بإسطنبول؛ رداً على إعلان ترامب نقل السفارة الأمريكيّة إلى القدس، وتواصل الترويج لنظرية المؤامرة الإسرائيليّة.
نظرية المؤامرة
تجسّد سياسة أنقرة شكلاً من البارانويا Paranoia، وجنونِ الارتيابِ أو العظمة، والشكّ بالآخرين والشعور بالخطر والتهديد، وتعيش فوبيا الكرد عموماً وتتجاوز حزب العمال الكردستانيّ إلى حزب الشعوب الديمقراطيّ، وكذلك الكرد في دول المنطقة، وتحاول تمرير تلك المخاوف للشعب التركيّ لتبررَ تدخلها العسكريّ في سوريا والعراق والعمليات العسكريّة في هذين البلدين.
ولد حزب العدالة والتنمية من رحم حزب دينيّ، إلا أنّ الحكومة تواصل ملاحقة أنصار “الخدمة” التابعة للداعية الإسلاميّ فتح الله غولن واتخذه أردوغان شماعة لإجراء تغييرات في مفاصل الدولة والإقالات بالجملة بزعم الاشتراك بمحاولة الانقلاب الذي تفيدُ تقارير إعلاميّة واستخباراتيّة أنّ الاستخبارات التركيّة صنعتها وأدارتها، وبذلك استُبدل عشرات آلاف العاملين بالدولة بعناصر جديدة موالية للحزب الحاكم، وتمجّد أردوغان.
ترفع حكومة العدالة والتنمية سقف المخاوف إلى الحد الأقصى قبيل كلّ استحقاق انتخابيّ، وتخوضه باستغلالِ مؤسسات الدولة الإعلامية والأمنية، أي هي عملية “تزوير الانتخابات قبل الصناديق” بالتأثير على المزاج العام وتشكيل رأي عام مؤيد، والترويج لنظرية أنّ خسارة العدالة والتنمية يعني دخول البلاد في فوضى عارمة، والتصويت لمرشحيه في الانتخابات البرلمانيّة أو البلدية هو الخيار الوحيد.
تتعمد الحكومة التركيّة في مواجهة الأزمات الداخليّة، افتعالَ قضايا واهية لإلهاءِ الرأي العام التركيّ وإشغاله في قضايا مفتعلة على غرار الملف السوري وقضية القس الأمريكيّ أندرو برونسون والأزمات مع الاتحاد الأوروبيّ وقضايا الهجرة ومفاوضات الانضمام للاتحاد. فبعد خسارة بلدية إسطنبول الأولى في 31/3/2019 وهي أهم المعاقل الانتخابيّة لحزبه، أثار الإعلام الحكوميّ خبر اعتقال رجلين “مشتبه” بهما بتهمةِ التجسس، وتزامن ذلك مع انهيارٍ جديدٍ بقيمة الليرة التركيّة.
ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانيّة يوم 17/4/2019 أنّ المركزيّ التركيّ عزز احتياطياتِ النقدِ الأجنبيّ بمليارات الدولارات عبر قروض قصيرةِ الأجل، فزادت مخاوف المستثمرين من قدرة أنقرة على حماية نفسها بحال وقوع أزمةٍ جديدةٍ لليرة. وفي اليوم التالي ردَّ الرئيس التركيّ في كلمة بمؤتمر “مستقبل العمل”، وخصّ الصحيفة بانتقاداتٍ حادة وزعم وجود حملة تشويه دوليّة لإظهار الاقتصاد التركيّ بحالة انهيار. وسأل: “هل عرفتم حقيقة تركيا التي تحتضن أربعة ملايين لاجئ؟”. وافترض وجود حملة ضد بلاده، قائلاً: إنّها ناجمةٌ عن مواقفِ تركيا حيالَ قضايا دوليّةٍ وإقليميّةٍ مثل سوريا وفلسطين واليمن ومصر و”اهتمامها وتعاملها بدقةٍ مع مسألةِ عداوةِ الإسلامِ المتصاعدةِ”.
آيا صوفيا نموذج معركة دونكيشوتيّة
يحتاجُ أردوغان لنصرٍ دونكيشوتيّ في إسطنبول أكبر خزان انتخابيّ (10.5 ملايين ناخب) لكسب التيار المتدين بعد هزيمةِ حزبه المدوّيةِ بالانتخاباتِ البلديةِ في الجولةِ الأولى 31/3/2109 والإعادة 23/6/2019، فوجد ضالته بقضية آيا صوفيا، فالقضية محاولة استعادة الاعتبار في العاصمة الانتخابيّة، فتلاعب بقصتها الأسطوريّة ليحوّلها مسجداً فتكون قضيةَ مشاغلةٍ، ولعبت الماكينة الإعلاميّة التركيّة على التهويل وتضخيم حجم الحدث ووضعه في سياق خدمةِ الإسلام واعتباره نصراً مجلجلاً، فكان صداها مباركة الشيخ أحمد بن حمد الخليليّ مفتي عُمان، وردد أتباع الفكر الإخوانيّ ذلك وجعلوها بشارةً لتحريرِ المسجد الأقصى وإعادته للمسلمين. وكان مشهد صعود علي أرباش رئيس هيئة الشؤون الدينيّة منبر الخطبة متكئاً على السيف ذا دلالة بعيدةٍ.
انشغل العالم العربيّ والإسلاميّ بالحدثِ وهلل بعضٌ واستنكر آخر، ولكنّ تركيا المعروفة ببلدِ المآذن (90 ألف مسجد) لا تحتاج آيا صوفيا للصلاة، ففي إسطنبول وحدها نحو 3600 مسجد، أضخمها مسجد تشامليجا بسعة 63 ألف مصلٍ وافتتح في 3/5/2019، إلا أنّ أردوغان أراد أن يبعثَ جملةَ رسائل بمضامين مختلفة، فاستغل تاريخ 24/7/2020 لأول صلاة جمعة، لموافقته تاريخ اتفاقية لوزان التي يُمنّي هو وأنصاره الشعبَ التركي بإنهائها.
يتذرعُ أردوغان بأنّ السلطان العثمانيّ اشترى الكنيسة، وحوّلها لمسجد، لكنّ الحجّة لا تصمدُ أمام المنطق، فالسلطانُ الذي دكَّ أسوارَ مدينة حصينة وحاصرها ودخلها محتلاً بالقوة، لن يستثنيَ كنيسةً فيدفعَ ثمنها، وتذكرُ مراجع تاريخيّة رصينةٌ أنّ الجيشَ العثمانيّ ارتكب مجازر بالمدينة واغتصب النساء واسترقَّ الأطفال، ولكن أنقرة تصرُّ على ترويجِ توصيفٍ أسطوريّ للجيشِ الذي احتل القسطنطينيّة وإسباغِ هالاتِ القداسة على السلطان العثمانيّ ووصفهِ بالفاتح، الذي بشّر به النبيّ، وأول من قام بتأويل حديث الرسول عن محمد الفاتح وفتح القسطنطينية هو محمد شمس الدين بن حمزة المعروف باسم شيخ الإسلام آق شمس الدين، والقصة مجردُ تأوّل، والمقصود غير ذلك.
يقول المؤرخ العثمانيّ أحمد بن يوسف قرماني: “ولما دخل السلطان المدينة سارع بالتَّوجه إلى كنيستها العظمى آيا صوفيا، فدخلها وطهّرها مِن خبائث الكُفر، وصلى فيها، ودعا الله وحمده وأثنى عليه، وجعلها مسجداً جامعاً للمسلمين، وعيّن له أوقاف ومراتب”. (كتاب أخبار الدُّول وآثار الأُول في التَّاريخ). وحصل ذلك بعد أن أعلن “محمد الثاني بن مراد خان”، والذي عُرف بالفاتح، منادياً “ينادي أنّ الغنائمَ كلها لهم (جيشه)، ويكفيني فتح المدينة، فلما بلغهم ذلك بذلوا جهدهم واجتهدوا حتى يسر الله لهم فتح المدينة”، فالحصار لمدة 51 يوماً أعياهم.
نأى أتاتورك عن الدخول في سجال دينيّ حول آيا صوفيا وجعلها متحفاً في 24/11/1934، ووثيقة المُلكيّة التي يُحتج بها هي سند (طابو) أصدرته الجمهورية التركيّة الحديثة عام 1936، وورد اسم محمد الفاتح فيها باعتباره “الواقف” وليس “المشتري”؛ لأنّ سندَ المُلكيّة يشير إلى المآل، ولا يؤكدُ صحّةَ الشراء، وأما وقفيّة السلطان محمد الفاتح فقد سجلها عام 1462، أي بعد تحوّلها لمسجد بتسع سنوات – باعتباره الحاكم صاحب السيادة وليس المشتري ـ، كما يُفترض أنّ السلطانَ الزاهد المؤمن لا يملكُ المالَ لشراءِ صرحٍ ضخمٍ كهذا، والمسألة الأهم أنّ الأرثوذكس لا يجيزون بيع وشراء المواقع والمباني الدينيّة.