تروي أم عفرينية معاناة عائلتها التي تضم زوجها الذي أصيب بمرض نفسي، وابنها الشاب الذي خلق أبكما ومعاق ذهنياً، بالإضافة لرعايتها والدة زوجها البالغة من العمر 110 أعوام، وزاد على معاناتهم انتهاكات مرتزقة الاحتلال التركي لهم قبل وبعد احتلال عفرين.
قصة عائلة الأم أمينة سيدو من أهالي قرية قسطل جندو التابعة لناحية شرا في مقاطعة عفرين من إحدى القصص التراجيدية الاجتماعية والتي زاد من آلامها انتهاكات وهجمات جيش الاحتلال التركي ومرتزقته لمنطقتهم وتهجيرهم من ديارهم.
تروي الأم أمينة البالغة من العمر 51 عاماً، معاناة عائلتها المؤلفة من زوجها الذي أصيب بمرض نفسي منذ 8 أعوام ولم يعد مؤهلاً للعمل ورعاية العائلة و3 أولاد أحدهم أبكم ومعاق ذهنياً، بالإضافة إلى والدة زوجها المسنة البالغة من العمر 110 أعوام، وكلهم يحتاجون إلى رعاية خاصة. وبدأتها بسرد قصة ابنها آراس محمد أصغر أخوته والذي ولد أبكماً ومعاق ذهنياً البالغ من العمر حالياً 26 عاماً.
تقول أمينة: أنه وفي عام 2017 خرج آراس من القرية وتاه وبحثنا عنه طويلاً ولم نجده، ثم حصلنا على معلومات تفيد بأنه توجه إلى مدينة إعزاز واختطفه مرتزقة تركيا هناك، وتواصلنا كثيراً مع أناس في إعزاز ليأتوا لنا بمعلومات عن آراس ولكن لم نحصل على أية معلومة تفيد بمكان وجوده، واختفى بهذا الشكل عاماً كاملاً”.
وأضافت الأم أمينة: بعد مرور كل ذلك الوقت دون سماع أي خبر عن آراس لم نعد نملك أمل في أن يكون على قيد الحياة، ولكن بعدها أخبرنا بعض أقاربنا في مدينة حلب بأن آراس لازال حياً وموجود في أحد مشافي مدينة حلب منذ قرابة 6 أشهر دون أن يتعرف أحد عليه ونشر بعض العاملين في المشفى صوره على مواقع التواصل الاجتماعي وتعرف عليه أقاربنا وأخبرونا بذلك، وحينها توجه أخوه الأكبر خليل محمد إلى حلب وبحث عنه حتى وجده في إحدى المشافي الحكومية في حلب، وكان وضعه الصحي سيئاً للغاية وعلى جسده آثار تعذيب وحشي، وعرفنا بعدها أن مرتزقة تركيا بعد أن مارسوا بحقه أبشع أنواع التعذيب ومن بينها تمزيق جسده باستخدام “الخازوق العثماني” وجرح أذنيه وجسده بالسكين، رموه بين الأراضي الزراعية القريبة من مناطق الشهباء، وأسعفه أحد الأهالي إلى مشافي حلب”.
وبعد أكثر من 6 أشهر لتلقي العلاج في المشفى والشفاء من الجروح، عاد آراس إلى عائلته في عفرين ولكن زادت حالته العقلية والنفسية سوءاً جراء تعرضه للتعذيب الوحشي، بحسب ما أكدته الأم أمينة.
وتابعت أمينة قصة معاناتهم مع بدء هجمات جيش الاحتلال التركي ومرتزقته على عفرين بتاريخ الـ20 من كانون الثاني 2018 وحينها تعرضت قريتهم للقصف المكثف ما أجبرهم على النزوح وتوجهوا صوب قرية ماشله التابعة لناحية شرا والبقاء هناك يومين ليطال القصف تلك القرية أيضاً، لينزحوا هذه المرة إلى قرية سينكو في ذات الناحية ومن ثم إلى مركز مدينة عفرين، وبعد قصف الطيران للمدينة خرجوا مع باقي الأهالي من المدينة وتوجهوا صوب مقاطعة الشهباء والاستقرار في أحد المنازل بقرية بابنس.
ثم تطرقت الأم أمينة إلى معاناتهم العائلية بعد النزوح، مشيرة أنه وبعد تهجيرهم من منزلهم وتركهم كل ممتلكاتهم وأراضيهم وجهد عقود من العمل والتعب خلفهم في عفرين، تحمل وهي وابنها خليل مسؤولية رعاية العائلة، قائلة:” لدينا بالإضافة إلى آراس الذي يحتاج لرعاية خاصة وأدوية باستمرار، زوجي الذي أصيب فجأة بمرض نفسي قبل 8 أعوام وأصبح منطوياً على نفسه ولم يعد قادراً على العمل ورعاية العائلة، وهو بحاجة أيضاً إلى معاملة خاصة حتى لا يزداد وضعه تدهوراً، ولكن بعد نزوحناً وقلة الإمكانيات نلاحظ أن حالته بدأت تسوء ويزداد انطواؤه ولا يوجد هنا في الشهباء أطباء نفسيين يمكنهم مراقبة حالة زوجي ومعالجته، ما يزيد الضغوطات على كاهلنا”.
ونوهت أمينة أن ضمن عائلتها أيضاً والدة زوجها المسنة البالغة من العمر 110 أعوام وهي الأخرى تعاني من الكثير من الأمراض وبحاجة للرعاية والأدوية.
وأشارت أن مجلس مقاطعة عفرين أمنت لهم الكهرباء والمياه وبعض المواد الغذائية والإغاثية، أما الهلال الأحمر الكردي فيقدم لهم ما يتوفر لديها من أدوية، ولكن غالبية الأدوية التي يحتاجها زوجها وابنها آراس غير متوفرة لديهم، فيما لا توجد أي منظمة إنسانية أو طبية تقدم الدعم والمساعدة لأهالي عفرين في الشهباء المحاصرين من كافة الجهات.
وختمت الأم أمينة سيدو حديثها بالقول :”كل ما نحتاجه نحن وكل أهالي عفرين المقاومين في مناطق الشهباء هو تحرير أرضنا والعودة إلى منازلنا وممتلكاتنا، والخلاص من الاحتلال التركي ومرتزقته”.