خبات محمد: “الحسم العسكري للأزمة السوريّة لا يؤدي إلى حلول مُستدامة”

حوار /غاندي إسكندر

بيّنَ عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) خبات محمد في حوار أجرته صحيفتنا روناهي معه أن الخط البياني للصراع بسوريا في ارتفاع مستمر، وأشار إلى أن التعنت الذي تبديه دولة الاحتلال التركي في ملف إدلب ليس بسبب حرصها على دماء السوريين، بل بسبب حصولها على مكاسب في شمال وشرق سوريا، وليبيا. وأضاف: “إن التدخل التركي في الشأن السوري هو لأخونة المجتمع السوري والقضاء على الجهود الكردية في دمقرطة سوريا”.

 وجاء الحوار على الشكل التالي:

ـ مع ارتفاع دمويّة الصراع الدائر على الجغرافيا السوريّة منذ سنوات؛ برأيكم إلى أين تتجه الأوضاع في سوريا؟

مع كل أسف الخط البياني لمستوى دموية الصراع في ارتفاع مستمر دون أن تؤثر كل هذه الكوارث التي حلت بسوريا على القوى الدولية، والإقليمية المتداخلة في الشأن السوري، من أن تغيّر مواقفها في إدارة الصراع إلى العمل الجدي في إنهائه أيضاً فشل السوريين في امتلاك القرار السياسي، وارتهانهم للقوى المتداخلة في ظل غياب مشروع وطني سوري متفق عليه، باعتقادي الحلول العسكرية لا تؤدي إلى حلول مستدامة، ولن يكون هناك من منتصر مطلق. وفي النهاية سوريا تتجه كدولة لتتذيّل كل القوائم الدولية كدولة فاشلة، ويبقى الأمل قائماً، والرهان مستمراً على القوى السورية الحية التي ما زالت تناضل من أجل ألا نصل إلى الهاوية.

ـ سيطر جيش النظام السوري على سراقب بعد إحكام قبضته على معرة النعمان. وفق قراءتكم للتطورات الميدانية في جبهة إدلب؛ هل باتت مسألة إنهاء وجود المرتزقة المدعومة من أنقرة في إدلب قريبة؟

أعتقد أن التقدم الذي تُحرزه قوات النظام في إدلب وحلب هو تتمة لمجمل العمليات العسكرية التي بدأت بعد التدخل الروسي المباشر، هذا التدخل الذي غيّر موازين القوى لصالح النظام، مع ما رافقها من تعقيدات فرضت نفسها على المشهد السوري والتي أدت بالنتيجة إلى انحسار نفوذ المعارضة المسلحة بصفقات مشبوهة بين تركيا وروسيا. أظن أن هذه المعادلة ما زال العمل بها مستمراً وأرى أن التعنت الذي تبديه دولة الاحتلال التركي في ملف إدلب ليس بسبب حرصها على الضحايا المدنيين، إنما لتحقيق مكاسب في كل من شمال وشرق سوريا أولاً وليبيا ثانياً. وأظن أن الكتائب والفصائل المحسوبة على أنقرة أثبتت دون أدنى شك أنها فصائل مرتزقة تعمل وفق أجندات ـ ممولها تركيا ـ والتي باتت بنادقها تتجه صوب الهدف الذي تحدده دولة الاحتلال التركي لها كما فعلت في ليبيا. أما جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة والتي تنسق مع نقاط المراقبة التركية فستبقى هدفاً رئيسياً للتحالف الدولي وروسيا والنظام مع ما يرافق هذا الاستهداف من كوارث بحق المدنيين الأبرياء.

ـ تدخّلت دولة الاحتلال التركي بشكل سافِر في الشأن السوري منذ أيام الحِراك الجماهيري المُطالب بالحرية، وزادت من تدخّلها باحتلال عدة مدن في شمال سوريا. وفق تحليلكم للذهنية التركية الحاكمة في أنقرة؛ ما الذي تريده تركيا من سوريا؟

أظن أن الأمر بمجمله مرتبط بسياسات حزب العدالة والتنمية الذي صادر الدولة التركية لصالح أجنداته السياسية المرتبطة بمشروع الإسلام السياسي، والمتجلي بمشروع الإخوان المسلمين في المنطقة برمتها مهما اختلفت التسميات، بالإضافة إلى العداء المزمن للقضية الكردية. هذه السياسات أدت في المحصلة إلى توتر علاقات تركيا بمحيطها القريب، ومع العالم العربي بمعظمه، بالإضافة إلى التعقيدات التي أضيفت إلى ملفات الداخل التركي؛ أبرزها مشروع السلام والملف الاقتصادي. أعتقد أن التدخل التركي في سوريا هو أحد أبرز نتائج سياسات هذا الحزب، والذي ساهم بشكل كبير لما آلت إليه الأوضاع في سوريا، ومن أجل دعم شركائها أصحاب التوجهات الإسلامية الراديكالية، وضرب أي حضور كردي في سوريا المستقبل، توجهت إلى احتلال عدة مدن في الشمال السوري لكي تُرسخ هذا المشروع الإخواني وتقضي على الحياة الديمقراطية التي يُشيّدها الكرد والشعوب المؤمنة بالحرية.

ـ الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ومجلس سوريا الديمقراطية يدعوان في كل مناسبة إلى فتح منصات للحوار بين السوريين؛ باعتقادكم هل الحوار وحده كفيل بوضع حد للأزمة المستفحلة؟

الحوار كمبدأ هو الطريق الوحيد للحل في سوريا، وهو ما تبنته الإدارة الذاتية، ومجلس سوريا الديمقراطية ليس فقط كشعار، بل كمبدأ أساسي مارسته مع مختلف القوى السورية بغض النظر عن الخلافات القائمة، ولم تكن الحوارات التي تمت في عين عيسى إلا أحد تجلياتها. لكن؛ مع الأسف إن غياب الإرادة وتغييب القرار السياسي، والسيادي لمعظم القوى الفاعلة والتدخلات الإقليمية، والدولية ما زال يعيق الوصول إلى حوار فعال، وبناء للوصول إلى مشروع وطني سوري يلبي طموح السوريين، ومطلبهم الأساسي في الخروج من النفق المظلم وبناء وطن جامع يصون الكرامة، ويحقق الحريات الفردية، والجمعية. وعلى المجتمع الدولي توسيع منصات الحوار في جنيف حتى يرتقي إلى تمثيل حقيقي يحظى بتأييد شعبي، ودولي يجنب المنطقة المزيد من التصعيد، ويساهم في الحل السياسي المنشود مستنداً إلى القرارات الدولية ذات الشأن وأهمها القرار 2254.

ـ واجهت شعوب شمال وشرق سوريا الإرهاب الداعشي لسنوات، وقدّمت في سبيل الانتصار عليه عشرات الآلاف من الشهداء؛ هل ترون أن الإرهاب انتهى بزوال دولة داعش المزعومة أم ما زال مستمراً؟

مواجهة الإرهاب بدأت في سري كانيه قبل ظهور داعش كانت حينها القاعدة. ومنذ ذلك التاريخ لم تتوانَ قوى الظلام في هجومها المستمر على شعوب المنطقة مدعومة من قوى إقليمية، وجدت فيها ضالتها لتنفيذ مخططاتها، والتي فتحت لها حدودها، وأمدتها بكل أنواع الدعم، وكانت داعش الأكثر شهرة، والأكثر دموية، واستطاعت أن تشكل دولتها المزعومة في كل من سوريا، والعراق مسجلة انتهاكات فظيعة على مدار سنوات حكمها، والتي واجهتها وحدات حماية الشعب في البداية لتسجل أولى الانتصارات في كوباني الرمز، ومن ثم قوات سوريا الديمقراطية لتتوالى الانتصارات عليه حتى تم القضاء عليه نهائياً في الباغوز، هذه الانتصارات التي أُحرزت بفضل دماء الآلاف من أبناء شعوب المنطقة. لكن؛ مع انتهاء المعارك المباشرة ما تزال المخاوف قائمة، فما زال التطرف موجوداً مادام هناك داعمين له يراهنون على الفوضى.

ـ أنتم كممثل لحزب سياسي كردي عريق في سوريا؛ إلى أين وصلت مساعي وحدة الصف والخطاب الكردي.!.

لا يخفى على المهتمين بالشأن العام مدى أهمية وحدة الموقف الكردي، والمساعي المبذولة في سبيل تحقيق هذا الهدف من قبلنا، ومن باقي القوى الفاعلة لنستطيع مواجهة التحديات، وتحقيق طموحات شعبنا، ولنكون أوفياء لدماء شهدائنا إضافة إلى كونه استحقاقاً مطلوباً، ومرغوباً، فهو أيضاً يصون الحركة الكردية في سوريا من تدخلات وتخندقات مقيتة دفعنا ثمنهاً باهظاً احتلالاً وانتهاكات يومية.

لقد كانت آخر مساعي وحدة الصف الكردي هي مبادرة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وما رافقها من تصريحات، وبيانات إيجابية تؤسس لحالة الوفاق، وتمهد الوصول إلى مؤتمر جامع يفضي إلى تشكيل مرجعية سياسية كردية تتحمل مسؤولية ووزر قضيتنا القومية ضمن الإطار الوطني السوري، هذه المبادرة التي حظيت بتأييد أغلب القوى، والأحزاب الفاعلة تحتاج إلى إرادة حقيقية لتفعيلها، ودعم من القوى الكردستانية الرئيسية، ونحن بدورنا سنساهم في إنجاحها، ودعمها وبالتأكيد سنبذل أقصى الجهود في تفعيلها.