الالتزام بنهج القائد أوجلان سيُحقق الانتصار

هيلين علي –

تُطِل علينا ذكرى مؤامرة 15 شباط من كل عام وقائد الأمة الديمقراطية عبد الله أوجلان داخل السجن معزول في خط المواجهة الأولى مع هذا الاحتلال البغيض والغادر، وهي حالة نضالية مستمرة بصموده وثباته في مواجهة هذه السياسات التي يتصاعد فيها حجم الانتهاكات والممارسات اللاإنسانية التي يمارسها الاحتلال التركي الفاشي، بشكل خطير وبصور متعددة الأشكال.

إن قضية أسر القائد عبد الله أوجلان وفرض العزلة عليه من أكبر القضايا الإنسانية في العصر الحديث، حيث لم يُعتقل على مدى التاريخ الإنساني شخصاً مثلما اُعتقل القائد عبد الله أوجلان وبقي في السجن منفرد معزول عن العالم منذ عام 1999م، ولم يخضع لمحاكمة شرعية ليومنا هذا ضاربة فيها تركيا وحلفائها كافة الأعراف والمواثيق والنظم الحقوقية والإنسانية عرض الحائط، مُستهدفة القضية الكردية في شخص القائد أوجلان. وما زالت المؤامرة الدولية تسعى عام تلو الآخر ببدء مرحلة جديدة من سياستها الرديئة المليئة بالمخاطر على الشعب الكردستاني عموماً وشمال وشرق سوريا خصوصاً، وتسعى لإفراغ جهود ونضالات السلام والديمقراطية التي يقودها الشعب الكردستاني وفق نهج وفلسفة قائدها منذ عشرين عاماً من جوهرها، وتلك الدول تسعى لترويضنا للعيش بدون القائد وبدون أيديولوجية الحرية وبدون مقاومة أيضاً.

تأتي الذكرى المؤلمة هذا العام في ظل الاحتلال التركي لمقاطعة عفرين والذي حدث بعد مقاومة تاريخية من قِبل شعب عفرين دامت لثمانٍ وخمسين يوماً، وسالت على أرض عفرين دماء 1500 شهيدة وشهيد من حركة المقاومة الديمقراطية، الذين كانوا في مواجهة المؤامرة الدولية التي امتدت منذ عام 1998م، هذه الحقيقة التي لا يمكن غض الطرف عنها وما صاحبها من العديد من الانتهاكات بحق أبناء شعبنا في عفرين، وتصاعدت حجم الانتهاكات والهجمات العدوانية على مناطق شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى التهديدات المستمرة على شرق الفرات. بلا شك الممارسات الأخيرة التي تعرّض لها القائد مرتبطة بموضوع عفرين وشمال وشرق سوريا، حيث تعرّض القائد أوجلان خلال مقاومة عفرين إلى ضغوط للتحرك وحين رفض الإملاءات، شددت دولة الاحتلال التركي العزلة المفروضة عليه بشكلٍ مكثف.

وهناك في سجون الاحتلال التركي المئات من السياسيين والسياسيات الذين رفضوا الخنوع لسلطته ونظامه المستبد، حيث شهد العالم منذ الأشهر المنصرمة مقاومة الرئيسة المشتركة لمؤتمر المجتمع الديمقراطي والنائبة في البرلمان عن حزب الشعوب الديمقراطية في جوليمرغ ليلى كوفن بإضرابها عن الطعام، حيث أعلنت إضرابها عن الطعام لكسر العزلة على قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان. وبعد إضرابها عن الطعام؛ قررت إدارة سجون الاحتلال فرض عقوبة عليها وكانت ليلى كوفن قد اُعتقِلت بسبب مواقفها من الهجمات التركية على مقاطعة عفرين. وبالتزامن مع ذلك، تقترب قوات سوريا الديمقراطية من رفع رايات النصر في الباغوز، معلنة نهاية مرحلة لأخطر إرهابيي العالم مرت على سوريا والشرق الأوسط، فعلى أرض الباغوز سيدون التاريخ تلفظ داعش لأنفاسه الأخيرة على يد ثائرات وثوار قوات سوريا الديمقراطية، الذين ينطلقون من فكر وفلسفة الأمة الديمقراطية التي طرحها القائد أوجلان والذي تخشاه القوى الاستبدادية في الشرق الأوسط، حيث يعتبر هذا بحد ذاته أحد أهم المراحل التنويرية في مجتمعات الشرق الأوسط.

بمرور عشرين عاماً على المقاومة التي أبداها القائد أوجلان في سجن إيمرالي ضد المؤامرة الدولية والأنظمة المهيمنة، نرى إن الفكر الأوجلاني الديمقراطي الحي والحر، سينتصر في الشرق الأوسط وليس في سوريا فقط، حيث انتصر منذ أن اتخذ قرار المقاومة الخيار الأوحد، وحارب ضد فكر داعش وفكر العثمانية الأردوغانية، وفكر القومية المركزية والرأسمالية وغدا طريق النصر لسائر الشعوب في المنطقة. والتردد العالمي حيال قضية القائد أوجلان وصمة عار على جبين الإنسانية؛ لأن قضية أوجلان تمثل في الوقت ذاته قضية الشعب الكردي الذي يصدح صوته بالملايين “لا حياة بدون القائد”. وهذه الأنظمة الديكتاتورية تخشى من الفكر الديمقراطي في الشرق الأوسط، من خلال الفلسفة والرؤى والحلول الذي يطرحها القائد والفيلسوف أوجلان، وهذه الرؤى هي التي ستطيح بأنظمة الاستبداد التي تهدف لجعل الشرق الأوسط أرضاً للنزاعات والاضطرابات، من خلال إنشاء دول وخلق واقع جغرافي جديد على أنقاض النظام العثماني الذي بدأ يتهاوى عقب هزيمته في الحرب العالمية الثانية.

ولكي نقف ضد المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان، علينا المقاومة ضدها وهي تدخل عامها الواحد والعشرين، وهذا المرحلة التاريخية تحتاج إلى تصعيد النضال من قِبل الشعب الكردستاني في كل مكان وعلى جميع الجبهات دون تردد، وعلينا دعم الفعاليات التي تصب في هذا الجانب، وبروح مقاومة المناضلة ليلى كوفن وناصر ياغيز وجميع المشاركين في حملة الإضراب ضد الفاشية والاحتلال التركي، والالتزام بنهج القائد سنحقق “كسر العزلة ودحر الفاشية وتحرير كردستان وتحقيق الديمقراطية”.