سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أحد عشر عاماً على رحيل سفير الأغنية الكردية

الفنان آرام ديكران هو مؤلف وملحن ومغني سوري, أرمني الأصل, غنى معظم أغانيه باللغة الكردية, يعتبر من عمالقة الغناء القومي الكُردي, ولد آرام ديكران في مدينة قامشلو, لعائلة هاجرت من ديار بكر (آمد) إبان الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحق الأرمن. بعد أن أنهى دراسته في المرحلة المتوسطة بدأ بالتركيز على الموسيقى, وقد شجعه والده على الغناء باللغة الكردية, وتعلم القراءة والكتابة باللغة الكردية، وغنى العديد من القصائد للشاعر الكردي جكر خوين وكانت تربطهما صداقة قوية.
مسيرة فنية تجاوزت الصعاب
وبعد سيطرة البعثيين على الحكم في سوريا, واجهت الأوساط الثقافية الكردية العديد من المضايقات وتعرض العديد من الشعراء والفنانين للملاحقة, مما اضطر ديكران في عام 1966 للانتقال إلى أرمينيا السوفياتية والعيش فيها ليعمل في الإذاعة الكردية يريفان قرابة 18 عاماً، وبعدها انتقل إلى بلجيكا عام 1990م.
في الأعوام الأخيرة من حياته كان يتنقل بين العديد من البلدان الأوروبية ليشارك في النشاطات الثقافية والفنية الكردية، وتوفي في الثامن من شهر آب في اليونان عام 2009م, كان قد أوصى بدفنه في ديار بكر بباكور كردستان أو في مسقط رأسه في قامشلو لكن كلاً من السلطتين التركية والسورية منعت ذلك, ودفن في العاصمة البلجيكية بروكسل.
غنى بلغات عدة
الفنان آرام لم يغنِّ بالكردية فقط بل غنى بلغات عدة كالعربية والأرمنية والسريانية واليونانية وبلغ عدد أغانيه المسجلة باللغة الكردية أكثر من 230 أغنية وأكثر من 100 باللغة الأرمنية وقرابة 100 باللغة العربية والعديد باللغة السريانية واليونانية.
يعتبر آرام ديكران من عمالقة الفن والثقافة بالنسبة للشعب الكردي، فهو الأرمني الذي عرف معاناة شعبه والشعوب المضطهدة فغنى بلغات كثيرة أحبها، ويستحق أن يكون له نصب تذكاري في قامشلو الذي أقام فيها عدة سنوات وأحيى فيها الكثير من الحفلات.
نجا والده من الإبادة الأرمنية من قرية (أميد) في منطقة صاصون، ووصل إلى مدينة قامشلو في سوريا حيث ولد آرام عام 1934م. تميز آرام ديكران بآلته (الجمبش)، وقد تففن فيها وأضاف حاملة الورق فوقها.
نمط خاص بالموسيقا والغناء
إن خبر وفاة المغني آرام ديكران نشر في العديد من الصحف والجرائد وبعض القنوات الأرمنية والكردية، كما كتبت العديد من المقالات والآراء عنه وعن حياته وأعماله. ومنها: جريدة (بلدنا) السورية و(السفير) اللبنانية و(عراق الغد) العراقية وغيرها. حيث كتب العديد من الكتاب والصحفيين أمثال هيثم حسين وصبري رسول ولقمان ديركي وإردال ألشبنار وعبد القادر الشيخ محمد معصوم الخزنوي وغيرهم الذين نعوا غياب الفنان وكتبوا رأيهم به وتطرقوا إلى الموسيقى الكردية والأرمنية. وكتب إبراهيم اليوسف مقالاً بعنوان (أحد أعظم عمالقة الغناء الكردي الأصيل وداعاً). أما المقالة الأكثر تأثيراً وحزناً هي للكاتب مسعود عكو بعنوان (عندما تودع أغنية.. إلى آرام ديكران…)، يقول فيها:
“آرام.. افتقدك اليوم مع كلماتي التي تعجز أن تترجم ما أشعر به، أحرفي تأبى الخروج من قلبي الكئيب، الحنين إلى صوتك تحزن أناملي، إنها لا تقوى أن تكتب رثاءك، إنك أعظم من أن أرثيك بكلمات بسيطة، لكن الجميل في رحيلك، أنك ستظل في قلوبنا، وصوتك يشدو بالجمال طالما في البسيطة كرد وأرمن، كنت ثالوثاً قل نظيره في هذه الأرض، أرمني القومية، كردي اللغة والغناء، ومسيحي الديانة، أيما بشر كنت؟ إنك تستحق أن تكون آرام ديكران، رسول الأغنية الكردية العذبة، وسفير المحبة والسلام بين الكرد والأرمن، إنك أعظم أغنية رحلت، لكن صداها سيظل باقياً على سفوح آكري (آرارات) وجودي وزاغروس.. آرام.. إنك أعذب لحن لأعظم أغنية”.
خمسة وخمسون عاماً من الإبداع
جدير بالذكر أن ديكران خدم الفن 55 عاماً خلال مدى حياته الـ75 كقضية، فغنى للحرية والسلام بالكردية والأرمنية والعربية، مدافعاً عن الثورة والحق والعدالة. وبذلك تبوأ مركزاً عالياً في فن الغناء الشعبي.
أدخل آرام ديكران نمطاً جديداً في الفن الغنائي هو نمط خاص به ويمكن القول أنه ابتكر مدرسة موسيقية جديدة استخدم فيها طريقة خاصة بالعزف على الجمبش (الآرامية).
وبمناسبة ذكرى وفاته الحادية عشرة سلطنا الضوء على حياة وإبداع المغني والموسيقي الأرمني آرام ديكران الذي سيبقى الأسطورة في التاريخ الحديث للشعب الكردي.