منذ تأسيس السلطنة العثمانية في عام 1299 وسقوطها على يد كمال أتاتورك وتأسيسه للدولة التركية الحديثة المزعومة في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1923 وإلى يومنا هذا، تمارس الدولة التركية القتل والاحتلال والنهب والتشريد بحق شعوب ودول المنطقة دون توقف وتحاول جاهدة إعادة الميراث العثماني، وعلى وجه الخصوص الميثاق الملّي.
وازدادت ممارسات هذه الدولة أكثر خلال الـ 30 سنة الأخيرة، وبالأخص بعد سيطرة حزب العدالة والتنمية على الدولة التركية الذي يتبع نهج الإخوان المسلمين وميراث الإمبراطورية العثمانية، حيث، زادت من تدخلاتها ومن خلق الفتن واليوم تخلق الصراعات حول الحدود البحرية والبرية في الشرق الأوسط.
الجدير بالذكر أنه في عام 1982 تم إبرام اتفاق دولي رسمت بموجبه خريطة للحدود البحرية بين البلدان ، إلا أن الدولة التركية لم تلتزم بالاتفاق، وتستمر في انتهاكاتها. حيث تقوم بخرق الحدود مع مصر واليونان وقبرص، وبدأت بالتنقيب عن مصادر الطاقة في البحر المتوسط. ليس ذلك فحسب، فمن أجل شرعنة تدخلاتها قامت بإبرام اتفاق مع حكومة السراج في ليبيا، حول المساعدات العسكرية والأمن البحري. هذا الاتفاق لم ترضَ عنه القوى الإقليمية والدولية، لأنه يخالف القوانين الدولية ويزيد من الخلافات بين الدول المطلة على ساحل البحر المتوسط، وكذلك زادت من تعقيد الأزمة الليبية.
لتحقيق مصالح العثمانية الحديثة، وبذريعة أن ليبيا جزء من الميراث العثماني، قام أردوغان باستخدام حكومة السراج لهذا الغرض، وأكثر من ذلك ولتحقيق أهدافه استخدم الإسلام السياسي بشكل جيد، وحوّل تركيا إلى حاضنة للتنظيمات الإرهابية، احتضنت عناصر داعش الذين فرُّوا من “شرق الفرات” وأعاد تنظيم صفوفهم ودمجهم بأسماء مختلفة مع تنظيمات “السلطان مراد، الشرقية، الجيش الوطني، الحمزات، سليمان شاه وغيرها.
كما قام بافتتاح شركة سادات لتدريب المرتزقة وإرسالهم إلى مناطق الحروب، وقام بإرسال الآلاف من هؤلاء المرتزقة إلى ليبيا، والآن يقاتلون إلى جانب حكومة السرَّاج ضد الجيش الليبي.
بتدخل تركيا عسكرياً في ليبيا حولّها إلى أزمة دولية، والتي عُقدت من أجلها عدة اجتماعات، وكان الهدف الأول من هذه الاجتماعات قطع الطريق أمام التدخل التركي في ليبيا، ورفع يدها عن ليبيا وكل البحر المتوسط حيث تحاول تركيا السيطرة على الطرق ومصادر الطاقة فيه.
إن التدخلات التركية في كل المنطقة تجري تحت مظلة الإسلام السياسي وبمساعدة قطر التي تربط بينهما أيديولوجية راديكالية مشتركة، ألا وهي أيديولوجية الإخوان المسلمين؛ التي أصبحت مصدراً للإرهاب، والتي تعتبر بريطانيا مهندستها.
من المعروف أن بريطانيا قامت في عام 1940 بشكل رسمي بتقديم الدعم لهذه الحركة لخلق جيل جديد من المسلمين الراديكاليين “الأصوليين” واستخدامهم وسيلة ضد الحركات العلمانية والشيوعية التي تعتبرها بريطانيا عدوة لها، والآن أصبحت تركيا مركزاً لهذه الجماعة؛ مما جعل من تركيا المركز الرئيسي للجماعات الإرهابية؛ التي أدخلت المنطقة في الفوضى وفي حرب مفتوحة.
دون شك إن أهداف الدولة التركية من انتهاكاتها وتدخلاتها بالأخص في ليبيا والمنطقة تتمحور حول ما يلي:
ـ التغطية على الاحتلال والنهب والتغيير الديموغرافي التي تمارسها تركيا في شمال وشرق سوريا.
ـ وضع يدها على مصادر الطاقة والبترول في ليبيا.
ـ من أجل منع انهيار حكومة السراج للحفاظ على مصالح تركيا، قامت بتحويل الأزمة الليبية إلى أزمة دولية على غرار سوريا.
ـ احتلال مساحة واسعة من المياه الدولية، للوصول إلى الشواطئ الليبية.
ـ فتح شركات في ليبيا عن طريق حكومة السراج، للمساعدة في ازدهار الاقتصاد التركي المنهار.