سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

إدلب معارك في الأفق وصفقات مشبوهة للاحتلال التركي

تقرير/ صلاح إيبو –

في الوقت الذي تسعى كلاً من روسيا وتركيا إلى تعزيز القدرات العسكرية لطرفي الصراع في إدلب، يقوم وزير الخارجية التركي بزيارة مفاجئة لمخيمات في ريف إدلب ويستقبله ممثلين عما تسمى حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام “جبهة النصرة”، وهذه الزيارة لها مدلولات سياسية لتسليط الضوء على وضع إدلب في الوقت الذي تزداد احتمالات قيام الجيش السوري وحلفائه الإيرانيين بعمل عسكري في جبل الزاوية جنوب إدلب.
 تعزيز الجبهات ورفع مستوى القدرات العسكرية
تحضيرات وتحشيدات في الريف الجنوبي لإدلب وتحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية، تُشير إلى نية الجانب الروسي الدفع نحو تصعيداً عسكري جديد، تحت ذريعة محاربة المجموعات المتطرفة من النصرة والحزب التركستاني وغيرها من المجموعات، في المقابل يستمر جيش الاحتلال التركي بزيادة تواجدها في المنطقة حتى بات عدد جنودها يتجاوز الـ28 ألف جندي مزودين بأحدث الأسلحة ومنظومة دفاع جوي، إذ استغل الطرفان فترة الثلاث أشهر الماضية، بتعزيز القدرات العسكرية لها في منطقة خفض التصعيد، القوات التركية كثفت من إدخالها للأرتال العسكرية للأراضي السورية خلال الأيام الماضية، حيث أدخلت أسلحة نوعية ومن ضمنها “مدافع ذاتية الحركة ودبابات متطورة ومدافع ثقيلة، ومنظومات صاروخية للدفاع الجوي صيرة المدى”، وبالتوازي زاد هيئة تحرير الشام والفصائل الجهادية المنضوية تحت لوائها من استعداداتها لمجابهة عسكرية مع جيش النظام السوري.
أما روسيا وإلى جانبها إيران، تتحضر لجولة جديدة من المعارك، والتي تصب اهتمامها على منطقة جبل الزاوية، قامت بتزويد قوات الحكومة السورية بطائرات حربية محدثة من طراز “ميغ 29″، ودبابات متطورة أخرى.
 مخطط تركي يهدف لترسيخ الاحتلال ودعم المتطرفين
للوهلة الأولى تبدوا السيطرة على جبل الزاوية وتأمين محيط اللاذقية حيث الاستثمارات الروسية الهامة هناك، هي أولى أهداف العمل العسكري المرتقب في إدلب، لكن وفق بعض المعطيات الميدانية وترابطها بوضع الشمال السوري المحتل من قبل تركيا، يبدوا أنه ثمة أهداف مخفية مشتركة بين تركيا وروسيا لمثل هذه العملية، إذ أشارت معلومات خاصة إلى قيام هيئة تحرير الشام بتحضيرات سرية لبناء مقرات وقواعد تدريب عسكرية في ريف عفرين بالتنسيق مع المخابرات التركية وبعض الفصائل المرتزقة لتركيا، ويأتي ذلك بالتزامن مع الحملة الإعلامية الموجهة من الإعلام المدعوم تركياً تجاه بعض الفصائل التي باتت عبئاً على تركيا ولاسيما بعد قضية النساء المختطفات في عفرين والتي أفرزت نوعاً من الضغط الإعلامي والشعبي في الداخل السوري ضد تركيا وأجنداتها المخفية في سوريا.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر خبراً عن لقاء جمع بين مسؤول تركي وبعض وجهاء عفرين، حاول المسؤول التركي تبرأة تركيا من الانتهاكات الحاصلة في عفرين وإعطاء الوعود بمحاسبة الفصائل، وهذا يدل على أن تركيا تخطط لإحداث تغيرات من الناحية العسكرية في عفرين، وربما في إدلب أيضاً واستبدال الفصائل المرتزقة فيها بأخرى، في إطار مخطط يهدف لتبيض صفحة تركيا التي تحتل عفرين والشمال السوري وربما استثمار ذلك في المستقبل السياسي للمنطقة وسبل ضم هذه المناطق إلى تركيا على غرار ما حدث في لواء إسكندرون، وكشف مركز توثيق الانتهاكات في الشمال السوري عن معلومات مشابهة قالت فيها ان دولة الاحتلال التركي تعمل على أقناع هيئة تحرير الشام والجولاني بنقل مقاتليه إلى عفرين، مقابل زيادة رقعة نفوذ حكومة الإنقاذ التابعة لها حيث يشمل إدلب وعفرين وربما المناطق المحتلة من قبل تركيا مستقبلاً، وهو ما يفسر الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية التركي واستقباله من قبل ممثلين عن تلك الحكومة، في حين سيتم تسليم إدلب إلى الجبهة الوطنية للتحرير المشكلة من قبل تركيا منذ سنوات وفتح الطرق التجارية بالتنسيق مع روسيا.
وارتفعت عدد النقاط التركية في منطقة “خفض التصعيد” إلى 62، بعد إنشاء ثلاث نقاط جديدة في كل من مرعيان ومعراتة وتفتناز بالريف الإدلبي، يأتي ذلك بعد وصول رتل تركي جديد نحو إدلب قبل يوم، مؤلف من 30 آلية تحوي معدات عسكرية ولوجستية، وتتزامن هذه التحركات التركية مع أخرى لقوات النظام السوري في محيط جبل الزاوية وريف اللاذقية وتزويد تلك الوحدات بدبابات متطورة.
ووفق هذه المعطيات، تبقى احتمالات نشوب معركة جديدة في إدلب قائمة، ويرى المراقبون أن تركيا تستعد لخوض معركة شرسة في الشمال السوري، في حال فشل الصفقات السياسية مع روسيا وهيئة تحرير الشام هناك، ويرتبط ملف إدلب بشكلٍ جزري مع المجريات السياسية والاقتصادية في الساحة السورية.