سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الأسرة في الإسلام

 محمد القادري_

بما أن الأسرة هي الخلية الأولى في بناء المجتمع الإنساني، فقد اهتم الإسلام اهتماماً كبيراً بعلاقاتها وسلوكياتها وحقوقها وواجباتها، وقد بين الأدوار الرئيسية لأفراد الأسرة في حياتهم اليومية، حيث أن الأب هو عماد البيت ومرجعه الأساسي في الحماية والرعاية والقوامة على الخدمة، وتقديم المستلزمات، وهذا واجبه في المجتمعات والتجمعات البشرية في دول العالم، وعند الديانات والطوائف والمذاهب، وهو واجبه الطبيعي، يقول الله سبحانه وتعالى: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”، أي أن الأب مسؤول على الخدمة والقيام بواجباته لزوجته وأولاده، ويقول النبي محمد صلى الله عليه واله وصحبه وسلم: “كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”، وفي مقابل ذلك؛ فإن للأب حق الطاعة والتقدير والاحترام، وإذا نظرنا إلى واجبات الأم في البيت، فنرى أنها مسؤولة عن تربية أولادها تربية أخلاقية ودينية صحيحة، وكذلك العناية بمتطلبات البيت، وهي أيضاً راعية إلى جانب زوجها، ولها حق الإكرام والإجلال والاحترام من زوجها وأولادها، حيث قال النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”، وكان من آخر وصاياه قبل موته قال: “أوصيكم بالنساء خيراً”، أما الأولاد من الذكور والإناث؛ فإن عليهم واجب الإحسان إلى الأبوين وطاعتهما بشكل دائم، إلا إذا تعدى الوالدان الحدود الشرعية والأخلاقية، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”، لذلك نرى أن الاهتمام الكبير جداً ببناء الأسرة ورعايتها والمداومة على التربية في الأخلاق الحميدة، هي الواجب الأساسي في الإسلام، ولا يمكن أن يكون هناك مجتمع سليم وصحي وأخلاقي دون وجود تربية منزلية وأسرية، لذلك عندما ننظر إلى المجتمعات المتفسخة التي لا تعتني بالأسرة، والتي لا توجد فيها حدود ومحرمات ولا آباء ولا أبناء ولا أخوة ولا أخوات، والفاحشة فيها مستباحة، هي مجتمعات أقرب إلى التجمعات الحيوانية، لذلك الله سبحانه وتعالى خص المجتمعات المتدينة خاصة الإسلامية بجانب من الاحترام والأخلاق وبناء الأسرة النموذجية.