سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أنامل صغيرة وشغف كبير.. أطفال يحثون الخُطا نحو حلم عظيم

قامشلو/ دعاء يوسف –

ثلاثة فنانين صغار، رسموا مواطن لحياة كمرآة عبر لوحاتهم، فعكسوا هموماً، وانتكاسات عاشوها، أعمال جسدت معاناة وانتصارات، لكنهم بروح وهمة شبابية، يسيرون نحو المستقبل، فتسابق طموحاتهم خطا أقدامهم نحو الحلم، فهل سيكون طريقهم صعباً كسابقيهم، أم أن يد العون ستنتشلهم؟
العالِمُ يكتشف، أما الفنان فيبدع، يرسم عالماً تزينه الألوان، فتتراقص الريشة بين يديه؛ فتمتزج روحه مع الخطوط، والمنحنيات، التي أبدعتها أنامله، وإن بحثت في الأرجاء عن مجتمع حر، ستجد روح الفن، التي لا يمكن كبتها، متجلّية فيه، كما يُعد الفنان موثقاً للتاريخ بلوحاته، وقد اتخذ الفنانون الصغار من معاناة ومُشكلات مجتمعهم محوراً لأعمالهم الفنية، فصوروا ويلات الحرب بأجسادهم الصغيرة، فكان الغد والأمل الحيز الأكبر في أعمالهم.
ثلاثة فنانين عشقوا الرسم منذ نعومة أظفارهم؛ فتتناغم أناملهم الصغيرة، مع ريشة الفن، رسموا الطفولة والشباب، رسموا المستقبل، الذي يحلمون به، ولم تنسَ ريشتهم شهداء الحرب، فجسدوا في مستقبلهم الجمال، والألحان، ولونوا الحروف والكلمات، فابتعدوا عن صخب الواقع، منتقلين إلى المستقبل، معلقين لوحاتهم البريئة على جدرانه، ولم ينسوا الماضي العريق، فطبقوا الماضي والمستقبل والحاضر قصيدة تعزفها الروح.
وخلال تسليطنا الضوء على هذه الفئة الصاعدة، واللوحات، التي تخطها أيديهم الغضة، التقينا ثلاثة رسامين بدؤوا السير أول الطريق نحو الحلم، بعد أن جذبتنا لوحاتهم في معرضهم الأول، والذي كان بدعوة من مجموعة أحلام صغيرة، والتي اهتمت بهذه المواهب، وسعت لأن يكون لرسوماتهم حيزاً في معرضها الصغير ذي الأحلام الكبيرة.

 

 

 

 

 

 

 

لوحات تحكي المستقبل
دليار عبد الجبار أحمد، رسم لوحة تعبر عن الحرب والدمار، وعن الظلم، الذي حل في سوريا، وبالرغم من ذلك تقبع في منتصف اللوحة مجموعة نسائية، تكاتفت، وتوحدت لتشكل تنظيماً قوياً، معبراً بذلك عن الوحدة والديمقراطية، التي تشكلت بفضل الثورة، وقد رسم أجساد هؤلاء النسوة بلون أبيض معبراً عن السلام، الذي سينتشر بفضل المرأة، ولم تنسَ لوحته شهداء الوطن، الذين سيبنون مستقبل الوطن بدمائهم، فيضرب بريشته اللون الأحمر فوق سواد الحرب، لوحة حكت ألف حكاية، جاعلاً للألوان لساناً ينطق.
حدثنا دليار أحمد عن حبه للفن، وتعلقه به منذ صغره: “ولدت لأكون فناناً يرسم المستقبل، يروي حكاية جيل لاقى الويلات، فنحن أجدر من يروي هذه القصص، نشأنا في داخلها، إلى أن الحرب لم تنل من روحنا النَدية، بل نحن من ينهيها بفننا، الذي يحمل آلامها وقسوتها، ليطغى الأمل، والمستقبل المشرق على الألم”.
وتابع: “بدأت الرسم منذ الصف الثالث، وقد أُعجبت معلماتي برسوماتي الطفولية، التي كانت تسبق أقراني، فتلقيت المدح والتشجيع ليخلق لدي الشغف في التقدم، وتعلم المزيد، فبدأت بملاحقة الحلم، تسبقني طموحاتي بأميال”.
ومع سعي دليار أحمد لتعلم الرسم، سجل في مركز مالفا للفنون والثقافة، فسارع بالالتحاق بهم، وزاد: “تلقيت دعماً مضاعفاً هناك، وكان الأستاذ ريزان ميشو خير داعم لي للاستمرار”.
واختتم الفنان التشكيلي دليار أحمد حديثه عن الصعوبات، التي واجهته: “مستلزمات الرسم، أنها أساس الفنان، ولكننا لا نستطيع توفيرها، ولا توجد مؤسسات تساعدنا على توفير هذه المواد؛ ما يعيق تقدمنا، فلا نجد من يقدر موهبتنا، ويعطينا الاهتمام”.

 

 

 

 

 

 

حلم الطفولة يتحقق
ولم يختلف هايدي أحمد ذو خمسة عشر ربيعا عن دليار أحمد، فقد بدأ الرسم منذ الصف الأول، فرسم أفلام الكرتون، ورسومات بسيطة، فازدادت عمقا وجمالاً مع مرور الوقت، فوقفنا نتأمل لوحة رجلٍ؛ معالم وجهه غير بادية، وكأنها فيض من الأفكار، التي تداخلت فتشكل دوامات، وبجانبها لوحة رسمت بعنوان أين المفر؟ جمعت تكاتف الشعوب في وجه حرب، لن تدوم.
وبين لنا هايدي أحمد، أنه تعلم الرسم في مركز مالفا أيضاً، بدعم من أهله وأصدقائه، ولا سيما عمه، الذي كان الداعم الأساسي له.
ونوه في ختام حديثه إلى أن المواهب الغضة مثلهم بحاجة إلى رعاية كبيرة: “رغم الصعاب، التي واجهتني لم أتوقف يوماً عن الرسم، بل كانت دافعاً، وحافزاً حتى أكمل، وأتمنى أن يتلقى الشبان مثلنا الدعم لتنمية مواهبهم، لأننا رسامو روج آفا، ومؤرخو المستقبل”.

“من لا ماضي له لا يربطه بالحاضر شيء”
حصان توسط ورقة بيضاء، رسمت خطوطه بدقة، فامتزج بالأصالة والشموخ، لوحة قدمتها مروة ياسر محمود ذات ستة عشر عاماً، في أول معرض تشارك فيه، فنانة صغيرة كغيرها تسعى للتغيير، والإبداع مع الحفاظ على الماضي، وجمال التاريخ العريق.
وحدثتنا مروة عن بدايتها في الرسم: “هذا أول معرض لي، قدمت فيه لوحتين، وبالرغم من أني أرسم منذ الصف الخامس، لم تسنح لي الفرصة لتقديم إبداعي، فلوحتي مرتبطة بعراقة الماضي، فمن لا ماضي له لا يربطه بالحاضر شيء”.
مروة تتمنى أن يُنظر إلى إبداع الشباب بعين الاهتمام أكثر، فالرسامون الصغار يعانون من التهميش: “نحن في بداية الطريق، وبحاجة إلى تحفيز، وتشجيع لا تحطيم للآمال، فمجموعة أحلام صغيرة، أعطتنا الفرصة لنروي بلوحاتنا أحلامنا، التي تكبر، وأتمنى أن يزداد الاهتمام بنا”.