اللاجئين السوريين سلاح تركيا لتهديد الاتحاد الاوربي

 اعداد/ مصطفى الخليل –

منذ اندلاع الثورة والسورية في ربيع عام 2011م تستغل الدول التركية اللاجئين السوريين وتستخدمهم كورقة ضغط على الجميع وخاصة الاتحاد الاوربي حتى في الفترة الأخيرة أصبحوا كسلاح يوجه باتجاه أوربا، حيث يترك ذلك هاجساً كبيراً لدى الاتحاد الاوربي خوفاً من موجة النزوح التي تحمل في طياتها مشاكل اجتماعية وإنسانية وأمنية في دول الاتحاد.

مساعدات الاتحاد الاوربي المالية

حيث كان الاتحاد الأوروبي قد تعهد خلال القمة التركية – الأوروبية المنعقدة في 29 تشرين الأول لعام 2015م بما تمخض عن القمة وتقديم الاتحاد الاوربي حزمة مساعدات مالية أولية تقدر بـ”3 مليارات” يورو لدعم السوريين في تركيا حتى نهاية 2017م، وخلال القمة الثانية المنعقدة بتاريخ 18 آذار 2016م تقرر أيضاً تقديم حزمة إضافية قدرت بـ” 3 مليارات” يورو حتى نهاية عام 2018م، في حال انتهاء الحزمة الأولى.

الاتحاد الأوربي كان يهدف من وراء تقديم تلك المساعدات تنفيذ العديد من المشاريع الهادفة إلى تلبية احتياجات اللاجئين السوريين في تركيا وتقديم الخدمات الأساسية من تعليم وغذاء وبنى تحتية، وبالمقابل تعهدت تركيا  وفق هذه الاتفاقيات بأن تكون دولة مقر بالنسبة للاجئين وأن تُوقف عمليات تدفق اللاجئين إلى الجانب الأوروبي عبر بحر إيجة، وأن يتم إرسال كل اللاجئين الذين تمكنوا من العبور إلى اليونان، وتحتضن تركيا داخل أراضيها نحو ٣.٥ مليون لاجئ سوري وتعد الدولة الأكثر استضافة للاجئين السوريين في العالم.

اللاجئين السوريين فيها 3.5مليون نسمة

استقبلت تركيا في السنوات الماضية ملايين اللاجئين من دول مختلفة على رأسها سوريا التي قدرت منذ اندلاع الثورة السورية في عام ٢٠١١ بنحو ٣.٥ مليون شخص، وتلك الأرقام صادرة عن تركيا، كما أن قيمة مساعدات اللاجئين التي قدمها الاتحاد الأوروبي حتى الآن لتركيا بلغت ٤٦٧ مليون يورو من أصل ثلاثة مليارات يورو وعد الاتحاد بتقديمها للدولة التركية على مدى العامين ٢٠١٦ و٢٠١٧، وأوضحت المفوضية أن هذا الدعم جزء من إجمالي بقيمة ١.٢٥٢ مليار يورو تم الاتفاق على تخصيصه لصالح ٣٤ مشروعًا محددًا، حيث أن الهدف الحقيقي من وراء مساعدة الاتحاد الأوروبي تركيا في تمويل إيواء اللاجئين في تركيا وذلك في مقابل تعاون تركيا في جهود حل أزمة اللاجئين ومنع تدفق اللاجئين إلى أرضيها.

ملفات اخرى عالقة مع الاتحاد الاوربي

ولم يكن هذا الملف فقط هو السبب في توتر العلاقات التركية الأوروبية بصورة منفصلة ولكن تعددت القضايا الخلافية بين الجانبين، خاصة ملف غاز منطقة شرق المتوسط، وأن الاتحاد الأوروبي أعلن في٢٠١٩ إمكانية تعليق الاتصالات رفيعة المستوى مع تركيا ووقف المساعدات المالية لها احتجاجًا على أنشطة التنقيب غير المشروعة عن الغاز الطبيعي بالقرب من السواحل القبرصية.

وتضمنت مقترحات المفوضية الأوروبية للضغط على تركيا من أجل وقف أعمال التنقيب عن الغاز بالقرب من سواحل قبرص (العضو في الاتحاد الأوروبي) تعليق أي اجتماعات على مستوى الوزراء أو على مستوى القمة مع تركيا، إلى جانب وقف المحادثات بين الجانبين بشأن اتفاقية للطيران.

كما أعلن الاتحاد الأوروبي من قبل خلال قمة بروكسل في ٢١ تموز ٢٠١٩، تهديد تركيا بالعقوبات إن لم توقف عملياتها غير الشرعية للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، وذلك بعد ساعات على إرسال أنقرة سفينة تنقيب ثانية إلى هناك، وعملت دول الاتحاد على اتخاذ تدابير مناسبة في خياراتها تجاه التصعيد التركي في منطقة شرق المتوسط، وصلت حد التهديد بفرض العقوبات الاقتصادية على خلفية سلوكها التصعيدي تجاه اليونان وقبرص على الغاز في منطقة شرق المتوسط، وتكمن أهميتها كونها تأتى في ظل الضغوط الاقتصادية التي تشهدها تركيا بالأساس، ومن ثم تتزايد نتائجها في التأثير على الداخل التركي ووضع حزب العدالة والتنمية في وضعية سلبية.

أهداف تركيا من استخدام ملف اللاجئين

وبالعودة إلى الملف الأهم والسلام التركي المشرع في وجه الاتحاد الأوربي وهو ملف اللاجئين الذي يعتبر إحدى القضايا المحورية التي يتم توظيفها من جانب تركيا لتحقيق أهداف سياسية خارجية خاصة فيما يتعلق بمحورين أساسيين:

 الأول يتمثل في ضمان التأثير بصورة مباشرة في مجريات ومخرجات الأزمة السورية، ودعم الكبير للمجموعات والفصائل المتطرفة التي ساعدتها على تحقيق مشاريع تركيا الاستعمارية في المنطقة والتي أدت إلى احتلال العديد من المدن السورية الشمالية كجرابلس والباب وعفرين وإدلب.

والثاني يتعلق بتوظيف هذا الملف في الجهود الدولية في لضمان استمرار الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لتركيا خاصة من جانب الدول الأوروبية وظهرت ذلك جهراً من خلال تصريحات اردغان التي تهدد بموجات من اللاجئين تجتاح اوربا، وبالتالي فإن هناك العديد من الأهداف التي تسعى تركيا إلى تحقيقها بانتهاج سياسات الضغط بورقة اللاجئين.

ملف اللاجئين سبب أزمة داخلية في تركيا

وعلى الرغم من أهمية هذا الملف بالنسبة لتركيا إلا أن هناك العديد من الأزمات التي ظهرت على خلفية هذا الملف؛ حيث ظهرت مشكلة اللاجئين بعدما تزايدت الضغوط الشعبية التركية تجاه سياسة العدالة والتنمية الذى حاول توظيف موجات التدفق العالية من جانب اللاجئين في ممارسة دور خارجي فاعل في الأزمة السورية بالمشاركة في عمليات التسوية السياسية المستقبلية والمتعلقة في المقام الأول قوات سوريا الديمقراطية ومواجهته عسكريًا، أو من خلال استغلال اللاجئين للحصول على التمويلات الأوروبية الخاصة بصناديق الدعم الموجهة لهم، وفى هذا الإطار شهدت تركيا حالة من الاضطرابات الداخلية فيما يتعلق بوضعية اللاجئين الداخلية بفعل الضغوط الاقتصادية التي تشهدها تركيا، ومع تزايد الضغوط الداخلية تم ترحيل العديد من اللاجئين السوريين إلى إدلب وبعض المدن السورية، بالإضافة إلى تلويح تركيا بورقة اللاجئين في تهديد الأمن الأوروبي مقابل الحصول على الأموال والدعم السياسي في مساندة الدور التركي في المنطقة وخاصة في الداخل السوري.

ومن زاوية أخرى فإن ملف اللاجئين يمثل أحد الأوراق ذات الأهمية الكبرى فيما يتعلق باتساع مساحة الضغط على النظام التركي لترحيلهم، ما يمكن لأدوغان أن يبرر الضغوط التي يتعرض لها داخليًا بالسعي لتوفير مكان آمن لترحيل اللاجئين السوريين من تركيا إلى شمال وشرق سوريا أو في منطقة إدلب أو للضغط على الاتحاد الأوروبي لزيادة مستوى الدعم المقدم خاصة وأن تركيا تعانى العديد من المشكلات من الأزمات الاقتصادية التي تؤثر بصورة سلبية على شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة معدلات البطالة، وتراجع الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة في ظل العقوبات الاقتصادية المحتملة عليها من جانب الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، ومن ثم فإن هذا الملف يعد ورقة ضغط كبرى لتحقيق مصلحة الحزب وأروغان ومن ثم الالتفاف على هذه الضغوط وتبرير موقفه.

تركيا تستخدم اللاجئين سلاح في وجه أوربا

وخلال عدوانه الأخير على مناطق شمال وشرق سوريا بررت تركيا عدوانها واحتلال العديد من المدن والقرى كتل ابيض ورأس العين بإقامة مناطق آمنة لعودة اللاجئين ولكن بالحقيقة تطمح تركيا إلى تنفيذ مخططات سياسية وسكانية لتحقيقها في المنطقة وخاصة أن المنطقة حررتها قوات سوريا الديمقراطية ونشرت فيها الأمن والاستقرار وهي بالمقابل تريد إعادة الفوضى وعدم الاستقرار وتحتل مناطق جديدة لتبقى من الناحية السياسية فاعلة في ملف حل الأزمة السياسية، وكذلك تسعى لطرد السكان الأصلين وشعوبها المتنوعة والذي يشكل الشعب الكردي الغالبية في المناطق التي تسعى تركيا اقامة المنطقة وتوطين مواطنين سوريين مناطق أخرى في محاولة لتغير وتطهير عرقي في المنطقة والذي يعد من أخطر الجرائم ضد الشعوب في المنطقة.

وتستمر تركيا في استخدام اللاجئين والملف السوري الإنسانية لتحقيق أطماعها الخبيثة في سواء في الداخل والسوري أو على مستوى السياسي العالمي وخاصة تشرع بهذا السلاح في وجه اوروبا وتتجرد من الإنسانية التي تتدعي أنها تأوي اللاجئين من أجله.

خداع والتفاف على الرأي العام

نقطة هامة اخرى تعمل عليها تركيا وهي كما يقال حق يراد به باطل، فتركيا التي ابتزت العالم لمرات  عديدة ومنها بحجة افساح المجال للاجئين بالهجرة إلى أوروبا تبتز اوروبا علنا بتضخيم اعداد اللاجئين لديها، وتعود مرة أخرى  وتبتز العالم بضرورة مساعدتها في اعادة اللاجئين السوريين وتوطينهم لتستثمر اموالها في ذلك وتحصل على مساعدات بأسماء اممية بينما هي توطن سكان الداخل السوري ومناطق دمشق وغيرها ممن اتفقوا مع النظام وروسيا في املاك ومدن شعوب شمال شرق سوريا المهجرين قسراً إضافة إلى المئات من عوائل الايغور والتركمان وغيرهم لتغيير ديموغرافية المنطقة وانتهاج سياسة الابادة بحق شعوب المنطقة الأصليين وبمحاولة حثيثة لإضفاء شرعية اممية على جرائم بحق الانسانية.