برَعت “أيلم عبيد” من مدينة ديرك في الغناء وتمتلك صوتاً كردياً دافئاً تموج معه في عالمها الخاص، وتجد فيه منفساً لتعبر عن ذاتها وأحلامها الوردية.
الموسيقا والغناء لغتا الإنسانية، وتعدان خير معبر عن الواقع وماهية الإنسان وتكويناته الداخلية، فالموسيقا من الفنون المهمة التي تغوص في كينونة الإنسان، وتحول أحاسيسه إلى لغة ومشاعره إلى نغمات موسيقية.
في مدينة الياسمين الكردية ديرك الفتاة الشابة واليافعة “أيلم عبيد” خمسة عشر عاما، تمتلك موهبة فطرية في الغناء، وصوتاً شجياً ذا خامة مميزة، أيلم الفتاة التي تواجه قساوة الحياة ومشقتها بالغناء، وتعبر عن مشاعرها من خلال إيصال صوتها، فقدت والدها وهي طفلة في العاشرة من عمرها، وتحمل مع أختها الكبرى مسؤولية عائلتها بعد رحيل الأب وتدهور حالة والدتها الصحية.
بالرغم من تعلقها بالدراسة تركت المقاعد الدراسية بعمر 12 عاماً لصعوبة ظروفها الشخصية، وبدأت العمل في مول المرأة لتساعد والدتها، التقت صحيفتنا “روناهي” أيلم عبيد، والتي حدثتنا: “اكتشفت موهبتي في الغناء بعمر صغيرة، وورثت ذلك عن والدي، ووالدتي كنت أغني مع والدي في الكثير من الأوقات وكذلك في المدرسة، عائلتي هي من شجعتني في البداية وعززت ثقتي بنفسي، وبموهبتي لذا انضممت أنا وأختي لفرقة “الفتيريا” في المركز الثقافي في ديرك، والتي ساعدتني في تنمية موهبتي في الموسيقا والغناء، والتعرف على طبقات الصوت، ولكن لظروفي الخاصة تركت الفرقة اليوم”.
شاركت أيلم خلال فترة انضمامها لفرقة “الفتيريا” في عدة مهرجانات وحفلات من عام 2022 لغاية عام 2024 إلى جانب مشاركتها في كليب غنائي للمرأة، وآخر يحمل اسم الفرقة، التي شاركت فيها وتجد في هذه التجارب الفرصة، التي صقلت موهبتها، وقربتها أكثر من عالم الموسيقا.
الفن الكردي
تأثرت أيلم عبيد بعدد من الفنانين الكرد أمثال شاكرو وسيدا برنجيك وبيتو جان: “أغني المواويل الكردية التراثية القديمة والتي تشتهر بها منطقتنا، وأميل لأغاني الكريلا فهي تبث في روحي الحماس، فعلاقتي بالفن والغناء علاقة وطيدة هي ملجأي في وحدتي وانكساري وفرحي”.
رؤية أيلم للأغنية الفلكلورية
تحلم أيلم بأن تعيد أمجاد الأغنية الكردية الفلكلورية وتؤكد بأن حلمها هذا هو رسالة ستعمل عليها: “أطمح ليصل صوتي وموهبتي للجميع، وأن يرى الجميع أوجاع وطننا وقضيتنا”.
تسعى أيلم لتعلم العزف على آلة العود وتُمني النفس بأن تساعدها ظروفها ووقتها في ذلك: “رحلتي في عالم الموسيقا لا تزال في بدايتها، أشق طريقي رويداً رويدا، أستغل أي فرصة في الإبحار في عالم الموسيقا الكردية غناءً وعزفاً، أريد أن أصبح فنانة شاملة”.
إلى جانب غناء أيلم باللغة الكردية فهي تجيد الغناء باللغة العربية والتركية، وتؤكد بأن الموسيقا عالم وبحر واسع لا يستطيع مواجهة أمواجه إلا من آمن بنفسه وموهبته.
أيلم الفتاة، التي وجدت نفسها بين وطن يتعرض لمحاولات إبادة وعنصرية من جهة، وحياة خاصة لم تتكلل بالورود كما يجب، فتاة شغفت بحب وطنها وعائلتها وموهبتها، واجهت ظروفاً صعبة بعد فقدان عرابها، الذي كان يقدم لها الدعم والثقة، واليوم وبخطوات ثابتة تعمل بشغف في تنمية موهبتها وتحقيق أحلامها.