زاوية فواصل 487 ـ آلدار خليل
يتوزع الشعب الكردي في مختلف الدول ويوجد له تاريخ مهم في خدمة المجتمعات التي يعيش فيها وقد أثبتوا وجودهم من خلال السنوات الكثيرة التي قضوها داخل تلك الدول وهم يعيشون جنباً إلى جنب مع الشعوب الأخرى ويشاركونها العمل والحياة، من بين هذه الدول دولة لبنان المجاورة لسورية، حيث انتقل الكرد إليها بسبب الهجرات المتعددة من زمن صلاح الدين الأيوبي والعهد العثماني ويوجد فيها عوائل عريقة ذات أصول كردية، بالإضافة لحالات استقرار نتجت في العقود الأخيرة بسبب فرص العمل والتداخلات المجتمعية مع المكونات في لبنان؛ الأمر الذي يترجم بأن الحالة الكردية ليست بغريبة في لبنان وإنما هي تاريخ أصيل له معانٍ ودلالات واضحة في ملامح الحياة اللبنانية.
تعتبر دولة لبنان مثالاً للتعايش المشترك ويوجد فيها مختلف الطوائف والانتماءات والأحزاب السياسية. لكن ما هو غير موجود حقيقة هو تمثيل الشعب الكردي ضمن المؤسسات والمجالس وأهم تلك المجالس هو مجلس النواب اللبناني الأمر الذي نراه ضرورياً وهاماً لمنع الإهمال والإلغاء لشعب موجود ويعيش وفق الأنظمة والقوانين السائدة ولا يوجد له تمثيل وهذا ينعكس سلباً على صورة الدولة اللبنانية ـ كوجهة نظر ـ والتي نراها مثالاً نوعياً للديمقراطية في المنطقة، الانتخابات البرلمانية القادمة في السادس من أيار مرحلة مهمة لاختيار الممثلين في مجلس النواب وتعتبر المشاركةُ الكردية فيها واجباً وأداءً مسؤولاً من باب الحرص على المشاركة في صنع القرار وعكس الجوانب المجتمعية للكرد داخل النسيج الاجتماعي اللبناني مثل الجوانب التعليمية والصحية والمشاركة وفق الإجراءات القانونية في عضوية المؤسسات الخدمية والثقافية ومؤسسات المجتمع المدني
الانتخابات القادمة في الحقيقة فرصة مهمة للمشاركة والتصويت لاختيار المناسب من أجل عملية التمثيل، وجود تمثيل كردي ضمن المجلس يخلق توازناً مهماً بين الإدارة والشكل الذي اختاره الشعب اللبناني لقيادة بلاده، وبين الشعب الكردي الموجود هناك منذ سنوات، مجلس النواب لا يقتصر على الأُطر السياسية والحزبية فقط، وإنما الكتل الموجودة في داخله تمثل مكونات وانتماءات لبنان على مختلف أنواعها؛ فمنها السنة، والشيعة، والمسيحون، والآشور، والسريان، والدروز وغيرها من الطوائف الأخرى، وجود التمثيل الكردي يغني الجو النيابي ويفتح آفاقاً جديدة نحو المزيد من التقدم لدولة لبنان لمراتب نوعية في الديمقراطية والتعايش المشترك
يوجد في منطقة الشرق الأوسط حراك شعبي متعدد الصفات تم جر البعض منه إلى جوانب لم تعد تلبي أي حاجة جماهيرية وشعبية وتم التآمر على البعض الآخر فأوقعوه في فخ الأطراف المتحكمة بواقعهم، إلا أنَّ ما يظهر ويكبر مع الأيام هو نوعية الثورة الديمقراطية التي يقودها الشعب الكردي مع مختلف مكونات شمال سوريا نحو الديمقراطية والحرية والسلام وقد صنعوا خلال السنوات التي مضت نظاماً تنظيمياً يعكس بدوره التعدد والتنوع والشراكة في الحياة المجتمعية والحياتية، هذه المقدمات المثالية تفتح آفاقاً جديدة في المنطقة وتخلق فرصاً كثيرة لبناء نماذج ديمقراطية تكون بديلة لتلك التي تسبب الدمار والخراب والقتل والقصف وتصف الإنسان بأنه موجود لأداء الولاء لا العيش بكرامة و فق منهجياته التي يراها بنفسه ويختارها وينتخبها لا التي يتم فرضها عليه
الشعب اللبناني ومن منطلقات قاعدته في التعدد والعيش المشترك لا بد له من أن يساند عملية التمثيل الكردي في مجلس النواب، الدعم القادم من شعب لبنان العريق يؤسس لبداية ولادات مهمة على صعيد إلغاء تلك الصيغ الرافضة في مجتمعات الشرق الأوسط التي أوجدتها القوى المهيمنة على حياة الشعوب، وضمن هذا الإطار لا بد لشعبنا الموجود في لبنان كذلك من التعبير عن رأيه والمشاركة ضمن الأجواء القانونية والإجراءات المتداولة في إيصال رسالته بضرورة التمثيل وعكس الثقافة الكردية وتاريخ الشعب الكردي ضمن المجتمع اللبناني
الفرصة القادمة مهمة لإضافة تميُّز آخر على بريق العيش والتعدد المشترك في لبنان وفرصة مهمة أخرى لترجمة واقع الشعب الكردي ووجوده في لبنان من حيث المشاركة والعمل على الشراكة مع باقي الطوائف والمكونات والانتماءات داخل لبنان لصنع حياة آمنة وهادئة ومستقرة تكون نموذجاً يمكن الاقتداء به في عموم المنطقة؛ وكذلك تكون جواباً قاسياً لكل محاولات التفرقة وبث الفتن والسعي لبناء نماذج التفضيل والفرض في المنطقة بشكل عام
