تزخر أرض الرقة والجزيرة الفراتية بمجموعة كبيرة من الآبار الأثرية القديمة، وهي تحمل إما اسم شخص ما، أو اسم المكان الذي هي فيه، كأن نقول بئر حنظلة، أو بئر المويلح، أو بئر القبور البيض.
وقد تم اكتشاف هذه الآبار إما عن طريق الصدفة أو من خلال عملية البحث والرصد من مربي الأغنام لسقيها أثناء فترة الهجرة المؤقتة بحثاً عن مساقط الماء والكلأ.
وهناك طريقة المسح الأثري للمواقع التي كانت في الزمن الغابر مستوطنات بشرية؛ وهذه الآبار المائية، وهناك أيضاً الآبار التكنزية وأخرى للحفظ، حيث نجد أيضاً الكثير ممن يمتهنون مهنة البحث عن الدفائن يعثرون بالصدفة على فجوة مليئة بالأعشاب والتي غالباً ما تكون منفردة، أو تكون قرب طلل أثري كأن يكون قصراً أو معبداً أو بقايا جدران مسجد من الفترة الإسلامية أو بالقرب من سور قلعة سيما تلك التي تعود بتاريخها للعصر الروماني، لهذه الآبار عمل وظيفي آخر، ولها أشكال هندسية متقنة وسأتناول البئر الرومانية التكنيزية، والتخزينية أنموذجاً. – للبئر الرومانية شكل وتكوين هندسي عرفت به منذ التكوين الأول، وقد تميزت البئر الرومانية بأشكال هندسية هي: #- البئر المربعة الفوهة: ودائماً تكون من الداخل ملفحة بالحجارة المشغولة بشكل جيد، ولها شكل مستطيل، وبشكل عام تتواجد مثل هذه الآبار، ضمن قرية مسكونة أو بالقرب من الأماكن الأثرية مثل، بئرا القبو الأثريتين جنوب مدينة الرقة والآبار الرومانية غربي دير الزور وفي محيط جبل عبد العزيز في الجزيرة الفراتية، ولهذه الآبار أعماق مختلفة، بعضها متران إلى الأربعة أمتار، ومثل هذه الآبار قليلة العمق تكون الغاية منه حفظ الأطعمة ووضع الأواني الفخارية الكبيرة المليئة بالحبوب ولهذه الآبار طبقات كلسية وبذلك تكون هذه الآبار تخزينية وليس تكنيزية؛ وذلك لأن مادة الكلس حافظة للبرودة.
– البئر المربعة المحفورة في الصخر: وتكون محدودة العمق بمترين فقط، وفي الأغلب تكون محفورة أمام المدافن المهمة، وذلك لذبح الأضاحي أمام المدفن وكذلك لغسل الموتى. اعتقاداً بغسل الذنوب وإكساب الميت قوة لاستقبال الحياة الجديدة.
– البئر المستديرة الشكل: غالباً ما يعثر عليها قرب جدار أو سور للقلعة، وقد تكون بعيدة عن جدار القلعة مسافة كيلو مترًا واحدًا. وقد تكون أقرب بكثير من ذلك، ولهذين النوعين من الآبار خاصية، فالبئر القريبة من جدار القلعة لها خاصية عسكرية تسللية للنجاة. وتكون البئر مزودة بمدخل في أسفله، فهي ليس تكنيزية بالمطلق. وهذا البئر ليست عميقة فهي محفورة في الصخر لها جوانب محفورة على أشكال هندسية مثل المربع أو المستطيل.
– البئر البعيدة عن جدار القلعة: في آخرها يوجد باب صغير يؤدي إلى الحجرة الملكية كونها بئراً مخصصاً للهرب أو لتهريب المؤن للقلعة، وعمقها ما يقرب من عشر أمتار.
– البئر الفوضوية: لا يتجاوز عمقها المتر ونصف المتر، مخصصة بالدفن بالجرار أثناء حرق الجثة ووضع الرماد فيها. وكثيرًا ما وجدت مدفونات الآبار الرومانية بحالة جيدة وتحتفظ بألوانها الأصيلة رغم مرور السنين الطويلة.