أكد المنسق العام للتحالف الوطني أحمد أعرج أن التوافق الدستوري بين الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا والنظام السوري التي يجب أن تغير نظرتها لمستقبل سوريا، هو المَخرج الأمثل للحفاظ على أمن ووحدة الأراضي السورية، وإظهار زيف الادعاءات التركية وفضح سياستها الاستعمارية في سوريا والمنطقة برمتها. وأضاف: “إن هذا التوافق يفضي لإيجاد صيغة عامة للحل السوري وتعميم تجربة الإدارة الذاتية على الوضع السوري التي تضمن حقوق المكونات في سوريا عامةً. دخلت تركيا في نفق مظلم بعدائها غير المبرر للتجربة الديمقراطية في شمال سوريا، وربما هناك ثمة وجود توافق ضمني روسي أمريكي على تحجيم الدور التركي في المنطقة”.
جاء ذلك في الحوار التي أجرته صحيفتنا مع المنسق العام للتحالف الوطني أحمد أعرج حول التهديدات التركية للشمال السوري وشعوبها، وما يجري من محاولات لإيجاد صيغة للحل في سوريا.
وهذا هو نص الحوار:
ـ أثّرَ قرار الرئيس الأمريكي الأخير القاضي بسحب قواته من سوريا سلباً على التوازن في سوريا، ما الأسباب الخفية لمثل هذا القرار وبهذا التوقيت؟
بدايةً نرحب بالقرار الأمريكي بإعلان انسحابها من سوريا في الوقت الذي نعمل فيه مع بقية القوى الوطنية من أجل الضغط على الأطراف الأخرى للخروج من سوريا وترك مصير سوريا للسوريين من خلال تفعيل الحوار السوري -السوري.
إن القرار الأمريكي جاء بعد سلسلة من التهديدات التركية لشمال سوريا واحتلالها لمدينة عفرين مؤخراً، وما أثار تلك التهديدات هو بناء كيان ديمقراطي في الشمال السوري (الإدارة الذاتية)، والتي أصبحت عثرة أمام اطماع أردوغان التوسعية للسيطرة على أجزاء من سوريا والعراق. والنظام التركي يعتبر نفسه الوكيل لحلف الناتو في المنطقة ولا يجوز نشوء أي قوة أخرى تكون حليفاً للناتو فيها. لذا؛ بادرت تركيا إلى إعلان الحرب على القوة الجديدة في الشمال، وكي لا تحدث مواجهة مباشرة ضد حليفتها تركيا، بادرت الأخرى إلى الانسحاب معلنة بذلك إنهاء الحرب في سوريا، وسحب الذريعة التركية في أن أمريكا تدعم قوة أخرى في المنطقة. لكن؛ أردوغان سيستمر في إطلاق التهديدات المتكررة وقد يقوم باعتداءات على شرق الفرات. لذا؛ يتطلب منا كسوريين اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة تلك التهديدات.
ـ هل يمكن القول إن قرار سحب القوات الأمريكية يعني تخلي الغرب عن أهدافه في الشرق الأوسط لصالح روسيا والدول الإقليمية؟
أمريكا لن تنسحب بدون التوافق مع الجانب الروسي، ولا أتوقع أن تقوم بهذا الإجراء بدون ضمان لمصالحها في سوريا. لكن؛ ليس هناك شيء مستبعد في حال أقدمت أمريكا على الانسحاب بدون ضمانات لمصالحها، عندئذٍ يمكن اعتبار أن إستراتيجية أمريكا في الشرق الأوسط قد فشلت فشلاً ذريعاً. والانسحاب الأمريكي باتجاه العراق يفسر لنا بقاء أمريكا في المنطقة والتفرغ لإنهاء الوجود الإيراني، حيث أن الصراع مع إيران لايزال قائماً، في حين أن روسيا قد تأخذ دورها الريادي في الحل السياسي لسوريا بالتزامن مع انعطاف جديد في العلاقة مع تركيا من خلال الضغط الروسي على الجانب التركي، من أجل الخروج من المناطق السورية المحتلة بإدلب وريف حلب مروراً بعفرين.
ـ للوهلة الأولى يرى المتابع أن أردوغان هو الفائز من صفقة الانسحاب؛ هل هذا صحيح؟
النظام التركي سيحاول جاهداً منع أي تقارب بين السوريين بعد أن ارتهنت المعارضة الممثلة بالائتلاف إلى القرار الخارجي في إسطنبول، تركيا مع بعض المرتزقة هي رأس الحربة في الحرب على سوريا والتي استهدفت السوريين جميعاً بغض النظر عن المكون (الطائفة أو العرق)، كما أن الخطاب الداخلي في هذه المرحلة يجب أن يكون أعلى نبرة من خلال وحدة الصف السوري في مواجهة تلك التهديدات؛ فعلى العكس تماماً نجد أن الانسحاب الأمريكي يعني أن تركيا أصبحت في مأزق وعليها أيضاً الخروج من الشمال السوري، أما في حال اقدمت تركيا على التوغل في شرق الفرات ستتحول المنطقة إلى ساحة جديدة من الصراع الدولي والإقليمي، ولن نتوقع حجم الكوارث التي ستحل مع التدخل التركي في تلك المنطقة، باعتبار أن الدول الإقليمية أيضاً تتخوف من تمدد منظومة الإخوان المسلمين والتنظيمات الجهادية المدعومة تركياً.
ـ برأيكم في ظل هذه التطورات والتهديدات التركية لشرق الفرات، ما الخيارات المتاحة أمام الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا؟
لا توجد خيارات سوى مواجهة التهديدات التركية والتوافق مع القوى السورية والنظام السوري، للوصول إلى صيغ توافقية تعترف بالإدارة الذاتية وتعمل على وحدة الأرض السورية في مواجهة تلك التهديدات، وأولى هذه الخطوات كانت في منبج؛ لأن النظام التركي لن يقف عند حدود الجزيرة، بل سيحاول احتلال حلب وأجزاء واسعة من الأراضي السورية.
والحل السياسي يبدأ مع إنهاء جميع أنواع التدخل الدولي والإقليمي في الشأن الداخلي لسوريا، وحكماً سيفضي إلى سوريا جديدة ديمقراطية لا وجود للمتطرفين والعنصريين فيها، في حال تم تمكين المجتمع السوري سياسياً من أجل إدارة شؤونه الداخلية دون تدخلات من أحد.
ـ كيف تنظرون للحل في ظل هذا التنافس الإقليمي للضغط على إدارة شمال وشرق سوريا إعلامياً وسياساً؟
الإدارة الذاتية أصبحت أمراً واقعاً وتمكنت من حماية مكونات الشمال السوري، وتنظيم مؤسساتها وخدماتهاً بشكل ذاتي وهذا ما نطمح إليه كمعارضة، والوصول إلى سورية تعددية لا مركزية، تستطيع فيها المكونات إدارة شؤونها المباشرة بالتنسيق مع المركز؛ أي أن هذه التجربة الديمقراطية هي التي نعول عليها من أجل أن يكون المثال المعمم على مستوى الجغرافية السورية.
ـ حشدت تركيا ومرتزقتها إضافة للنظام السوري قواتها على تخوم شرق الفرات ومنبج، إلام ستؤول الأمور في ظل هذا الاحتقان؟
خطاب أردوغان التهديدي وصل إلى حد أنه يعتبر نفسه الوصي والناطق باسم الشعب السوري، وكلنا نعلم أنه منْ دعم الإرهابيين ويريد أن يعم السواد على الشرق، من خلال بعض المرتزقة ليقتطع ما يستطيع من سوريا والعراق بحجة محاربة الكُرد.
ولا أستبعد التنسيق بين روسيا وأمريكا من أجل إنهاء وجود القوى الإقليمية في سوريا، تدريجياً وإنهاء الملف العسكري فيها والتوافق على إفساح المجال أمام السوريين من أجل البدء بالحل السياسي وإنهاء الأزمة.