حصار سياسي واقتصادي بحق شعوب شمال وشرق سوريا، تتبعه دول الجوار على المنطقة، وحرب خاصة تستهدف وجودها؛ بهدف إفراغ المنطقة من ساكنيها، وتغيير ديمغرافيتها، وتجويع أهلها، ودفعهم إلى التهجير قسراً، ولا سيما من قبل دولة الاحتلال التركي في شنها هجمات احتلالية على المنطقة، وآخرها على مدينة المقاومة؛ كوباني، واستهداف المدنيين بمن فيهم الأطفال، واستهدافها للمدارس، ودور التعليم، والعبادة في المناطق المحتلة، مثل كري سبي، وسعيها لتطويق المنطقة من خلال اتفاقياتها مع الحزب الديمقراطي الكردستاني في باشور كردستان، بإغلاق معبر سيمالكا “فيشخابور” لقطع العلاقة بين جزأي كردستان، وفرض حصار على المنطقة كما ذكرنا آنفاً، وفي الوقت الذي يقوم فيه النظام السوري، بما يسمى بالتسويات مع العشائر العربية في مناطق شمال وشرق سوريا؛ لبث الفتن بين شعوب المنطقة، والنهوض ضد الإدارة الذاتية في سياسة واضحة، بشن حرب خاصة على شعوب المنطقة، وتحقيق مآربها في إعادة سيطرتها على المنطقة، عن طريق شيوخ العشائر؛ كون المنطقة عشائرية، ولكلمة وجهاء العشائر تأثير على أبنائها.
في المقابل؛ يقوم الإعلام المضاد “إعلام السلطة” بشن حرب إعلامية، وذلك بتضليل الحقائق الموجودة، ونشرها وإيصالها إلى الجهات المعنية، والرأي العام في تطبيق للسياسة نفسها، وتماشياً مع مصالح دولها الرأسمالية، وقلب المقاومة والنضال في المنطقة إلى عمل إرهابي، ويسعى إلى شرعنة الاحتلال التركي للمنطقة، ويأتي هنا دور القلم الحرّ المناهض لسياسة الأنظمة الاستبدادية، وإعلامها المضاد في نقل الحقائق، وإظهار ألوان المقاومة المختلفة لدى شعوب المنطقة، وكذلك تشهير سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وإظهار عداوة المحتل التركي وأطماعه في الاستيلاء على المنطقة، بعد احتلالها، وتبيان سياسة النظام السوري في العودة بالمنطقة إلى ما قبل الأزمة السورية.
والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان؛ إلى أي مدى استطاع الإعلام الحرّ، أن يصبح رداً لسياسة الحرب الخاصة، وأن يصبح صوت الشعوب…؟! وهل استطاع نقل معاناة أمهات السلام، وصبرهن، وترقبهنّ لاستلام جثامين أبنائهن الشهداء، دون وجل أو وهن، وهنّ صامدات، غير آبهات لبرد كانون، وثلوجه وصقيعه…؟ وهل استطاع أن يظهر حقيقة إغلاق معبر فيشخابور، والمساعي الحقيقية للحزب الديمقراطي الكردستاني في ذلك؟ وإلى أي مدى استطاع إعلامنا أن يظهر مساندة الشبيبة الثورية السورية لأمهات السلام في اعتصامهنّ، وترقبهنّ…؟، أاستطعنا-إلى اليوم-أن نوصل إلى المجتمع الدولي ماهية اعتداءات المحتل التركي، وممارساته على مناطقنا الآمنة على أنها دولة محتلة…؟! وهل أغنينا نشرنا بطابع مقاومة شعوب، تحدت معاناة التهجير، وألم الإبادة، وشظف العيش في المخيمات، من برد، وحرٍّ، ومن حرمانٍ من أقل مقومات الحياة؟ وهل استطعنا أيضاً أن نظهر بسالة قوات سوريا الديمقراطية المحتضنة لآلاف المقاتلين، والمقاتلات من شعوب المنطقة قاطبة، وذودهم عن الحمى في إطار الدفاع المشروع أمام هجمات المحتل التركي…؟!.
هل يا ترى؛ أفهمنا المجتمع الدولي، أن المحتل التركي يشن الهجمات، ويعتدي على شعوب آمنة مسالمة، ونحن ندافع، وأن المعادلة غير متكافئة البتة…؟!!
ما يتطلب من الإعلام الحرّ في شمال وشرق سوريا اليوم، ردّ سياسة الحرب الخاصة على شعوب المنطقة، من خلال إعداد مواد منوعة، ولافتة، والوقوف بجدية على الحقائق الموجودة على أرض الواقع، وإظهارها، وترك أثر، وكذلك توعية المجتمع بسياسة الحرب الخاصة الممارسة عليه، والتي يقع تحت تأثيرها آلاف الأشخاص، والسعي لكسر هذه السياسة، والتأثير في الرأي العام، وبالمقابل؛ ينبغي على شعوب المنطقة أيضاً، أن تكون على دراية تامة بالألاعيب، والمؤامرات المحاكة ضدها، وحماية أنفسها من الهجمات المختلفة، السياسية، والإعلامية، والعسكرية أيضاً.