سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

إجرام أردوغان الفاتح

أمين عليكو –
رغم وجود نحو أربعين مجموعة عرقية وسياسية متنوعة في تركيا؛ فقد كان الحديث عن الحقوق والقوميات محظوراً بالقانون والتطبيق، فتركيا تسعى إلى ممارسة سياسة الغطرسة ــ وخاصة بحق الشعب الكردي وغيره من الشعوب الأخرى والقوميات والإثنيات المختلفة، وأيضاً المجازر التي ارتكبتها الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى بين عامي 1914-1918 بحق الأقليات، الأرمنية والعربية… بكل انتماءاتهم القومية ـــ وهدفها الأساسي إعادة إحياء أمجاد إمبراطورتيها الحالمة؛ الإمبراطورية العثمانية بقيادة السلطان أردوغان الفاتح.
فمنذ إعلان الجمهورية التركية رفضت الحكومة الاعتراف بالوجود الكردي وخاصة عَقِب الحرب العالمية الأولى، حيث تشكلت الهيئة الوزارية الكردية وقدَّمت مقترحات لحل القضية الكردية وكان أهمها منح كردستان الاستقلال الذاتي، التي لاقت قبولاً بين الدول المنتصرة وتم التوقيع عليها في معاهدة سيفر 1920م حيث كانت أهم بنودها الاعتراف بإقامة كيان كردي، ولكن مصطفى كمال أتاتورك استطاع الالتفاف على هذه الاتفاقية وإقناع جميع الأطراف الداخلية الكردية والخارجية الدولية في تأجيل هذا المشروع إلى وقت لاحق، وامتد هذا العداء للكُرد على مدى عقود عدة في تركيا وأكمل أردوغان المَسِيرَةَ بسياسته الوحشية والاحتلالية والعدوانية المعادية للكرد وعدم الاعتراف بالوجود الكردي ضمن الحدود التركية وخارجها.
إن ديمقراطية أردوغان تجاه حزب الشعوب الديمقراطي HDP من اعتقالات لبرلمانيين انتخبوا عبر صناديق الديمقراطية مثل الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دمرتاش مع عدد من زملائه النواب، تحت مسمى الإرهاب، وغيرهم العديد من الشخصيات التي تنادي بالعدالة والديمقراطية، إلى اغتيال شخصيات نادت بالديمقراطية أمثال المحامي طاهر آلجين إلى رئيس بلدية جزيرة بوطان محمد توجان، إلى إغلاق أفواه الإعلام التي تعادي ديمقراطيته المزعومة، بالإضافة للأساليب الوحشية التي تلجأ إليها الشرطة التركية من قمع المظاهرات (سجن – قتل – نفي الكثير…. والكثير من الأعمال الإرهابية) التي تنادي بالحرية والمساواة بين الشعوب وخاصة ضمن إطار الدولة التركية، وحول رئيس النظام التركي الإرهابي تركيا إلى سجن كبير حيث نفذ حملة اعتقالات في عموم البلاد أودع خلالها عشرات الآلاف من الأتراك في السجون، وفي نفس الوقت نجده يتباكى على فلسطين وروهينغا، ويعلو صوته منادياً بالديمقراطية استغلالاً لعواطف الشعوب، وخاصة الشعوب العربية والإسلامية (تحويل آيا صوفيا إلى جامع).
وامتداداً لسياسته المعادية تجاه الكُرد نرى كيف يستميت أردوغان لإيجاد موطئ قدم له ومهاجمة مشروع الأمة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، احتلال (عفرين وسري كانيه وتل أبيض).
فيما يخص سياسة التحالفات غيرت تركيا سياستها تجاه بعض الدول وخاصة التي كانت على عداء معها، ونجد ذلك واضحاً في العلاقات القوية الآن بين تركيا وكلٍ من روسيا وإيران حيث تحسنت علاقاتها معهما بشكل ملحوظ في سبيل تحقيق مصالحها العنصرية، وتقديم حدود بلادها باتجاه مناطق الكرد وتغيير ديمغرافية المنطقة لصالحها، وفي نفس الوقت خالفتها العديد من الدول بسياستها الحالية وخاصة تجاه الكرد في شمال سوريا وعلى رأسهم الدول العربية (مصر، السعودية، الإمارات…إضافة إلى بعض دول أوروبية).
في ضوء ما سبق نجد التناقض واضحاً في سياسة الحكومة التركية ورئيسها أردوغان فهو يدعي أنه يتبع سياسة ديمقراطية، لكنه لا يطبق منها شيئاً وخاصة تجاه الأقليات داخل حدود دولته ناهيك عن الكُرد، الذين يُعتبرون القومية الثانية من حيث العدد، ويشكلون أكثر من 20% من مجموع سكان تركيا. لذلك لن ينجح أردوغان في إنهاء القضية الكردية وخاصة بعد أن أصبحت قضية عالمية تجاوزت حدود ملف أمني يُتداول بين غرف الحرب الخاصة لدى حكومات الدول التي تحتل كردستان .
ولم يعد هناك مجال لتجاهل حقوق شعب عريق مثل الشعب الكردي، والذي أخذ قراره بالدفاع والوقوف خلف قواته العسكرية والسياسية حتى تحقيق الديمقراطية والعدالة بين جميع شعوب المنطقة، وليس ديمقراطية أردوغان الداعشي الذي يسعى إلى تطبيقها، وفي ظل المرحلة الحرجة التي يمر بها العالم والمنطقة بشكل خاص بسبب الحرب ضد الإرهاب وجائحة كورونا والأزمات الاقتصادية، فالتغيرات السياسية المتهورة لأردوغان ونظامه هذا أصبحت تركيا وحكومتها في زاوية مغلقة.