من نتائج الحرب العالمية الأولى؛ انهيار الدولة العثمانية، وأراد مصطفى كمال أحد قادة جيوش الدولة العثمانية المنهارة الاحتفاظ بدولة تركيا على أنقاض الدولة العثمانية، فقام بتهديد البعثة التي أرسلها السلطان إلى محادثات سيفر عام 1920، والذين وقَّعُوا باسم السلطان على الوثيقة التي تنص على تقسيم تركيا الحالية إلى عدة دويلات، منها أرمينيا وكردستان وضم مناطق إلى اليونان ومناطق نفوذ لإيطاليا وإنكلترا… ودولة تركيا في منطقة الأناضول حول أنقرة، مصطفى كمال هدد البعثة في حال العودة إلى تركيا بأنه سيقوم بإعدامهم، وبذلك انسحب من اتفاقية سيفر وهيّأ لاتفاقية لوزان الموقّعة في 24/7/1923 والتي أقرَّت حدود الجمهورية التركية الحالية، والتي أنكرت كردستان والشعب الكردي.
ومنذ ذلك الوقت والدولة التركية تُحارِب أي مشروع أو حقوق للشعب الكردي بدءاً من ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925 وثورة آكري عام 1930 وثورة ديرسم عام 1937.
وبعد تأسيس حزب العمال الكردستاني عام 1978 ومقاومات السجون عام 1982، بدأ الحزب يُحضِّر لقفزة 15آب 1984. ولقطع الطريق أمام هذه الحملة التاريخية قامت الدولة التركية عام 1983 بقصف مناطق وجبال في جنوب كردستان، تلك الجبال الحدودية التي انتشر فيها أعضاء حزب العمال الكردستاني قبل حملة 15 آب بالاتفاق مع الحكومة العراقية بالتدخّل في العُمق العراقي حتى /50/ كم، ومنذ ذلك الوقت والدولة التركية استهدفت جنوب كردستان لآلاف المرات، تارةً بالتنسيق مع حكومة بغداد، وغالباً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وبالأخص عائلة البرزاني؛ بهدف مُعلن وهو القضاء على حزب العمال الكردستاني، لكننا نعلم أن الهدف الخفي والحقيقي للدولة التركية بشكلٍ عام والحكومة الحالية المتمثلة في حزبي AKP و MHPبشكلٍ خاص هو تحقيق حلم وهدف الدولة التركية ألا وهو “الميثاق الملي” الذي وقّعه مصطفى كمال في البرلمان التركي في أنقرة عام 1920 والذي ينص على ضم أراضي في سوريا والعراق بدءاً من جبال اللاذقية غرباً إلى حلب والموصل فكركوك شرقاً، إلى الدولة التركيّة. لذلك؛ فالدولة التركية تُحارب كل ما هو كردي، ومن المفارقات أنها تعتمد على الكُرد العملاء لها، والذين تُسميهم بالكرد الجيدين، ونحن نعلم بأنه متى ما تم القضاء على الكرد المتمردين “الإرهابيين” بنظر الدولة التركية، فستقوم بالتخلّص من الكُرد الجيدين. وهذا ما تم بشكلٍ واضح لا لبس فيه في موضوع الاستفتاء الذي قام به مسعود البرزاني عام 2017 عندما قال رجب طيب أردوغان بأنه سيغلق الصنبور الذي يتنفس منه جنوب كردستان ويقصف المعابر في حال قيام البرزاني بالاستفتاء وخاطبه قائلاً بأنه زعيم عشيرة ولا يصلح لقيادة دولة.
كذلك؛ فإن الدولة التركية كانت السبّاقة للتدخّل في الشأن السوري عام 2011 مع بدء الحراك الجماهيري السلمي في سوريا المطالب بالديمقراطية، وكان الهدف الأساسي منع تحقيق أي مكسب سياسي للشعب الكردي؛ كما حصل في جنوب كردستان، وقام بما تسمى بثلاث عمليات عسكرية في شمال سوريا واحتل أجزاء واسعة بدءاً من عفرين غرباً إلى “سري كانيه” شرقاً والهدف الأساسي من هذه الهجمات أينما كانت سواء في غرب كردستان أو جنوبه هو القضاء على مكتسبات الشعب الكردي. إذ كرر معظم الزعماء الأتراك القول إنه لو قامت خيمة للشعب الكردي في جنوب أفريقيا سيقومون بتدميرها، لذلك على الشعب الكردي في جميع الأجزاء أن يتحد سياسياً وعسكرياً لمواجهة العنجهية التركيّة والحفاظ على المكتسبات التاريخية في جنوب كردستان وروج آفا.