تقرير/ صلاح إيبو –
قال إداريون في عفرين إن الاحتلال التركي لن يدوم طويلاً في الأراضي السورية، وسيتم تحرير عفرين بجهود شعوبها، مؤكدين أن التوازنات الدولية والتي اعقبت احتلال تركيا لعفرين تغيّرت اليوم وبات الواقع مغايراً، وعلى ذلك لن تستطيع تركيا تجاوز الإرادة الدولية بشكلٍ منفرد لتنفيذ عدواناً مشابه لما حدث في عفرين.
وحول هذا الموضوع التقت صحيفتنا مع إداريو عفرين في الشهباء وكانت هذه اللقاءات.
ما حدث لعفرين لن يتكرر في المناطق الأخرى
بدايةً كان لصحيفتنا لقاءً مع عضو هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية بعفرين والشهباء محمد خضرو الذي حدثنا قائلاً: “إن احتلال تركيا لعفرين جاء نتيجة توافق بين روسيا وتركيا وصمت ضمني للتحالف الدولي، والهدف الروسي من دعمها لتركيا آنذاك كان الوصول إلى المياه الدافئة”، وتابع: “فبعد سقوط الطائرة الروسية وقتل السفير الروسي في تركيا، توقع الجميع تدهور الأوضاع ولكن ما حدث كان العكس؛ فروسيا وظفت هذه الأحداث لانتزاع مكاسب لها من تركيا”.
ونوه خضرو إلى دور تركيا في دعم المنظمات الإرهابية وقيم التطورات في ملف شرق الفرات بالقول: “الكل يعلم أن تركيا هي دولة تدعم الفصائل المتطرفة في الشرق الأوسط ويمثل الرئيس التركي الأب الروحي للإخوان المسلمين والتي تُعتبر الشريان للفصائل المتشددة في سوريا. وبعد احتلال عفرين عبر القوة العسكرية واستخدام تركيا التكنولوجيا المتطورة المدعومة من الناتو، لضرب الفكر الديمقراطي، حاولت بعد احتلال عفرين التمدد إلى شرق الفرات لإحداث فتنة بين المكونات في المنطقة وإعادة الأمجاد العثمانية عبر الفصائل السورية المرتزقة لها، وهنا شرق الفرات ليست عفرين نتيجة الوجود الدولي هناك وتباين المصالح المختلفة للقوى المهيمنة الدولية”.
وأشار محمد خضرو إلى أن تركيا اليوم أضعف من أن تقوم بعمل عسكري بشكلٍ منفرد وفي ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ورفض المعارضة للممارسات أردوغان وحكومته، كما أن الوضع الدولي لم يعد يساعد تركيا في اللعب على التناقضات بين أمريكا وروسيا. لذا؛ تحتاج تركيا إلى توافق غربي وروسيا في آن واحد للقيام بأي عمل عسكري في شرق الفرات، لكن هذا الشيء من الصعب تحقيقه في ظل التنافس الدولي في الشرق الأوسط حالياً.
وعن خيارات شعوب شمال وشرق سوريا في مواجهة التهديدات التركية، قال خضرو: “إن الخيارات متعددة، ومنها فتح قنوات دبلوماسية مع الدول الأوروبية التي لها باع طويل في ترتيبات الشرق الأوسط كفرنسا وبريطانيا وغيرها، وكذلك فتح قنوات مع دمشق للحفاظ على وحدة الجغرافية السورية؛ لأن توحد شعوب سوريا معاً هو جوهر المقاومة الوطنية ضد احتلال الدولة التركية”.
واختتم عضو هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية بعفرين والشهباء محمد خضرو حديثه بالقول: “إن مأساة عفرين لن تتكرر ثانيةً. لكن؛ العكس سيحدث قريباً، وسيتم تحرير عفرين، وهذه الفصائل التي تعاونت مع تركيا في العدوان على عفرين أدركوا ما يحدث على الأرض، واليوم بدأت بعضها بالابتعاد عن تركيا ولهذا السبب تتم التصفيات فيما بينها”.
التحالفات الجديدة بالمنطقة لا تصب في خدمة تركيا
وفي السياق ذاته؛ نوه عضو المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية الديمقراطية بعفرين المحامي إسرافيل باكير بأن تركيا لا تستطيع بمفردها القيام بأي اعتداء على شمال سوريا بقوله: “إن تطورات عدة شهدتها الأزمة السورية، ونلاحظ أن الذراع الداعم للقوى الإرهابية والمتطرفة قامت بتكوين تحالفات مع هذه القوى، واستخدمتهم كأداة لضرب القوى الديمقراطية وبالطبع نجحت لدرجة معينة في هذا الصدد، واحتلت بموجبها عفرين وهجرت أهلها. لكن؛ بالمقابل عقدت تركيا تحالفات مع إيران وروسيا، وهناك تحالفات أخرى مثل التحالف الدولي ضد داعش والتي شكلت قوات سوريا الديمقراطية جوهر هذا التحالف على الأرض، ومن هنا يبدو أن تركيا غاضبة جداً من نجاح هذه القوى الديمقراطية، وبهذا غيرت من أطروحتها وهدفها المنشود في دعم القوى المتطرفة بحجة تغير النظام في دمشق، واضمحل مقولات هؤلاء المعارضين انهم سيصلون في الجامع الأموي وبل توجهوا إلى عفرين في إشارة إلى أهداف تركيا غير المصرح بها في السيطرة على الشمال السوري عامة عبر اتفاقات مع روسيا وربما للنظام السوري باع في ذلك”.
وتابع اسرافيل حديثه بالقول: “وتشهد سوريا اليوم تحالفات جديدة مغايرة لما كانت قبل 2017، وحالياً التحالفات التي ستحدث بعد القرار الأمريكي في الانسحاب سيؤثر بشكل مباشر على مستقبل سوريا، أما أن تكون هذه التحالفات نصرة للفكر الديمقراطي ونشر الديمقراطية واللامركزية على أرض الواقع أو أن تكون سبباً في توسع القوى المتطرفة التي تدعمها تركيا”.
وعن فرص نجاح مشروع الأمة الديمقراطية قال باكير: “ما يحدث في العالم وعلى سبيل المثال في فرنسا، أحدث نوعاً جديداً في التفكير والرأي العام عبر التخيير بين الفكر المتشدد الداعشي أو الحياة الديمقراطية، وهذا يصب في خانة الدعم الدولي للفكر الديمقراطي. ‘ن شعوب الشمال السوري لم يراهنوا على الوجود الأمريكي؛ لأن المشروع المطروح من قبل الكرد كان قبل الوجود الأمريكي بكثير. لذا؛ قرار الانسحاب الأمريكي لن يؤثر على مشروع الإدارة الذاتية، وذلك نتيجة انخراط الفسيفساء الاجتماعية في الشمال السوري ضمن الإدارة وقوات سوريا الديمقراطية.
وفي نهاية الحديث أكد المحامي إسرافيل باكير حديثه فقال: “إن الأطماع التركية موجودة في سوريا منذ الأزل. ولكن؛ انتظرت الفرصة المواتية لاحتلال أجزاء من سوريا، وهنا يجب على الحكومة السورية والدول العربية التيقظ للمخططات التي تُحيكها تركيا بقيادة أردوغان وعليهم دعم المشروع الديمقراطية في الشمال السوري، والدلائل كثيرة على محاولة تركيا التغلغل في العالم العربي عبر شحنات الأسلحة المرسلة للمتشددين في ليبيا وادعاءاتها في السودان والهيمنة على قطر، وكذلك استغلال الفصائل الفلسطينية لغايات سياسية وتركيا هي الحليف الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة”.