ما حدث في عامودا في 27 و 28 /6/ 2013 من سوء تفاهم وما رافقه من أحداث حينها لم تكن وليدة صدفة، وكل الدلائل تشير بأن هناك أطراف حاولت دس السم وعملت على خلق فتنة بين الكرد، لزعزعة أمن المنطقة وإشعال حرب بينهم، وكادوا أن ينجحوا في ذلك، لولا العقلاء الذين فهموا حجم المؤامرة وخيوطها التي حيكت في أقبية المخابرات التركية. حيث دفعت البعض باتجاه توتر الأوضاع الهادئة في المنطقة بعدما أغرتهم بالمال، وحاولت جر المناطق الكردية إلى ما يجري في بقية المدن السورية، ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفنهم، لأن الكرد فهموا من يقف وراء هذه الفتنة وفهموا ما يجري في سوريا، وتعاملوا مع الوضع بكل حرفية ومسؤولية.
فأصروا في انتهاج مبدأ الخط الثالث وعملوا من أجل نجاحه، وبخاصة أن هناك دول حرفت مسار الثورة السورية لتخدم أجنداتهم، ولو كان على حساب دماء الأبرياء من السوريين، وعملت على أخونتها وتطرفها، وقدمت كل شيء في سبيل ذلك، ليخرج علينا آنذاك سلطان الإخوان المسلمين أردوغان، ولأكثر من مرة ويحض على القتال وإسقاط النظام الحاكم في سوريا، ليوجه بنفسه رسالة إلى بشار الأسد يطالب برحيله. ليدفع السوريين بشكل أكبر إلى الفوضى والقتل والدمار والهجرة، وشرع لهم الأبواب لإيوائهم وهدفه من كل ذلك استخدامهم كأوراق ضغط وارتزاق، ووعد السوريين بأنه ما هي إلا أيام أو شهور وسيسقط الأسد، وستحل الأزمة السورية.
ولكن من كان من صفاته الكذب والنفاق، تبين أن الهدف من كل ما روج له، هو مشروعه الاستيطاني الاستعماري في سوريا وغيرها من بلدان المنطقة، وسنين الأزمة السورية أكدت بأن أحلامه لا حدود لها، وكل ما كان يتمناه أن يجر المناطق الكردية للدخول في الصراع مع الحكومة السورية، ليتم تدميرها وتكون ذريعة في تدخله واحتلاله لكامل المنطقة الحدودية. ولكن أصحاب الخط الثالث تصدوا للمخططات الأردوغانية وعملوا بكل طاقاتهم لدرء المنطقة من أهوال المحرقة التي أحرقت معظم المدن السورية، ولهذا عملت الاستخبارات التركية على ضرب الكرد بعضهم ببعض، وضرب الأمن والأمان اللذان كانا العنوان العريض لمناطق روج آفاي كردستان.
وما حدث في عامودا كان جزءً من ذاك المخطط الاستخباراتي في تشتيت الشارع الكردي وتقسيمه وعسكرته، لتكون جزءً من سوريا الملتهبة، ومحاولةً لإثارة الفتنة والاقتتال بين الكرد، فاختاروا عامودا لتكون الانطلاقة ومن ثم التمدد باتجاه المدن الأخرى، وكل ما جرى حين ذاك كان يؤكد بأن ما حدث كان مخطط له بعناية فائقة، بدءً من التظاهرة وشعاراتها ومن ثم الاعتداء على عربات وحدات حماية الشعب التي مرت في تلك الأثناء، وإطلاق النار عليها من قبل بعض الذين اختاروهم لتنفيذ المهمة.
الآن نحن بأمس الحاجة إلى وحدة الصف، تقدم القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، بمبادرة مد يد السلام والاتفاق والاعتذار والصفح ونقاء القلوب وصفائها، لحل تلك المشكلة وتعويض أسر الضحايا وقبولهم بكل ما يقع على عاتقهم لعودة المياه إلى مجاريها، علينا دعم هذه المبادرة التي تساهم في ترتيب البيت الكردي وإفشال جميع محاولات الأعداء في تحقيق الأهداف والحفاظ على المكتسبات.