No Result
View All Result
المشاهدات 1
نوري سعيد –
كل ما يقال من أنَّ الحرب الكونية على الأرض السورية هي تصفية حسابات بين القوى العظمى بما فيها الإقليمية غير صحيح، ولو كان الأمر كذلك لرأينا تطبيقاته عملياً، بل هي ألاعيب وتقاسُم للنفوذ فيما بينهم حسب قوة كلِّ طرف، بدليل عندما أسقطت تركيا الطائرة الروسية قدّم أردوغان اعتذاراً لروسيا وعبَّر عن ندمه لأن مهمة الدول الفاعلة الأربعة أمريكا وروسيا وتركيا وإيران إنما تنحصر في تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد (الكبير) الذي يدعو لجعل اسرائيل الدولة المهيمنة الوحيدة في المنطقة من خلال تأجيج النزاعات المذهبية والطائفية والقومية حتى نبقى متخلفين فكرياً وتقنياً ليسهل عليهم نهب خيراتنا، في ظل غياب دور المثقفين في مجتمعاتنا وتقاعسهم في توعية الجماهير، ففي القمة التي عقدت بين بوتبن وترامب في هلسنكي أكد الطرفان حرصهما على أمن دولة اسرائيل، فلماذا إذن الحديث عن تصفية حسابات فاللعبة مكشوفة والمخطط مرسوم قبل عشرات السنين، والشيء الذي جعل الأزمة السورية تستمر كل هذه السنوات لأنَّ الشعب السوري هو الوحيد بين شعوب المنطقة الذي لم تستطع اسرائيل إركاعه ولهذا كان لا بدَّ لهذا الشعب بكافة أطيافه ومكوناته أن يدفع الثمن غالياً ويجب ترويضه وإخضاعه في النهاية، وهذا هو لبُّ الموضوع، بعد أن تمكنت اسرائيل من تأمين حدودها مع لبنان والأردن، وإلا لماذا كل هذا الدمار والخراب والقتل في سوريا؟!
إن المأساة السورية فاقت كل مآسي شعوب المنطقة وهنا نسأل: في أي دولة من دول الربيع العربي وصل عدد المهجرين والنازحين إلى 13 مليوناً والقتل إلى ما ناف على المليون؟! وفي أيٍّ منها بلغت نسبة تدمير المدن إلى 80% كما حصل في كوباني وحلب والرقة ودير الزور؟! سوريا كانت العقبة في وجه الصهيونية. لهذا؛ كان لا بدَّ من تحويلها إلى دولة لا حول لها ولا قوة.
إن الحرب الكونية في سوريا ليست حرباً بين القوى العظمى والإقليمية على الأرض السورية، بل هي حربٌ كونية على سوريا؛ على شعوبها ومكوناتها بإيعاز صهيوني، والدليل لم يحدث أي احتكاك بين تلك القوى عسكرياً رغم مرور سبع سنوات على الأزمة لأن لاهمّ لها سوى إضعاف المنطقة وسوريا بالأخص وخلق حالة من عدم الاستقرار واعتبار نفسها فوق الجميع وكلمة نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خير دليل على ذلك. إذ؛ كان يخاطب الحضور وكأنَّهم تلاميذٌ ويطالبهم الاقتداء باسرائيل من حيث الابتكار والتطور ونسي أنه يُمثِّل كياناً توسعياً شرَّد شعباً بأكمله وأقام دولته على الأرض الفلسطينية، كما لا تحلق طائرة روسية في سماء سوريا إلا ويصرح بوتين بأنَّه يراعي المصلحة الاسرائيلية! ومع ذلك يصرح المراقبون بأن حرباً باردة تدور بين الجبارين! أين الحرب الباردة هذه؟! إنها مجرد مسرحيات وتلفيق ونفاق. من هنا وانطلاقاً مما سبق علينا كسوريين أن نثبت لكلِّ هؤلاء المتآمرين على وطننا أننا لم ولن نركع ولا سبيل لنا لتجاوز ما نحن فيه وما يخطط لنا إلا بالحوار السوري – السوري وفي دمشق حصراً وتكريس الثقة والجديَّة فيما بيننا والتوحُّد خدمة للمصلحة الوطنية، وعدم استقواء أي طرف بأي جهة خارجية، والمطالبة بخروج القوات الأجنبية كافة من دون استثناء لأنَّ شعوب سوريا ومكوناتها قادرة لوحدها ومن دون أي دعم من أي أحد أن تلحق الهزيمة بالإرهاب والتفرُّغ لبناء سوريا ديمقراطية لا مركزية وصياغة دستور جديد بمشاركة الأطياف والمكونات كافة يرعى حقوق الجميع وبضمانة الأمم المتحدة ولسنا بحاجة لتصوغ لنا أية جهة دستوراً وكفانا صراعاً لأنَّنا في النهاية كلُّنا سوريون، وسوريا كانت مهد الحضارات ولا بد أن نترجم انتماءَنا الوطني بإعادة مجد سوريا الغابر وطن المحبة والأحرار والتعايش الأخوي المشترك وعلى الأطراف كافة تقديم التنازلات حتى نصل إلى اتفاق ووضع حدٍّ لأزمتنا التي نعاني منها جميعاً، وبغير ذلك سوف يضيع الوطن الذي بذلنا جميعاً في سبيل بنائه كلَّ غالٍ ونفيس، ولن نرضى بأيِّ شكلٍ كان أن نكون سبباً في ضياعه.
No Result
View All Result