مدقق طارق
زاوية عين الحدث 486 ـ رفيق ابراهيم
العملية التركية في عفرين تعتبر احتلالاً لجزء من الأراضي السورية، ودخول حدود دولة أخرى فهو جريمة حسب نصوص القانون الدولي ومواثيقه، والقانون الدولي يمنع احتلال دولة لدولة أخرى أو لجزء من أراضي تلك الدولة. وتركيا الجارة تلاعبت بعواطف السوريين منذ اليوم الأول من ثورتهم السلمية لتسرقها فيما بعد، بتحريض من الأخوان المسلمين الذين تربوا في أحضانها ونهلوا من طغيانها وشربوا من مائها المسموم ومن ثم تمت عسكرتها، والغاية والهدف هو السيطرة التركية على سورية بشكلٍ غير مباشر وعبر الأشخاص الذين تختارهم ليكونوا خير خدم ينفذون أجنداتها، ويحققون لأردوغان وحكومته ما يصبون إليه من تبعية سورية لهم. ومن ثم عملت دولة الاحتلال التركي على تدريب وتقديم كل أنواع الدعم لهؤلاء الذين قدموا للسلطان العثماني الولاء والطاعة العمياء وتقبيل الأيادي والأقدام، إذا ما أوفت تركيا بوعودها بإسقاط النظام وتسليمهم السلطة وكرسي العرش في سورية، حيث كانوا يقولون ما هي إلا أيام معدودة وسيسقط النظام السوري وستكون السلطة في أيدي خدم وحشم أردوغان وستصبح سورية ولاية تركية بامتياز، بحيث تكون للحكومة التركية الصلاحيات المطلقة فيها. ولكن؛ غباء هؤلاء الذين امتهنوا السياسة ولا يفقهون ألف بائها من المعارضة وفي مقدمتهم الأخوان المسلمين، صدقوا وعود أردوغان وحكومته وكأنهم لا يعرفون تاريخ آل عثمان التتر، ذلك التاريخ الأسود في المنطقة وكيف بنوا دولتهم على أنقاض الشعوب والقوميات الأخرى. ولم يكونوا يوماً ما أوفياء مع من ساهموا في بقائهم من شعوب المنطقة. ومنذ أكثر من سبع سنوات والأتراك يكذبونبادعائهم أنهم سيسقطون النظام وها هم اليوم يُقرون صراحةً بأنه ليس لهم علاقة ببقاء الأسد أو رحيله، ويدَّعون أن الشعب السوري هو المخول بذلك، وهذا دليل دامغ على بيعهم لما يسمى المعارضة بأثمان بخسة وقد نرى في القريب العاجل فتح السفارة التركية في دمشق وتبادل الدبلوماسيين، بعدما اتفقت دولة الاحتلال التركي مع الروس على تقاسم الحصص في سورية. تركيا التي لعبت دوراً بارزاً في تسليم الفصائل المرتزقة التابعة لها سلاحها واستسلامها لأنها هددتهم بقطع المال والسلاح عنهم، ما لم يرضخوا لأوامرها. وبهذا تكون قد قضت على أحلام الأخوان وجميع الفصائل الإسلامية الراديكالية في بقاء ولو مدينة سورية واحدة تحت سيطرتهم، بعدما حققت ما أرادت بالتوافق مع الروس فاحتلت بدايةً جرابلس والباب وإعزاز ومن ثم إدلب بالتوافق مع جبهة النصرة، ومن ثم تم مقايضة عفرين بما حدث في الغوطة الشرقية، التي لم تتم نهاية مسرحيتها بعد وقد تكون درعا الوجهة القادمة كما يبدو من المعطيات التي تحدث على الأرض. إذاً فدولة الاحتلال التركي هي عدوة الشعب السوري بكلِّ أطيافه ومعتقداته وألسنته وما شاهدناه خير دليل على ذلك، وقد تتخلى تركيا عن مرتزقتها مرةً أخرى إذا ما حدثت تفاهمات بينها وبين القوى الفاعلة على الأرض السورية، ولكن هذه المرة ستكون الأثمان باهظة التكاليف، فأين هؤلاء من ألاعيب الدولة التركية التي لا يهمها من البيضة إلا لبَّها ولقد أُعذر من أنذر.