لا يزال وفاة رئيس جهاز المخابرات العامة في حكومة الوفاق الوطني الليبي اللواء عبد القادر التهامي يكتنفها الغموض حيث تشير مصادر مقربة من التهامي إلى تورط القيادة العسكرية التركية فيها، على خلاف ما أفادت تقارير وسائل الإعلام الموالية للسلطات التركية حول “أزمة قلبية مفاجئة.
ليس سراً بأن قرار رجب أردوغان بانطلاق التوغل التركي في ليبيا وتقديم الدعم العسكري لحكومة الوفاق كان يسعى لهدفين: الهدف الأول تحقيق المصالح التركية السياسية في المنطقة والهدف الثاني تحقيق المصالح الاقتصادية، وفقاً لمصادر في المخابرات الليبية، وصلت إلى ليبيا فرق الخبراء الأتراك المتعددة المكلفة بإجراء بحوث جيولوجية على الشاطئ وفي المياه الإقليمية منذ بداية التوغل التركي، كما أشارت المصادر إلى أن هذه الفرق تعمل بسرية كاملة وجميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إثارة الشكوك من قبل السلطات الليبية وإدانة المجتمع الدولي.
بالإضافة إلى بحث عن حقول غاز على الجرف القاري الليبي حيث تشارك تركيا بنشاط في تهريب النفط عبر الميليشيات والمرتزقة الموالية لها، وكشفت المصادر أن رئيس أركان الجيش التركي ياشار غولر يشرف على دراسات حقول النفط الليبية وتهريب النفط، كما يدير قائد القوات التركية في ليبيا متين غوراك التعاون مع الميليشيات ويراقب طرق المواصلات والبنية تحتية المستخدمة لنقل النفط إلى تركيا وأوروبا.
لقد اكتسبت تركيا خبرة في إنتاج النفط غير القانوني خلال سنوات من نشاطها في سوريا وإنتاج النفط السوري وتهريبه داخل الأراضي التركية ثم إلى أوروبا بمساعدة المجموعات المسلحة الموالية لها، وتقول مصادر متعددة إن ابن الرئيس التركي رجب أردوغان هو مسؤول عن هذه النشاطات غير القانونية.
لدى ليبيا مخزونات نفط وغاز أكبر بكثير مما تمتلكها سوريا، ولا عجب أن النخبة الحاكمة التركية بدأت تطويرها بكل حماس، تشير المصادر إلى أن وفاة رئيس المخابرات الليبية في الظروف الغامضة قد تكون متعلقة بصراع على السلطة بين الميليشيات الليبية المتورطة في تجارة النفط، تصبح القيادة العسكرية التركية قوة جديدة في سوق النفط الليبي بفضل وسائلها المتعددة والقاسية من بينها تصفية المنافسين. من جانبها، زعمت بعض وسائل الإعلام العربية على أن التهامي قُتِلَ على يد الميليشيات الموالية لتركيا، بسبب اكتشافه عن نشاطات أنقرة في سرقة الموارد الطبيعية الليبية ومحاولته بمكافحة هذه النشاطات قبل اتخاذ “تدابير جذرية” من قبل الأتراك.
يبدو أن تركيا تواجه صعوبات مالية خطيرة بسبب نفقاتها الضخمة على العمليات العسكرية وفيروس كورونا، مما يجبرها على سرقة موارد طبيعية في الدولة المغمورة بالحرب، يسعى الرئيس التركي لمصادرة القليل الذي لا يزال في ليبيا بعد سنوات من الحرب الأهلية تحت القشرة الرقيقة من اللهجة الطنانة حول “مساعدة حكومة الوفاق” من أجل تحقيق أكبر فائدة من مغامراته الخارجية. من المعروف أن رجب أردوغان يبذل جهوده لإعادة مجد “الإمبراطورية العثمانية” ولكن في ليبيا يسعى إلى التطفل على مواردها الطبيعية عن طريق التلاعب بحكومة الوفاق الفاسدة التي أسست شرعية للتوغل التركي في ليبيا.