التغيير الديمغرافي هدم للمعالم والهوية الأصيلة

زاوية فواصل 491 ـ آلدار خليل

التغيير الديمغرافي هدم للمعالم والهوية الأصيلة..

 إفشاله هدف استراتيجي حتمي التحقق

ساهمت دولة الاحتلال التركي على مدى تاريخها في القيام بكل الوسائل والممارسات فقط من أجل مناهضة توجه الشعوب نحو نيل قرارها والعيش وفق ما تستحق من كرامة كأدنى شيء، ساهم كذلك الحكم العثماني الذي دام لقرابة الأربعة قرون في خلق واقع مرير تم فرضه على شعوب المنطقة، حالات قتل وإعدامات بوسائل بشعة، نفي وعزل وكذلك الفرز الطائفي وخلق قواعد موالية لها وجعلها رأس حربة لمحاربة أبناء جلدتها، مجزرة السيفو التي اقترفتها الدولة العثمانية بحق الشعب الأرمني في عام ١٩١٥ حادثة لن تغادر عقول وذاكرة عموم الشعوب، حيث ادعت تركيا بأن روسيا حرضت الأرمن من على حدودها وكان عدد الضحايا الذي تجاوز المليون شخص جلهم من المثقفين والتكنوقراط وقود لخلافات روسية – عثمانية

ما يحدث اليوم في واقع المنطقة وعلى وجه الخصوص في سوريا تكرار مطابق لما حدث قبل مئة عام وأكثر وعلى وجه التحديد في مقاطعة عفرين، في عفرين تم ممارسة الإبادة بكل الأشكال وكان الشعب في عفرين كذلك ضحية لتفاهمات روسية – تركية، حيث يماثل شعبنا في عفرين آلام ومعاناة الشعب الأرمني وإن كانت الرواية التركية (العثمانية) تتحدث عن خلافات مع روسيا آنذاك إلا أن الضحايا كانوا أبرياء سواء كان تفاهم أو تفاقم للأمور

لقد كررت تركيا في عفرين تلك المخططات البشعة في خلق تناحر فئوي وصدامات بين الشعوب والانتماءات، في مجزرة الأرمن ساهمت في خلق صدام وخلافات على تهم باطلة بين الأرمن والكرد من خلال مجموعاتها الرخيصة من عملاؤها من الطرفين واليوم تحدث تلك الممارسات نفسها

في عفرين تظهر بشكل واضح وجلي محاولات دولة الاحتلال التركي عبر تحالف التوجه القومي مع الإصلاحي المزعوم، الإسلام السياسي -العدالة والتنمية- في إعادة الحكم العثماني والبدء باستعادة ما تم خسارته إبان الحرب العالمية الأولى في الحرب العالمية الثالثة التي توجد اليوم في سوريا

التهجير، سياسة التتريك، فرض الإرادة التركية بطابعها المتمثل اليوم في مجلس الخونة، جميعها ممارسات تجري في عفرين وتتشابه مع المعاناة التي تعرضت لها جميع شعوب المنطقة بما فيها الأرمن

حالة التغيير الديمغرافي التي تحدث اليوم إجراء خطير يؤسس لتناحر وخلافات طويلة الأمد تستفيد منها تركيا بكل الجوانب منها ما هو متعلق بالتوسع ومنها ما هو متعلق بغض النظر عن ممارستها بحق الشعوب في الوقت الحالي وفي القديم، التقدم في عملية التغيير الديمغرافي يعني تمتين الأساسات لبناء نفوذ مماثل للعثماني القديم مع فارق الاستفادة من الماضي وإظهار ذلك بصورة معدلة تناسب الوقت والمتغيرات تماماً كما تقول اليوم دولة الاحتلال التركي في أنها تفعل كل جهودها من أجل خدمة الشعوب السوري وتأمين مستقبله دون أن تولي الأهمية ولو بأدنى المقاييس لتلك الجمل بخطوات عملية البتة

في عفرين التعدي على الإرادة الديمقراطية والدعم المباشر لإجراءات عودة الإرهاب يكمن في فرض مجالس من قبل تركيا على شعب عفرين بدل الإدارات التي كان قد تم انتخابها وهي تمثل أصوات مئات الآلاف، وعملية توطين واستقدام عوائل من خارج عفرين تمثل خطوة دعم مباشر للإرهاب، علاوة على أن التغيير والاستبدال البشري يعني الاعتداء ومحاولات محو للهوية التاريخية والمجتمعية والديمقراطية للشعوب المتعايشة في عفرين

يجب أن تتحرك عموم القوى المدنية، الإنسانية، الثقافية، المجتمعية، الأدبية والحقوقية في فضح ممارسات تركيا اليوم ضد الكرد، بل ضد الشعب السوري، ضد شعوب المنطقة، ضد العالم والتي عفرين تمثل مركزها اليوم بعد الاحتلال التركي الفاشي لها، تقدم دولة الاحتلال التركي في عمليات التوطين والتغيير الديمغرافي يعني أنها ستمضي في إباداتها، حيث كانت عفرين نموذج اختبار للصمت العالمي، الصمت الذي ظهر ساهم في التمدد التركي بمخططاته. لذا؛ الصمت حيال التغيير يعني أن تركيا ستبدأ بمشروعها السلطاني الجديد في المنطقة

لن نقبل نحن شعوب شمال سوريا هذه الممارسات وستكون المقاومة والنضال ضد هكذا مشاريع دنيئة موجودة وفي الساحات كافة؛ السياسية، الدبلوماسية، التنظيمية وهذا ما يستوجب تعاوناً والتفافاً عاماً ومن كافة الصعد نظراً لما يمثل ذلك من تآمر كبير على الشعوب. لقد كان التنصل التركي من المحاسبة القانونية حيال مجازره ضد الأرمن طريقاً لمجازره اليوم في عفرين وعدم وضع حد وبخاصة على الصعيد الأممي سيزيد من مخاطر ممارسات تركيا وفي الأحوال كافة شعبنا لن يتنازل عن حقوقه وسيقاوم وسيحرر عفرين وبهذا يكون الانتقام لعموم الشعوب التي طالتها يد الفاشية العثمانية والطورانية التركية

إفشال مشروع الاستهداف لمعالم عفرين وتوزعها البشري الأصيل والذي يتجلى في التغيير الديمغرافي هدف استراتيجي إفشاله يعني ضربة قوية لمحاولات دولة الاحتلال التركي في البدء بعهدها الجديد في المنطقة انطلاقاً من سوريا، النضال المستمر والكبير في هذا المنحى تاريخي والأدوار الداعمة، الفاعلة والمؤدية بالشكل المسؤول وبحس وطني تنضم إلى صفحات المقاومة المشرقة التي صنعها شعبنا في عفرين ولا يزال يمضي بها حتى تحرير عفرين وعودة أهلها بكرامتهم، حيث لا تنازل عن الانتماء والهوية والتاريخ في عفرين مهما مضت تركيا ومرتزقتها في مشاريعهم المخالفة