على قناة ذات هوى إخوانجي تركي تُبث على تردد علماني أوروبي، تابعت جانباً من أول صلاة جمعة تقام في ثاني احتلال لكاتدرائية آيا صوفيا. من محمد الفاتح إلى أردوغان الكاسح (كاسح ألغام احتلال المقدسات)، تاريخ حافل بما يغضب الله بكل شرائعه: سفك للدماء وهتك لأعراض الشرفاء الودعاء، اغتصاب وإرهاب، سلب ونهب، تنكيل لا يأبه بأنّات ولا بعويل.
بعد سجال ملأ فضائيات الشرق والغرب، لم يخلُ من الصراخ والنباح والتسفيه والتشويه والتسطيح والتطبيل والتخوين والتكفير، اختار أردوغان – فضح الله سره – ذكرى التوقيع على معاهدة لوزان في الرابع والعشرين من تموز عام ١٩٢٣، الافتتاح الرسمي للفتح الثاني لآيا صوفيا وهو احتلال مهما زوروا التاريخ والعقائد.
ولأنه قرار سياسي، حزبي انتخابي أكثر منه قومي وطني، اختارت زبانية سلطان العثمانيين الجدد آيات بعينها في حفل الافتتاح الذي جاء في هيئة صلاة جمعة. ومن كل آيات الذكر الحكيم حرص زلم القبضاي وحريمه على اختيار سورة الفتح وفي ركعة أخرى كانت آيات تتحدث عن فتح بيت الله الحرام.
طبعاً لا تحل البركات دون تلاوة خاصة بلا كمامة بصوت المقرئ رجب طيب أردوغان الذي قطع زيارته إلى الولايات المتحدة قبل سنوات بعدما رفض القائمون على بيت عزاء أسطورة الملاكمة الأمريكي الذي اعتنق الإسلام في شبابه محمد علي كلاي ومات على الشهادتين، رفضهم السماح لأردوغان بتلاوة القرآن على روح كلاي، فجنّ جنونه وانسحب من مجلس العزاء، قافلاً بخفي حنين إلى سلطنته الأورو-آسيوية! وبعيداً عن الغلّ الذي يميز صدور البعض، أقدم عزائي لِدُعاة حوار الأديان بكل مفرداته الترقيعية التجميلية من تعايش أو عيش مشترك، وأقول: تذكروا هذا اليوم التاريخي، تذكروه في يوم ليس ببعيد، سيتم فيه تحويل دار عبادة أو مكان مقدس في مكان ما من إمبراطورية العثمانيين القدامى بقرار محكمة عليا في دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة، حينها سيكون لسان الحال، الملكية بوضع اليد وأحياناً بالقدم..
وحتى لا ننسى، لا بد من الرجوع سنوات خلت، عندما قام مجموعة من الشباب “البريء والغيور” بمبادرة “تطوعية” بأخذ سجادة تركية مزركشة وإقامة الصلاة داخل “متحف” آيا صوفيا على وقع فلاشات كاميرات “بلهاء” لم يحسنوا قراءة المشهد.
تلك “المبادرة العفوية”، اتضح بعد بضع سنين أنها لم تكن سوى تمهيد لعمل أردوغان تقبله الله في ميزان أعماله..
الديّان هو الله وحده، والتاريخ سيكشف ما جرى التوقيع عليه عام ١٩٢٣ في لوزان السويسرية وملاحقها السرية قريباً.. فـ ”تشبّثوا” على رأي نجمينا الحبيبين الراحل نضال سيجري وباسم ياخور في “ضيعة ضايعة”!