حاوره/ نزهان محمد –
أضحى الشعب السوريّ بكل أطيافه فاقداً لبوصلتَه التي ترشده الى سُبل الحلّ السياسيّ للأزمة؛ لأنّه فَقَدَ مفاتيح التحوّل الديمقراطيّ منذ أن اُغتصِبتْ أحلامُه واُعتديَ عليها من قبل بعض النُّخب التي روّجت للحرية وسلّمت فيما بعد مصيره لمقتلةٍ إقليميّة وقوىً طامعةً في الجغرافيا السوريّة، قوىّ تسعى الى إطالة الأزمة السوريّة لتحصل على أكبر قدرٍ ممكن من المكاسب على الأرض.
حول المشكلة السوريّة واستعصاء إيجاد الحلول لها وكيفية الانتقال إلى مجتمع ديمقراطيّ حرّ ولتسليط الضوء ومعرفة المزيد عما يجري في الشمال السوريّ وسورية عامة أجرت صحيفتنا حواراً مع السكرتير العام للحزب الشيوعيّ الكردستانيّ نجم الدين ملا عمر:
ـ ما هي رؤيتكم لآخر الأوضاع والمستجدات على الساحة السوريّة في هذه المرحلة؟
يبدو أنّ الساحة السوريّة باتت أكثر تعقيداً من السابق بفعل التدخّلات الإقليميّة والدوليّة، فعندما يتحكم بالمصير السوريّ قوى تنهش في الجغرافيا السوريّة فإنّ الأمور تذهب شيئاً فشيئاً باتجاه التعقيد أكثر فأكثر، وذلك بسبب التفاهمات والاتفاقيات التي تجري علناً بين الدول المهيمنة على المسار السياسيّ والعسكريّ في سورية فأضحت كلٌّ من تركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة الأمريكيّة مع حلفائها يسيّرون القضية السوريّة حسب مصالحهم ورؤيتهم للتوازنات. لذلك فقد بات لكلِّ واحدٍ منهم الدور المنوط بهم وليتم تنفيذه بالاتفاق فيما بينهم ودون الضرر بالمصالح المشتركة لأي واحدٍ منهم.
الأوضاع السياسيّة في سورية متشابكة جداً وبات السوريون أمام نفق مظلم بسبب هذه التدخلات وباتت الخيارات محدودة لديهم، وهذا يعود إلى عدم وجود معارضة وطنيّة ديمقراطيّة حقيقيّة تملك القرار الحقيقيّ المستقل، فالمعارضات الموجودة هي معارضات شكليّة مموّلة ومستوردة وتابعة لإرادة كلٍّ من تركيا وقطر ودول الخليج ويتمّ من خلالهم كما حدث في عفرين خلط الأوراق وتأزيم الوضع أكثر. ونستطيع أن نقول: إنّ الساحة السوريّة الآن هي ساحة صراع من أجل المصالح ليس إلا، وفُقدت الثورة السوريّة جميع المبادئ والمرتكزات التي صاغتها في شعارات الكرامة والديمقراطية والحريّة التي نادت بها في البداية.
ــ توغلت القوات التركيّة في باشور كردستان، وهي تحتل مناطق من سورية أمام مرأى المجتمع الدوليّ الصامت تجاه ذلك، بما يُفسرُ هذا الصمت الدوليّ حيال التصرّفات التركيّة؟
لا يختلف اثنان أنّ النظام التركيّ الحالي هو امتداد للأنظمة التركيّة السابقة تلك الأنظمة التي تشكّل كلمة الكرديّ لديهم عقدة فالترك ومنذ تشكيلهم لكيانهم وضعوا الشعب الكرديّ في خانة الأعداء التاريخيين لهم، وعندما نتصفح التاريخ ونعود إلى الوراء قليلا ً نرى ما جرى في حلف بغداد واتفاقية الجزائر وصولاً إلى معاهدات لوزان وسيفر إلى هذه اللحظة التي نعيشها اليوم. نجد أنّ الترك يسعون بكلّ قوتهم إلى قمع انتفاضات الكرد سواء في شمال كردستان أم في جنوبه، حيث نرى أن للعقليّة التركيّة الفاشية باعٌ طويل في قمع الانتفاضات، وحياكة المؤامرات وصياغة الاتفاقيات ضد القضية الكرديّة في أجزائه الأربعة، والنظام القائم في تركيا هو نظام عنصريّ شوفينيّ ديكتاتوريّ ورجعيّ، ولا يوجد في قاموسه حلول سياسيّة وديمقراطيّة للقضية الكرديّة، بل أفكارٌ محصورة بثقافة العنف والإرهاب والترهيب والأساليب الفاشية بحق شعبنا في كافة أجزاء كردستان. ولا سيما باكور كردستان وكذلك بحق القوى الديمقراطيّة والثوريّة في تركيا ونرى أنّها تتدخل بكلّ وقاحة في الشأن السوريّ وتحتل جزءاً من أراضيها، وترفع أعلامَها على مساحات واسعة من سورية ومع كلِّ أسف تقوم بهذه الأعمال أمام مرأى العالم الذي يدّعي أنّه راعٍ للديمقراطيّة وحقوق الإنسان والسلم العالميّ. وهذا إن دلَّ إنّما يدلُّ على السياسة الدوليّة التي ترعى مصالحها وتعمل من أجلها فقط، وعلى ما يبدو أنّ دول العالم تتصرف حسب ذهنيّة المصالح فقط، فالاتحاد الأوروبيّ والولايات المتحدة الأمريكيّة هي التي صاغت العهود والمواثيق التي تنصف الإنسان، لكن يظهر للعيان أنّ هذه العهود والمواثيق ماهي إلا حبرٌ على ورق ولا توجد إمكانيّة لتطبيقها بشكلٍ عمليّ على الأرض. لذلك فكلُّ دولة تنادي برعايتها لحقوق الإنسان والدفاع عنها هي كاذبة، لأنَّ صمتها أمام جرائم تركيا ووقوفها موقف المتفرج منها يعني مشاركة تركيا في ممارساتها القمعيّة ضد الشعب الكرديّ في داخل تركيا وخارجها، وصمت المجتمع الدوليّ يؤلمنا لكنها لا يثنينا عن متابعة نضالنا نحو الديمقراطيّة والأهداف التي وضعناها نصب أعيننا.