سُليماني وتداعيات مقتله على الكُرد والمنطقة

كاتب بالشؤون الإسلامية والكردستانية يتحدث في مقاله عن مقتلِ سليماني وتداعيات مقتله على المنطقة، ويبرز طابع التحدي والتهديدات بين كل من واشنطن وإيران.

الكاتب بالشؤون الإسلامية والكردستانية مير عقراوي تحدث عن مقتل قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني وتداعيات مقتله من قبل الويلات المتحدة في مطار بغداد.

في بداية المقال تحدث عقراوي عن الثورة الإسلامية الإيرانية واستشهد ببعض المقتطفات من التاريخ “بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 على حكم الشاه في إيران تم تأسيس مؤسسة شبه عسكرية توازي الجيش الإيراني الملكي النشأة باسم جيش حراس الثورة الإسلامية، واشتهر فيما بعد بالحرس الثوري، ولم يتم إدراج اسم إيران بعد التسمية كإشارة واضحة وصريحة لعالمية [ الثورة الإسلامية الإيرانية ] بحسب عقيدة قادتها، في مقدمتهم قائد الثورة ومؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الراحل روح الله الموسوي الخميني [ 1902 – 1989 ]، علماً إن الحرس الثوري الإيراني قد تأسس بأمر مباشر من الخميني نفسه كخطوة احترازية واحتياطية من انقلاب عسكري.

ما بعد الحرب العراقية – الإيرانية [ 1980 – 1988 ]، وبالتحديد عام 1990 تم تشكيل فيلق القدس وعُيّن العقيد حامد وحيدي كأول قائد له، ثم تم تعيين قاسم سليماني في العام 1998 خلفاً له، بأمر مباشر من المرشد الإيراني علي الخامنئي، من جهة أخرى يُعتبر فيلق القدس أكثر الوحدات في إيران سريةً ونخبوية واستقلالية وتخصص له ميزانية خاصة، إذ إن فيلق القدس يقوم بتنفيذ الأوامر المباشرة من المرشد الأعلى، ثم لقائده بعد ذلك، مع امتلاكه مسؤوليات وصلاحيات واسعة وكبيرة جداً، بخاصة فيما وراء الحدود الدولية . ذلك إن مهام فيلق القدس هي متعددة ومتنوعة واستراتيجية للغاية، كما أكد ذلك مؤسسها وسائر القادة الإيرانيين، وتتمثل مهام فيلق القدس في المقام الأول، هو ضرورة تصدير الثورة الإيرانية الى البلدان العربية في البداية، ومن ثم الدول الإسلامية والعالم بشكل عام، والهدف هو بناء إمبراطورية إيرانية فارسية مذهبية”.

وكتب أيضاً بأن لفيلق القدس مهام خارجية حسب مقتضيات وأجندات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في مقدمتها العمليات خارج حدود إيران، بل في العالم كعمليات الاغتيال والخطف، مع إجراء الاتصالات ذات الطابع السري مع المسؤولين الحكوميين، أو غير الحكوميين من الحركات والمنظمات السياسية في مختلف البلدان بالمنطقة وتزويدها بالأموال والأسلحة، مضافاً إلى المهام الأمنية والاستخبارية والتبشيرية المذهبية، جدير بالذكر هنا إن فيلق القدس تأسس على أنقاض [ قسم من حركات التحرير ] للحرس الثوري الإيراني الذي تأسس بعد الثورة الإيرانية، الذي كان يلعب نفس الأدوار التي يلعبها فيلق القدس اليوم”.

أنا بالنسبة لرؤية سليماني للكرد وكردستان بحسب قول عقراوي فأنها كانت “إن رؤية قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق للكرد وكردستان، هي نفس رؤية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي رؤية سلبية للغاية، وهي تشابه بقية الدول التي تتقاسم كردستان”.

واستطرد مير في حديثه عن مدى دموية سليماني تجاه الكرد واغتياله لقادة سياسيين “كلنا يعلم بأن فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني هو الذي قام باغتيال العديد من القادة السياسيين والمفكرين الكرد في أوروبا، وأيضاً قام بتصفية عدد من الشخصيات الإيرانية المعارضة في أوروبا، منها عملية اغتيال رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الدكتور عبدالرحمن قاسلمو في فيينا بالنمسا عام 1989، والدكتور فاضل رسول، ثم عملية اغتيال الدكتور محمد صادق شرفكندي رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران ورفاقه في ألمانيا عام 1992، يضاف إلى ذلك العديد من الكوادر والمسؤولين الكرد في روجهلات كردستان وفي باشور كردستان العراق، وأقدم فيلق القدس على قصف مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني إيران عام 2018 في مدينة كويسنجق، في باشور كردستان بالصواريخ مما أدى الى مقتل 14 شخصاً وإصابة 30 آخرين من مسؤوليه وأعضاءه”.

وعن مقتل سليماني ذكر مير “لا شك ان مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني قرب مطار بغداد الدولي في الثالث من هذا الشهر من قبل الجيش الأمريكي، ومعه أبو مهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي العراقي سيكون له تداعيات على الوضع في العراق وباشور كردستان وعلى عموم المنطقة. ذلك لِمَا كان له من ثقل ومسؤولية ومكانة كبرى لدى إيران، ويعد قاسم سليماني الشخصية الثانية في النظام الإيراني بعد المرشد الأعلى علي خامنئي، لهذا فإن مقتله كان مفاجأة وصدمة في نفس الوقت للقادة الإيرانيين الذين نددوا بعملية القتل له وأطلقوا مختلف التهديدات الانتقامية ضد المصالح والمواقع الأمريكية.

على هذا الأساس أعلنت إيران بأنها قد تستهدف 35 موقعاً أمريكياً في المنطقة، ثأراً لمقتل قاسم سليماني، بالمقابل رد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن 53 موقعاً إيرانياً هو في دائرة الاستهداف الأمريكية إذا ما أقدمت إيران على مهاجمة أيَّ موقع أمريكي. وفي تطور للوضع السياسي العراقي صوَّت البرلمان العراقي لصالح طرد القوات الأمريكية من العراق، وجاء ذلك بعد الضغوط التي تلقاها من كتائب حزب الله العراقي، باعتقادي بعد مقتل الصندوق لإيران قاسم سليماني باتت الخيارات لديها صعبة، بالرغم من التهديدات التي أطلقتها ضد الولايات المتحدة والمصالح والمواقع الأمريكية في المنطقة، ثأراً لقاسم سليماني الذي كان يُعد العقل المدبر لدولة ولاية الفقيه على الصعيد الخارجي. وإن قامت طهران بعمليات انتقامية ضد المصالح والمواقع الأمريكية بالمنطقة، لا شك إن الولايات المتحدة سوف ترد عليها، بل ربما يكون الرد الأمريكي على الداخل الإيراني حيث المواقع العسكرية والاقتصادية والسياسية والسيادية والبنى التحتية، لذلك وبتصوري أن طهران لا تريد المواجهة المباشرة مع أمريكا، وإن لم تقدم طهران على العمليات الانتقامية سينقلب ذلك عليها سلباً في الداخل الإيراني، والفارق الكبير جداً في التوازن العسكري والتسليحي والاقتصادي والجغرافي بين الولايات المتحدة وإيران سيكون لصالح الولايات المتحدة، والعملية العسكرية على قاعدة الأسد كانت خجولة ولم تُصِب أي أمريكي بأذى، بل زادت من الطين بلة باستهدافها الطائرة الأوكرانية المدنية، وزادت من المشاكل في إيران”.

واختتم الكاتب بالشؤون الإسلامية والكردستانية مير عقراوي برؤيته عن موقف إيران تجاه أمريكا التي طالب بيدها لقتل السليماني “هناك عمليات أو ردود عبر المنظمات الموالية لها في العراق واليمن ولبنان وسوريا وغيرها، ما قد ينقلب على هذه الدول سلبياً، ويرى بعض المراقبين إن إيران لا تقدم على أعمال قد تسبب حرباً شاملة قد تؤدي لسقوط نظامها، أو تعرض إيران لدمار شامل من جميع النواحي. كذلك بالمقابل لا تريد الولايات المتحدة من اندلاع حرب شاملة التي ستكون لها تكاليف باهظة وعالية على كل الصعد، ورغم ذلك أعتقد بأن واشنطن سوف ترد إن حاولت إيران ضرب مواقعها ومصالحها بالمنطقة التي باتت على حافة اندلاع حرب جديدة، وإن اندلعت هذه الحرب ستأكل الأخضر واليابس وستكون مدمرة من جميع الجهات، وستطال جميع بلدان المنطقة”.