حصول تركيا على إس 400 كارثة حقيقية

نوري سعيد –

أردوغان يحاول جاهداً الحصول على منظومة صواريخ إس400 الروسية الصنع، والتي تعد سلاحاً متطوراً جداً بالرغم من التهديد الأمريكي الذي منحه فرصة أخيرة للرجوع عن شرائها حتى نهاية تموز القادم. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما الخطر الذي تتعرض له تركيا حتى يُصِّر أردوغان على توقيع الصفقة مع الروس؟ أليست تركيا هي التي تحتل حوالي ما يماثل نصف مساحة لبنان من أراضي سوريا؟ وتتدخل فيما يحصل في السودان وليبيا وتدعم داعش والنصرة والإخوان؟

إن ما يقوم به أردوغان يذكرنا بالمثل الشعبي (ضربني وبكى سبقني واشتكى) فمن جهة هو الذي يحتل الأرض السورية، ومن الناحية الأخرى يحاول إيهام المجتمع الدولي أنه حمل وديع وهو الذي يتعرض للإرهاب، ومن هنا نقول: أن حصول تركيا على الصواريخ الروسية إس 400 يعتبر كارثة وسيعرض أمن المنطقة كلها للخطر، لذا على أمريكا والغرب أن يكونوا أكثر جدية في التعامل مع أردوغان ومنعه من الحصول على هذا السلاح الفتاك، لأنه يحاول إعادة أمجاد إمبراطورية آل طغرل السيئة الصيت، والتي قامت على أشلاء ودماء شعوب المنطقة. ويبدو أن أردوغان لا يكتفي بما فعله حتى الآن من مجازر بحق دول الجوار وبالأخص سوريا، بل يريد من خلال امتلاكه إس400 أن يأتي على الأخضر واليابس حتى يشفي غليله، إن شخصاً بهذا القدر من الخطورة لابد من أن تتضافر الجهود الدولية لوضع حد لغطرسته.

كونه وزعماء إيران وقطر يشكلون خطراً على السلم والأمن الدوليين، إن امتلاك النظم الاستبدادية  كالنظام التركي والإيراني أسلحة متطورة يعد كارثياً ليس إقليمياً بل عالمياً أيضاً، إن حيازة تركيا إس 400 يشكل خطراً على شعبنا الكردي في الأجزاء الكردستانية الأربعة، لأن تركيا لا همَّ لها سوى عِداء الكرد ومنع حصولهم على أية امتيازات في أية جزء، بالرغم من أن شعبنا لا يعادي تركيا بل يطالب أن يعيش بحرية وكرامة، ويحصل على حقوقه المشروعة كبقية شعوب العالم. فالأكراد في باكور كردستان يشكلون القومية الثانية في تركيا، ومع ذلك فإن العدالة والتنمية تنفي وجود مسألة كردية في تركية، وتتهم حركة التحرير الكردستانية بالإرهاب، علماً إن من احتل قبرص وقسمها إلى قسمين حريٌّ به أن يكون إرهابياً، لا من يطالب بحقوقه المشروعة. وعليه نسأل النظام التركي ما الكارثة التي سوف تلحق بتركيا وغيرها لو حصل الكرد فيها على حقوقهم الثقافية وحق المواطنة الحقيقية في كل جزء يتواجدون فيه؟ ولماذا يوصف كل تحرك يقومون به بالانفصال والخيانة! إن عدم الانفتاح على القضية الكردية وطمس حقوق شعوب ومكونات المنطقة الأخرى في هذا العصر الذي يتسم بسِمَةِ الديمقراطية، يُعدُّ انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان الذي نصت عليه كافة المواثيق الدولية. وطالما بقيت المسائل القومية والمذهبية والطائفية من دون حل من قبل أنظمة الحكم الديكتاتورية في المنطقة، سنظل طعوماً للآخرين ليتدخلوا في شؤوننا مستغلين خلافاتنا وضعفنا، وعليه بدلاً من أن يعبر زعيم العدالة والتنمية التركي عن اهتمامه بالداخل يحاول تصدير مشاكله للخارج، وتحصين نفسه بأسلحة لا ضرورة لها ودعم المرتزقة والفصائل الإرهابية. علماً إن وحدة شعوب تركيا وتلاحمها إن تحققت ستكون أقوى سلاح في وجه الأطماع من أية جهة كانت، وصمام أمان لتركيا كما حصل في معركة ملاذ كرد وغيرها، وعكس ذلك هو دمار وهلاك ومزيد من المشاكل وسفكٌ للدماء، وعلى قادة المنطقة استيعاب دروس الآخرين، وأن يدركوا جيداً أن الشعوب المغلوبة على أمرها لا ترحم ولن تقبل أن تعيش أبد الدهر بين الحفر.