سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أسلوب المحاورات في الإسلام

محمد القادري_

تتميز المحاورات في الحياة الاجتماعية بالأهمية القصوى في إرساء الأمن والأمان والعيش المشترك للمجموعات البشرية على وجه الأرض؛ لأن الفكرة تعطي الكلمة، والكلمة تعطي الفعل، لذلك أسلوب المحاورات والنقاشات والمجادلات له تأثير كبير في الحياة اليومية، وقد اهتم الإسلام بهذا الجانب وأشار إليه بقوله: “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”، أي أن الإنسان المسلم يجب أن تخرج الكلمة الطيبة دائماً من فمه وعلى لسانه، حتى تبني مجتمعاً أمناً ليس فيه صراعات ومشاحنات، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه” رواه البخاري ومسلم . ، وعند المجادلات والسجالات الكلامية، كان يلتزم بقوله تعالى: “وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ”، ومن الأسس الراقية والعادلة للمجادلات والحوارات، هو الانقياد للحق والحقيقة عند بيانها بأمره تعالى “ولا تقولوا على الله إلا الحق”، وأيضاً المثال في الصدق والأمانة حينما جاءت المرأة تجادل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاءت الآيات بما قالت المرأة، وقرأها النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم على أصحابه وأهل بيته في سورة “المجادلة”، ذلك مثال عظيم لإظهار الحقيقة، وعدم التكبر عليها، حيث أن هناك حوارات ومناقشات ومجادلات تحدث في أيامنا هذه على أرض الواقع، وعلى قنوات التواصل الافتراضي، ونرى أنها جدالات وحوارات عقيمة؛ لأن الأطراف متمسكة ومتشبثة برأيها، ومتحجرة في ذهنيتها، لا تستطيع قبول الحقيقة، إن ظهرت عكس ما تريد، وهذا هو السبب الأساس في عدم التوصل إلى حلول عبر المناقشات، فتقوم الأطراف باستعمال الأسلحة وفرض رأيها على الآخر بالقوة والسيطرة، المهم في الأمر هو النية التي تعقد لأجلها الحوارات والنقاشات سواءً كانت فردية أو جماعية؛ لأنها لن تعطي نتائج مرضية، ويقول سبحانه وتعالى: “لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا”.