روناهي/ قامشلو- على الرغم من العنف وأهوال الحرب التي تعرّضَ لها أهالي سري كانيه/ رأس العين والتهجير القسري الذي فُرض عليهم من قِبل الاحتلال التركي, لكن مقاومتهم لحين العودة رد مؤكد على إصرارهم بأنهم مستمرون في النضال متأملين بالعودة القريبة لمناطقهم.
كان المدنيين العُزّل أول ضحايا القصف الوحشي الذي شنه الاحتلال التركي على مناطق شمال وشرق سوريا وعلى وجه الخصوص مدينة سري كانيه/ رأس العين, التي شهدت موجة نزوح وتهجير قسري مع بدء الهجوم في التاسع من شهر تشرين الأول من العام المنصرم، وخلال فترة قصيرة وصلت الأعداد إلى آلاف الأشخاص منهم نساء وشيوخ وأطفال إلى المناطق البعيدة هجروا قسراً نتيجة الممارسات الوحشية للاحتلال ونزحوا إلى المناطق الأكثر أماناً.
يقاومون في وجه كل ما يُعيق إيمانهم
الحياة بالنسبة لأهالي سري كانيه في مخيم واشو كاني الواقع غربي مدينة الحسكة الذين توافدوا إليه بعد الاحتلال التركي على المدينة تستمر إثباتاً لمقاومتهم, وبالرغم من الظروف القاسية التي مروا بها لازالوا يبدون مقاومة في وجه كل ما يعيق إيمانهم بالعودة إلى ديارهم, وحول ذلك قامت صحيفتنا باستطلاع لآراء النازحين الذين بدأوا بالعمل ضمن المخيم كخطوة إيجابية في المواصلة والمقاومة, حيث ألتقينا بالمهجّرة قسراً من مدينة سري كانيه ميديا شكري وهي أم لطفلين, والتي أوضحت بأنها بدأت العمل فور وصلوها إلى المخيم وتوفر الإمكانيات لديهم, حيث جعلت من خيمتها الصغيرة مرجعاً لتوفير بعضاً من متطلبات المهجرين, وأيضاً للمساعدة في سد نفقات عائلتها, حيث قالت: “هجرنا قسراً من بيوتنا وتركنا ورائنا كل ما نملك, كان هذا الوضع صعباً بالنسبة لنا من احتلال أراضينا وسلب بيوتنا وتشتت لعوائلنا, لكننا منذ مجيئنا للمخيم ونحن ندير أمورنا بأنفسنا، ونلبي متطلباتنا من خلال عمل يعود بالنفع علينا وعلى كل من في المخيم, فكل منا كان يملك داخله حب المواصلة وعدم الاستسلام للظروف المفروضة علينا, والكثيرين باشروا وساهموا بالعمل لإنشاء سوق في المخيم إلى أن أصبح متكاملاً وأصبح يحتوي على كل مستلزماتنا المعيشية اليومية”.
تأمين متطلبات عوائلهم كان الدافع الأساسي لهؤلاء الأهالي للبدء بأعمال صغيرة كي يستطيعوا مواجهة النزوح القسري الذي تعرضوا له، وللإثبات بأن العودة قائمة لا محالة، مؤمنين بعد الاستسلام للاحتلال.
أعمال صغيرة لكنها ذات طابع كبير
مقاومة أبناء سري كانيه كانت قائمة منذ البداية بالدفاع عن أنفسهم، وبعد أن هجروا قسراً لا تزال إرادتهم قوية، ويؤكدون بأنهم مستمرين بالرغم من كل الصعوبات والظروف المعيشية الصعبة، وظهر ذلك برغبتهم في مواصلة عملهم ضمن المخيم كي يتمكنوا من المواصلة وإدارة أوضاعهم المعيشية بأنفسهم.
واجه أبناء سري كانيه التهجير من خلال مواصلة عملهم، لينسوا بها همومهم وظروف الحرب التي واجهوها, كل شخص منهم كان له مهنة في مدينته لذا بدأوا بالعمل بها لأنهم وصلوا إلى قناعة بأن الجلوس دون عمل لن يوفر لهم سبل العيش.
“بدأ كل منا بعمل خاص به، وافتتحنا مشاريعنا الصغيرة، مثل محلات البقالة والأحذية والملابس, لتلبية احتياجاتنا واحتياجات المهجرين مثلنا، ليشكل عملنا دافع لعدم الرضوخ للواقع الذي يدفعنا للاستسلام”, هذا ما أكده خضر إبراهيم وهو أيضاً من أبناء مدينة سري كانيه الذي تابع بالقول: “العمل هنا مستمر بشكل جيد, إلا أن الشيء الوحيد الذي ينقصنا هو أننا لا نشعر بالانتماء سوى لسري كانيه مدينتنا وملجئنا منذ الطفولة, وحاجتنا في العودة لسري كانيه تفوق حاجتنا لكل شيء، لذلك نحن مستمرون في مقاومتنا، وإن طالت بنا السنوات هنا سنظل نقاوم حتى أن نعود لسري كانيه، فنحن على أمل العودة إلى أرضنا قريباً”.