من دَخَلَ بيت أردوغان فهو ليس آمن

محمد أرسلان ـ صدى البلد –

إنَّه التاريخ الذي عاشه أجدادنا يُعيد نفسه مرارًا وتكرارًا وما زال البعض لا يفقه منه شيئًا ويحاول بكل ما أوتي من قوة أن يخدع ذاته على أنه يسير نحو الأفضل، لكن يبقى للتاريخ مساره الخاص به الذي لا يمكن لأحد أن يغيره حتى يغيروا ما في أنفسهم. تسع سنوات عجاف تمر على ما سُمي بـ “الربيع العربي” زورًا وبُهتانًا وما زال البعض من يدَّعي المعارضة والثورة، والذين يُكبرون باسم “الله” كي ينصرهم على الأعداء مستخدمين قطع الأعناق وجزّ الرؤوس وحرق الانسان وتكفير الآخر، وسيلة للوصول لهدفهم في تغيير السلطة المارقة الديكتاتورية. أرادوا التغيير وتطهير البلاد قبل أن يُغيّروا ويطهروا أنفسهم من منطق السلطة والاستعلاء وإقصاء الآخر، والنتيجة هي تراجيديا نكررها في بازار نفاق السلطة والمال.

ما سُميت بالمعارضة إن كانت في العراق أو ليبيا ومصر وسوريا ارتهنت لأردوغان على أنه الخليفة الذي سينجيهم من الكفرة القومويون الذين باعوا الآخرة بدنياهم، ديماغوجية وسفسطة المعارضة كانت ولا تزال لا تقل عن نفاق خليفتهم أردوغان بأي شيء، سوى التبعية والخنوع والانبطاح والإصرار على العبودية للعثمنة الجديدة وللسلطان أردوغان.

أردوغان الذي باعهم في حلب والغوطة وحمص وحماه وريف دمشق، ها هو الآن يتاجر بهم في إدلب التي تعتبر آخر ما تبقى لهم من حظيرة يرتعون فيها قبل سوقهم إلى “سلخانة” السلطة والمصالح الأردوغانية التي لا يهمها شيء من الأزمة السورية، سوى احتلال ما يمكن قضمه في هذه الفوضى التي عمَّت المنطقة.

لعله “خابور” كما يسميه الأخوة المصريين “الآيس كريم” قد فعل فعلته في السلطان وأغفله عن وعوده، أو بالأحرى قد سرَّع في الكشف عن حقيقته وسقوط قناعه الذي اختفى خلفه منذ سنوات تسع، لهذا هبَّ الشعب في الهتاف ضد السلطان، الآيس كريم أو “الدوندرمة” كما يريد تسميتها الأخوة في الشام، باتت القشة التي قصمت ظهر البعير والسلطان العثماني. وفوق كل ذلك يطل علينا بعض ممن يدعون أنهم من المعارضة السياسية كانت أو الميدانية ويسعون لتلميع صورة خليفتهم الذي وعدهم بالفردوس المفقود، والتي تحولت لجحيم فوق رؤوس الشعب المغلوب على أمره.

ولنا عبرة من سيرة الرسول محمد حين فتح مكة وقال: “…. ومن يدخل دار أبي سفيان فهو آمن”. قالها الرسول عليه الصلاة والسلام لأن كان يعرف أبي سفيان أنه لم ولن يؤمن به، لكن تبقى المصالح المستقبلية هي الأساس التي حددت هذا الموقف السياسي الذكي جدًا. لكن سوء الظن والتقدير عند المعارضة إن كانت في سوريا أو العراق أو ليبيا أو حتى في مصر هو أنهم لا يفقهون من السياسة شيئًا، فما بالك في إدارة المجتمع واحترام الإنسان وقبول الآخر الذي لم يسمعوا به قط.

خانتهم أفكارهم التي كانوا يؤمنون بها وما زالوا متمسكين علَّها تنقذهم من الفشل الذي يعيشونه مع خليفتهم. إذ، لم تعد تركيا آمنة ولا أردوغان بحد ذاته آمن، اللاجئون في تركيا أو النازحون في الداخل السوري لم ينجوا من نفاق سلطانهم أردوغان الذي باعهم في أول آيس كريم يأكله قبل سقوطه المدوي هو بحد ذاته.

آلاف المرات تم توجيه الدعوة من قبل مجلس سوريا الديمقراطية “مسد” للمعارضة السياسية والميدانية المرتمية في أحضان أردوغان، بأن لا ينخدعوا بوعوده وكلامه المعسول، وبأن هذا السلطان الذي يقمع شعبه ويدمر مدنه ويتخلى عن أقرب المقربين له (داوود أغلو وباباجان وغول وغولن و….)، لن يفكر ولو للحظة واحدة في أن يتخلى عنهم إذا اقتضت المصلحة والسلطة ذلك، وأن الحل يكمن بقراءة التاريخ والسياسة بشكل جيد وأن أساس الحل يكمن في فلسفة أخوّة الشعوب والعيش المشترك لبناء الأمة الديمقراطية التي ينادي بها مجلس سوريا الديمقراطية منذ بداية الأزمة السورية.

وما تهديدات أردوغان لأوروبا بفتح ممر جحيم اللاجئين عليهم إلا الورقة الخاسرة الأخيرة بيد أردوغان التي يتاجر بها؛ من أجل حفنة من المال أو موطئ قدم له في الشمال السوري، وسينقلب سحر اللاجئين السوريين على الساحر أردوغان في القريب العاجل. ولكن؛ بعد أن تحترق المعارضة بعمى مصالح نفاق أردوغان الدجال. وكلمة لا بدَّ منها هي أنه على من يدَّعون المعارضة إن كان في مصر أو ليبيا أو العراق، أن يعتبروا من أشقائهم في سوريا وأن لا يضعوا كل بيضهم في سلة أردوغان، لأنه سيبيعهم في أقرب بازار سياسي يضمن له السلطة والمال، فهل من معتبر!؟.