قامشلو/ دعاء يوسف –
ثلاثة فنانين صغار، رسموا مواطن لحياة كمرآة عبر لوحاتهم، فعكسوا هموماً، وانتكاسات عاشوها، أعمال جسدت معاناة وانتصارات، لكنهم بروح وهمة شبابية، يسيرون نحو المستقبل، فتسابق طموحاتهم خطا أقدامهم نحو الحلم، فهل سيكون طريقهم صعباً كسابقيهم، أم أن يد العون ستنتشلهم؟
العالِمُ يكتشف، أما الفنان فيبدع، يرسم عالماً تزينه الألوان، فتتراقص الريشة بين يديه؛ فتمتزج روحه مع الخطوط، والمنحنيات، التي أبدعتها أنامله، وإن بحثت في الأرجاء عن مجتمع حر، ستجد روح الفن، التي لا يمكن كبتها، متجلّية فيه، كما يُعد الفنان موثقاً للتاريخ بلوحاته، وقد اتخذ الفنانون الصغار من معاناة ومُشكلات مجتمعهم محوراً لأعمالهم الفنية، فصوروا ويلات الحرب بأجسادهم الصغيرة، فكان الغد والأمل الحيز الأكبر في أعمالهم.
ثلاثة فنانين عشقوا الرسم منذ نعومة أظفارهم؛ فتتناغم أناملهم الصغيرة، مع ريشة الفن، رسموا الطفولة والشباب، رسموا المستقبل، الذي يحلمون به، ولم تنسَ ريشتهم شهداء الحرب، فجسدوا في مستقبلهم الجمال، والألحان، ولونوا الحروف والكلمات، فابتعدوا عن صخب الواقع، منتقلين إلى المستقبل، معلقين لوحاتهم البريئة على جدرانه، ولم ينسوا الماضي العريق، فطبقوا الماضي والمستقبل والحاضر قصيدة تعزفها الروح.
وخلال تسليطنا الضوء على هذه الفئة الصاعدة، واللوحات، التي تخطها أيديهم الغضة، التقينا ثلاثة رسامين بدؤوا السير أول الطريق نحو الحلم، بعد أن جذبتنا لوحاتهم في معرضهم الأول، والذي كان بدعوة من مجموعة أحلام صغيرة، والتي اهتمت بهذه المواهب، وسعت لأن يكون لرسوماتهم حيزاً في معرضها الصغير ذي الأحلام الكبيرة.
لوحات تحكي المستقبل
دليار عبد الجبار أحمد، رسم لوحة تعبر عن الحرب والدمار، وعن الظلم، الذي حل في سوريا، وبالرغم من ذلك تقبع في منتصف اللوحة مجموعة نسائية، تكاتفت، وتوحدت لتشكل تنظيماً قوياً، معبراً بذلك عن الوحدة والديمقراطية، التي تشكلت بفضل الثورة، وقد رسم أجساد هؤلاء النسوة بلون أبيض معبراً عن السلام، الذي سينتشر بفضل المرأة، ولم تنسَ لوحته شهداء الوطن، الذين سيبنون مستقبل الوطن بدمائهم، فيضرب بريشته اللون الأحمر فوق سواد الحرب، لوحة حكت ألف حكاية، جاعلاً للألوان لساناً ينطق.
حدثنا دليار أحمد عن حبه للفن، وتعلقه به منذ صغره: “ولدت لأكون فناناً يرسم المستقبل، يروي حكاية جيل لاقى الويلات، فنحن أجدر من يروي هذه القصص، نشأنا في داخلها، إلى أن الحرب لم تنل من روحنا النَدية، بل نحن من ينهيها بفننا، الذي يحمل آلامها وقسوتها، ليطغى الأمل، والمستقبل المشرق على الألم”.
وتابع: “بدأت الرسم منذ الصف الثالث، وقد أُعجبت معلماتي برسوماتي الطفولية، التي كانت تسبق أقراني، فتلقيت المدح والتشجيع ليخلق لدي الشغف في التقدم، وتعلم المزيد، فبدأت بملاحقة الحلم، تسبقني طموحاتي بأميال”.
ومع سعي دليار أحمد لتعلم الرسم، سجل في مركز مالفا للفنون والثقافة، فسارع بالالتحاق بهم، وزاد: “تلقيت دعماً مضاعفاً هناك، وكان الأستاذ ريزان ميشو خير داعم لي للاستمرار”.
واختتم الفنان التشكيلي دليار أحمد حديثه عن الصعوبات، التي واجهته: “مستلزمات الرسم، أنها أساس الفنان، ولكننا لا نستطيع توفيرها، ولا توجد مؤسسات تساعدنا على توفير هذه المواد؛ ما يعيق تقدمنا، فلا نجد من يقدر موهبتنا، ويعطينا الاهتمام”.