إيمان العليان
على امتداد التاريخ، شكّلت سوريا فسيفساءً جميل من التنوع الإثني والثقافي، حيث عاش العربُ والكرد جنباً إلى جنب في نسيجٍ اجتماعي متناغم. هذا التنوعُ الثريّ في الهوية السوريّة لم يكن يوماً مصدرَ ضعفٍ، بل كان وما يزال مصدرَ قوةٍ وغنىً ثقافي، يميّز سوريا عن غيرها.
في المدن والقرى السوريّة، تمتزجُ الثقافتان العربية والكردية في تناغمٍ فريد. في الجزيرة السوريّة وعفرين وكوباني، تتعانق اللغتان العربية والكردية، وتتشابك العاداتُ والتقاليد في نسيجٍ اجتماعي متين، فالدبكةُ الكردية تتناغمُ مع الدبكة العربية، والأغاني الشعبية تروي قصصَ تاريخٍ مشترك.
رغم محاولات القوى الغربية لزرع الفتنة وتقسيم المجتمع السوري على أسسٍ عرقية، تبقى الهويةُ السوريّة بشعوبها العربية والكردية أقوى من كلِّ المؤامرات؛ فالتاريخ المشترك والمصيرُ الواحد يجمع السوريين بكلّ أطيافهم وانتماءاتهم.
الثقافةُ السوريّة، بغناها وتنوعها، تُشكّل درعاً منيعاً في وجه محاولات التفتيت والتقسيم، فالمطبخُ السوري يجمع بين النكهات العربية والكردية، والملابس التقليدية تعكس تنوعاً ثقافياً فريداً، والحِرف اليدوية تروي قصة شعبٍ مُتحد- رغم تنوعه.
في المناسبات الاجتماعية والأعياد، يحتفل السوريون معاً، عرباً وكرداً، في مشهدٍ يجسد وحدة المصير والانتماء. نوروز ليس عيداً كردياً فحسب، بل أصبح مناسبةً يحتفل بها الجميع، كما أنّ الأعيادَ العربية والإسلامية تجمع كلّ السوريين.
التراثُ الثقافي السوري غني بإسهامات الشعبين العربي والكردي، فالقصصُ والحكايات الشعبية تتناقلها الأجيال، والموسيقا التقليدية تمزج بين الألحان العربية والكردية في تناغمٍ بديع.
في المدارس والجامعات السوريّة، يتعلم الطلابُ جنباً إلى جنب، يتشاركون المعرفة والطموحات، ويبنون معاً مستقبلاً مشتركاً. هذا التفاعل اليوميّ يعززُ الوحدة الوطنية ويقوي الروابط الاجتماعية.
العلاقاتُ الاقتصادية والتجارية بين مختلف المناطق السوريّة تعكس كذلك الترابط العميق بين الشعوب المجتمعية، فالأسواق تجمع التجّار من كلّ الخلفيات، والمنتجات تتنقل بين المدن والقرى في شبكةٍ اقتصادية متكاملة.
رغم التحديات التي تواجه سوريا اليوم، يبقى السوريون، عرباً وكرداً، متمسكين بوحدتهم الوطنية وهويتهم المشتركة، فالهوية السوريّة أكبر من أن تُختزلَ في انتماءٍ عرقي واحد، وأقوى من أن تُقسّم بمخططاتٍ خارجية.