الشبيبة المنظمة.. نار الثورة ونورها

سوزان علي –

شجيرات نمت وأثمرت… وأعطت ظلالاً وارفة، سواعد حملت السلاح وردت البرد والحرّ بقلوبها؛ فكان تحرير أرض الوطن جلّ غايتها، ولم تأبه بتغير المناخ أو تسلل الخوف إلى أنفسهم أثناء المناوبة على الحواجز.. قلوب أشعلت شمعة العلم بالإرادة في تذليل العقبات أمام رسالتها، فكان نتاج عطائها نمو الأزاهير في حقل المعرفة…. نفوس تمردت وأحيت ثورات بإيمانها.. هم الشبيبة المنظمة التي ارتأت في التنظيم وسيلة لبلوغ الأرب، فاتخذت التدريب سلاحاً للنضال ضدّ الفكر الدوغمائي والرأسمالي الساعي إلى غزوهم فكرياً وبالتالي استثمارهم وتسخيرهم لتحقيق مصالحها.
سعى العدو وفقاً لمخططاته في غزو المجتمع فكرياً بالدرجة الأولى إلى التحكم بالمجتمع عن طريق كل من الشبيبة والمرأة، فكان إلهاء الشبيبة أولى هذه الممارسات وذلك عن طريق ممارسة الحرب الخاصة عليهم وأدلجة فكرهم، بدءاً من إبعادهم عن ثقافتهم وعاداتهم، ومروراً بتبنيهم لثقافة أخرى غير ثقافتهم عن طريق الموضة والأزياء؛ ناهيك عن الاستخدام الخاطئ للإنترنت والانقطاع عن المحيط والانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي من الفيس بوك والواتس آب وغيرها من الوسائل؛ ما أبعد الشبيبة عن شخصياتهم والشعور بالاغتراب عن المحيط، وجاءت هذه الممارسات عن طريق الوسائل الإعلامية والإنترنت.
ولأن الشبيبة نار الثورة ونورها، كانوا أكثر فئات المجتمع محط أنظار العدو للتحكم بالمجتمع عن طريقهم، فبدا جلّ غايات العدو الحد من طاقاتهم لسهولة التحكم في الشرق الأوسط وتحقيق مصالحها والاستيلاء على خيراتها؛ وذلك بغرس ثقافتهم في عقولهم وتدريبهم على الفكر الرأسمالي منذ نعومة أظفارهم وإبعادهم عن الضوابط الأخلاقية المجتمعية تحت مسمى الحرية مما يشل الذهن ويساهم في عقم التفكير لتنحيهم عن القيام بالثورات والنضال ضد مثل هذا الفكر.
إن تنظيم الشبيبة أمر لا بدّ منه في المجتمع، حيث باستطاعة الشبيبة وضع هدف لهم في الحياة والعمل وفق مخططات رسموها لأنفسهم ووضع مشاريع أمامهم وغايات يسعون لبلوغها، وكذلك عدم هدر الوقت، وإنما تسخيره لتحقيق طموحاتهم بالدرجة الأولى والعمل بما يعود على المجتمع بالفائدة وكذلك التعاون فيما بينهم في الكثير من الأمور الهامة كإقامة الصداقات المتينة والقيام بالحماية وتنظيم أمور الحي وذلك من خلال المراكز الشبابية والمدارس وكومينات الأحياء، ذلك أن لهم لجنة خاصة بهم هي لجنة الشبيبة.
إن قيام شبيبة شمال سوريا بتنظيم ذواتهم أدى لكسر حاجز الخنوع والاستكانة لديهم، حيث الاعتماد على الذات وترك بصمة في الثورة من خلال إشغال حيز هام فيها سواء في الحماية أو في الحياة الاجتماعية، فهم من قادوا الثورة وقاموا بحماية الحدود والقضاء على المرتزقة من خلال الانضمام إلى وحدات الحماية، وقوات الأسايش، كما لا يجب أن نغفل عن دورهم في الإعلام والتعليم، فهم من حملوا على عاتقهم إنارة المجتمع وتوعية الأجيال وتعليمهم على القيم والمبادئ المجتمعية والحث على تعملهم بلغتهم الأمّ.
التدريب والتنظيم هام في حياة الشبيبة ومن خلالهما يستطيع الشبيبة التعرف إلى حقيقتهم ومدى الطاقات الهائلة التي تكمن في ذواتهم والتميز في شخصياتهم وكسر الرتابة والحواجز التي تقيدهم واستبدالها بتحقيق الطموحات والغايات ورسم مستقبل لامع لهم.