سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

إلهام أحمد: “كل المؤشرات تؤكد نية الاحتلال التركي ضم المدن المحتلة إلى خريطتها”

أكدت رئيسة الهيئة التنفيذيّة لمجلس سوريا الديمقراطيّة إلهام أحمد أنّ الدولة التركيّة تسعى من خلال مخطّطاتها في ليبيا ومصر وشمال إفريقيا، لإعادة حدود الإمبراطوريّة العثمانيّة، وتستخدم داعش لتنفيذ تلك المخطّطات، وأشارت إلى أنها لن تستطيع تحقيق شروط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والسبب هو عقلية النظام الحاكم الاستيطانية.
جاء ذلك في لقاء خاص لوكالة فرات للأنباء معها حول الأزمة الليبيّة وتدخّلات الدولة التركيّة فيها، إلى جانب بيان الحكومة الألمانيّة حول تواجد الجيش التركي المحتل في سوريا وقمّة آستانا السادسة، بالإضافة إلى الأوضاع الأخيرة في إدلب.
أهدافها العدوانية أدت إلى قطيعة بينها وبين الدول العربية
في البداية تحدثت إلهام أحمد قائلة: “الدولة التركيّة انتهجت سياسة “صفر مشاكل” في علاقاتها الخارجيّة، لكنّها لم تلتزم بتلك السياسة لأمد طويل، حيث تحوّلت إلى سياسة اختلاق الأزمات، بداية مع دول الجوار، ومن ثمّ اتسعت لتشمل دولاً أخرى، ونرى كيف أنّ علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي تمرّ بأزمة يستعصي حلّها، حيث بات انضمامها للاتحاد مرهوناً بعدّة شروط لن تستطيع أنقرة تحقيقها بسبب عقليّة النظام الحاكم هناك. كما أنّها حاولت أن تصنع علاقات جيّدة مع الدول العربيّة باسم الإسلام، لكن ذلك لم يتوافق مع طموحاتها العدوانيّة، لذا قامت الدولة التركيّة بدعم مجموعات مرتزقة في سوريا وعلى رأسها داعش، هذا الأمر أزّم العلاقات بينها وبين الدول العربيّة، خاصّة بعد تدخّلها في الأزمة الليبيّة، هذا التدخّل الذي أزعج الدول الأوروبيّة أيضاً، التي بدأت بالتخلّي عن سياسة الرضوخ لتركيا رويداً رويداً.”
وتابعت إلهام أحمد بقولها: “إنّ هدف الدولة التركيّة من تدخلّها في ليبيا هو تطبيق حصار على الدول العربيّة في شمال إفريقيا إضافةً إلى تأسيس حدود بحريّة جديدة تمتدّ من سواحلها حتّى سواحل ليبيا، وبهذا الأمر ستتمكّن من قطع إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا. والدول العربيّة الأكثر تضرّراً من هذا المخطّط التركي هي مصر والإمارات والمملكة العربيّة السعوديّة، لذا نرى بأنّ هذه الدول تتحرّك لمواجهة مخطّطات تركيا. وتدعم كلٌّ من تركيا وروسيا طرفي الصراع في ليبيا، وهذا الأمر يعني أنّ الدولتين تتصارعان في ليبيا، لكنّ هذا الصراع لم يكن إلّا شكليّاً، حيث بتنا متأكدّين بأنّ أنقرة وموسكو متّفقتان في هذا الصراع، والهدف هو قطع خطّ الغاز الطبيعي والنفط عن أوروبا”.
المشروع التركي الاستيطاني يهدف إلى إعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية
وأشارت إلهام أحمد إلى “قيادة” تركيا للمجموعات الإسلاميّة المتشدّدة في الشرق الأوسط والعالم أجمع، وقالت: “تسعى الدولة التركيّة المحتلة إلى قيادة العالم الإسلاميّ السنّي بدلاً من السعوديّة، ونعلم بأنّ إيران هي من تقود العالم الإسلاميّ الشيعي. لذا؛ فإنّ أنقرة تدعم المجموعات المرتزقة السنّية في الدول العربيّة وغيرها كي تستلم زمام القيادة من المملكة السعوديّة، وهدفها الرئيسيّ من هذا الأمر هو إعادة إحياء الإمبراطوريّة العثمانيّة، لتصبح قوّة عالميّة أسوة بأمريكا وروسيا والصين ويكون لها نفوذ كبير في الدول العربيّة والإسلاميّة وتكون قادرة على تمرير مصالحها في الدول الأوروبيّة”.
وأردفت إلهام أحمد قائلة: “بعد أن تنبّهت أوروبا لحقيقة الاتّفاق بين روسيا وتركيا في ليبيا، وخطر هذا الاتّفاق على مصالحها، تحرّك عدد من دولها لمجابهة طموحات تركيا التوسّعية في شرق البحر المتوسّط، حيث رأينا كيف تحركت اليونان وقبرص بالتزامن مع موقف فرنسا التي طالبت أنقرة بتقديم إيضاحات حول مآربها، وأيضاً على الجانب العربي، رأينا كيف تحرّكت مصر، وهي دولة قويّة في المنطقة، وموقفها المجابه لتركيا كان له تأثير بين الدول العربيّة، التي تدعم قوّات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، وهذا التحرّك جاء بعد أن كشفت الدول العربيّة الأهداف الحقيقيّة لروسيا، التي تدعم حفتر. عندما رأت الدول العربيّة أنّ تركيا مصرّة على التحرّك نحو سيرت، المدينة الليبيّة الغنيّة بالنفط، أبدت مصر موقفاً صارماً؛ لأنّ سيطرة تركيا على هذه المدينة يشكّل خطراً حقيقيّاً على أمنها القومي، فأيّ مكان تتواجد فيه تركيا، يكون لداعش والمجموعات المرتزقة الأخرى حضور قويّ وفعّال فيه، وهذا الأمر هو خطر على أمن مصر، التي أعلنت قيادتها أنّ سيرت هي خطّ أحمر لا يمكن لتركيا أن تقترب منه، وما الضربات القويّة التي تلقّاها الجيش التركي إلّا دلالة على جدّية مصر في مواجهة مخطّطات الاحتلال التركي”.
قرارات آستانا تخدم مصالح الدول الثلاثة الراعية لها
وأشارت إلهام أحمد إلى بيان الحكومة الألمانية حول تواجد جيش الاحتلال التركي في سوريا قائلة: “لدى الدولة التركيّة تنظيم متماسك في ألمانيا، فهي تشرف على غالبيّة المساجد في ألمانيا، كما تقوم بتنظيم الحركات التي تنتهج الخطّ الإسلامي، وهذا الأمر يشكّل خطراً على أمن ألمانيا. لذا رأينا أنّ برلين باتت تتّخذ مواقف جدّية من مآرب تركيا. قبل أن تتدخّل الدولة التركيّة عسكريّاً في شمال وشرق سوريا وتحتلّ أراضٍ هناك، تمكّن الكرد من قيادة تحالف من شعوب المنطقة من القضاء على تواجد داعش الإرهابي، وهذا الأمر لم يتناسب مع مصالح تركيا، لذا تدخّلت عسكريّاً واحتلّت مدناً في شمال وشرق سوريا. نلاحظ بأنّ الاحتلال التركي لمدينتي سرى كانيه (رأس العين) وتل أبيض (كرى سبي) ترافق مع ازدياد قوّة الحكومة السورية في نقاط معيّنة من تلك المناطق، والحكومة الألمانيّة باتت تدرك مخاطر كلّ هذه الأمور على أمنها. لذا فإنّنا نفسّر مواقف برلين المعارضة لسياسات تركيا بشمال وشرق سوريا في هذا السياق”.
وبينت إلهام أحمد بقولها: “يعلم الجميع بأن حربَ مصالح بين عدّة دول كبرى تدور في سوريا، وفي هذا السياق، التقى كلّ من فلاديمير بوتين وحسن روحاني وأردوغان، في الثاني من تمّوز الجاري، في إطار اجتماعات آستانا السادس، وكان الاتّفاق الأبرز هو الذي استهدف إدارة شمال وشرق سوريا. ومن هنا ماذا يمكننا أن نفهم؟ منذ بدء اجتماعات آستانا لم نرَ أيّ قرار يخدم مصالح الشعب السوري، بل على العكس من ذلك تماماً، إذ إنّ كلّ عمليّات التهجير وما رافقها من تغيير ديموغرافيّ كانت من نتائج تلك الاجتماعات. نحن نؤكّد على الدوام أنّ الأهداف الحقيقيّة للدول الراعية لآستانا تتمحور حول تقسيم الأراضي السوريّة، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال كلّ هجمة عسكريّة تركيّة داخل سوريا، حيث كانت تعقب كلّ هجمة منها اجتماع في آستانا، وكلّ منطقة يدخلها الجيش التركي، تباشر أنقرة في فرض قوانينها وسياساتها فيها، على سبيل المثال ترفع أعلامها على الدوائر الرسميّة وتكتب عناوينها باللغة التركيّة، وتنشئ فروعاً للبريد التركي  PTT، إلى جانب تأسيس مدارس وجامعات باللغة التركيّة، هذه كلّها مؤشّرات على نيّة تركيا في ضمّ تلك المدن إلى خريطتها”.
واختتمت رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد حديثها بالتطرّق إلى الأوضاع الميدانيّة في إدلب، قائلة: “الوضع في إدلب لا يخصّ تركيا وحدها، هناك تأثير كبير للأمم المتّحدة وأمريكا على الأوضاع بالعموم في تلك المنطقة من الشمال السوري، وبقاء الوضع على حاله هو بسبب تدخّل أمريكا وأوروبا، حيث لم يكن مسموحاً لقوّات النظام السوري ومن خلفها روسيا وإيران بالتقدّم أكثر هناك، وهذا الأمر مرتبط بعدم رغبة أوروبا في حركة نزوح كبيرة من إدلب، ومعلوم أنّ تركيا تستغلّ اللاجئين كورقة ضغطٍ على أوروبا. الآن هناك هدنة هشّة في إدلب، لكن لا نعلم إلى متى ستصمد هذه الهدنة، الحكومة السورية وحلفاؤها يستعدّون لمعركة كبيرة، وفي المقابل، تحشد دولة الاحتلال التركي تعزيزات عسكريّة كبيرة استعداداً لعمليّة واسعة النطاق، وهذا مؤشّر على احتماليّة نشوب حرب كبيرة في تلك المنطقة”.