سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الشعبويّة… والمخاطر القادمة

تحقيق/ رامان آزاد –

الشعبويّةتيارٌ سياسيّ يقومُ علىتقديسالطبقات الشعبيّة، ويتبنّى خطاباً سياسيّاً قوامه معاداة مؤسسات النظام السياسيّ القائم ونخبه المجتمعيّة، وقد تكاثرت أحزابه وحركاته في البلدان الغربية خاصة، ما أثار مخاوف على استقرارِ النظمِ الحاكمة فيها، واليوم يُعرفُ ترامب وأردوغان كشخصياتٍ شعبويّة.
في كتابه “ما الشعبويّة؟” للألمانيّ جان وارنر مولر يعتبرُ السياسةَ بطبيعتها شعبويّة أو تسعى لتكون كذلك، فهدفُ كلِّ حزبٍ سياسيّ الاقتراب إلى المواطنين العاديين عبر خطابٍ مفهومٍ لتحصيلِ تأييد الناخبين. ويحدّدُ قاموسُ “بوتي روبير” الشعبويّة بأنّها خطابٌ سياسيّ موجّه للطبقات الشعبيّة ينتقد النظام ومسؤوليه والنخب، إلا أنّ المصطلح لا يحظى بتعريف قطعيّ متفق عليه.
النشأة والدلالة
نشأت “الشعبويّة” خلال فترة 1830-1870 في روسيا القيصريّة وأُطلقت على حركةٍ زراعيّة ذاتِ ميولٍ اشتراكيّةٍ سعت لتحريرِ الفلاحين الروس، وتزامنت مع احتجاجات بالريف الأمريكيّ ضد المصارف وشركات السكك الحديديّة.
اكتسب المصطلح صبغةً وطنيّةً واجتماعيّةً منتصف القرن العشرين وتحرّر من الارتباط بالتوجّه الاشتراكيّ بأمريكا اللاتينيّة مع الزعيم الأرجنتينيّ خوان بيرون والبرازيليّ غيتوليو فارغاس اللذين جسّدا حركاتٍ شعبيّةً بإيحاءاتٍ وطنيّةٍ واجتماعيّةٍ دون الإشارةِ للماركسيّةِ ونضال الطبقات أو الأيديولوجيا الفاشيّة.
ولعل الشعبويّة بدأت فكريّاً وفلسفيّاً لدى فريدريك نيتشه الذي صاغ مفهومَ الإنسانِ المتفوقِ “السوبرمان” الذي يجسّد الضميرَ الجمعيّ، فيما ناقش ماكس فيبر قضية الزعامة أو الكاريزما الفرديّة وقدرة الفرد على قيادة الجماعة، إذ تعتبر القيادة الفرديّة سمة محددة لأيّة نزعة شعبويّة.
يمكن ملاحظة ملامح الشعبويّة بالأنساق الأيديولوجيّة كالاشتراكيّة التي تبلورت بظهورِ الماركسيّةِ التي يمكنُ اعتبارُها رؤيةً شعبويّةً فقد طرحَ أفكاراً تنسجمُ مع رؤية الشعبويّة كالصراع الطبقيّ والقول إنَّ طبقة البروليتاريا مولّدة التاريخ وإنّ مسارَ المنطق التاريخيّ يتجه إلى المجتمع الاشتراكيّ الذي تنتفي فيه الطبقات فلا طبقة تحتكرُ وسائلَ الإنتاج وتستغِلُ جهدَ العامل وتسرقُ الإنتاج. ووفقاً لتعريفِ مولر فهي نظريةٌ شعبويّةٌ تعتبرُ البروليتاريا تعبيراً عن الشعب والناطقة باسمه وباسم الطبقات المسحوقة من عاملين وصغار كسبة وفلاحين وكادحين، والنظريّة الاشتراكيّة وُلدت من رحمِ الصراع الطبقيّ والطبقة المستغِلة تُعتبرُ عدوةَ البروليتاريا.
ويرجع باحثون ظاهرة الشعبويّة للنصف الأول من القرن العشرين بظهورِ الفاشيّة والنازيّة وبروز تضخمِ الأنا القوميّة وكراهية الآخرين.
ورغم أنّ خبراءً بالسياسةِ والاجتماع يقولون إنّه يصعُبُ تحديدُ المراد بتعبير “الشعبويّة” لأنّه لفظٌ مُحمَّلٌ بمدلولاتٍ مختلفةٍ ومتناقضةٍ أحياناً، يرى آخرون أنّه يشملُ كلّ خطابٍ سياسيّ موجّه للطبقات الشعبيّة وينتقدُ نظامه السياسيّ ومؤسساته القائمة ونخبه المجتمعيّة ووسائل إعلامه. وهم بذلك يوصفون بأنّهم ذوو نزعة بالتفكيرِ السياسيّ ترفض فكرةَ التنوعِ المجتمعيّ وتؤمنُ بالتعارضِ بين الشعب والنخب، وتجنحُ للغوغائيّةِ والفوضويّة وتعتمد على دور “الشعب” المحوريّ والتوظيف السياسيّ لمشاعر الغضب لديه، وبخاصّة خلال الكوارثِ والأزماتِ الاقتصاديّةِ والاضطراباتِ السياسيّةِ.
طغى استخدامُ مصطلح الشعبويّة بشكل كبير وتمَّ تداوله في النقاشات السياسيّة والانتخابات بظهور شخصيّاتٍ كاريزميّة تميلُ في خطابها لتقديسِ الشعبِ وتدّعي ملكيّته للحقيقة وبقدرته تخليص العالم من الشرور في تحدٍّ سافرٍ للمؤسساتِ التقليديّة والديمقراطيّة عبر خطابٍ سياسيّ غير مسؤولٍ يراهنُ على الهامش بدل المركز ويوظّفُ المنطقَ البسيط ليقدّم حلولاً سريعة ومبسّطة للمشكلات. ولذلك؛ يحظى السياسيون أصحاب الخطاب “الشعبويّ” بكاريزما خاصة ودعمٍ شعبيّ مباشرٍ بتحدّيهم المؤسسات التقليديّة الديمقراطيّة، تلاعبهم بعواطفِ الناسِ وأفكارهم لغاياتٍ سياسيّةٍ، ويعتبرون أنفسهم الصوتَ الوطنيّ الأصيلَ وممثلي المواطنين العاديين  و”الطبقات المنسية”.
الشعبويّة تختلف عن الشعبيّة التي تنبع من التفافِ الشعبِ حول فكرةٍ معينةٍ وتأييده لها لتوافقِها مع عقليّته وطموحاتِه الاقتصاديّة والسياسيّة وتطلعاته المستقبليّة. أما الشعبويّة فلا تملكُ أرضيّة فكريّة ترسو عليها مبادؤها، ولا يؤمن الشعبويّ إلا بمصالحه الشخصيّة، فرداً وتنظيماً، ويفتقر للقيم الوطنيّة كالإيثار والتضحية ويستغرق تكوينه السيكولوجيّ بالنرجسيّة والأنانيّة، ويجسّد الوصوليّة والانتهازيّة عبر الشعارات الوطنيّة الشكليّة.
قد لا يمكن التمييز بين الشعبويّ والوطنيّ، فخطابهما متقاربٌ شكلاً وأحياناً مضموناً. ورغم التشابه، إلا أنّ الفرق شاسعٌ بينهما بالممارسةِ وصدقِ النيةِ. فالشعبويّ يركبُ أفكار الجماهير ويتبناها في خطاباته وكتاباته ليكسب تأييداً ويخاطبها بما تحبُّ، ويردّدُ ببغائيّاً الأفكار والآراء التي تسود الشارع، صائبة كانت أم خاطئة، ويركب موجة الجماهير مطيةً لتحقيقِ أهدافه، فيما الوطنيّ يؤمن بدورِ المثقفِ والتنظيم السياسيّ بالتأثيرِ وتأطير الجماهير، وقد يسير عكس تيار الشارع لمواجهة أيّ شذوذ بالطرح السياسيّ، فيحاول تقويم الفكر وتوجيهه.
العدالة والتنمية حكومة شعبويّة
تظهر جلياً شعبويّة أردوغان وحزبه والأحزاب المؤيّدة، بعد التحوّل للنظام الرئاسيّ الاستبداديّ، إثر عمليات أمنيّة انتقاميّة لتصفية المعارضة بحجّة الاشتراك بالانقلاب المزعوم، وتواصل الخطاب الشعبويّ للترويج للعدوان على عفرين والتهديد بالعدوان على شرق الفرات وربط ذلك زوراً بالأمنِ القوميّ ومستقبل البلاد، وبهذا لا تعرفُ شعبويّة السياسة التركيّة حدوداً ودونها الحرب.
كان مشروع التعديل الدستوريّ الذي هلل له أدعياء الديمقراطيّة بالواقع تكريساً للأوتوقراطيّة وحكم الفرد، ولم يُدّخر جهدٌ للدعاية للدستور الجديد رغم عدم استجابته لمطالبِ الشارع فكلُّ السلطاتُ حُصرت بيدِ الرئيسِ المستغرق بأوهام السلطنة العثمانيّة الجديدة.
يتصاعدُ الخطابُ الشعبويّ بين الحكومة والمعارضة مع اقتراب الانتخابات البلديّة التركيّة في آذار 2019، وكالعادة سيلجأ الحزبُ الحاكم لتجيير وسائل الإعلامِ لصالحه وتنظيمِ اللقاءات الجماهيريّة ليقطعَ الطريق على المعارضة وتزويرِ البيئة الانتخابيّة بالتخويفِ والوعيدِ وتصويرِ حالة الأزمة المحتملة إن لم يُنتخب مرشحوه، وليستمرَّ الجدلُ السياسيّ مع بطء تشكيل التحالفات الانتخابيّة بين الأحزاب السياسيّة المختلفة. وبالتزامن مع اللغط حول عملية عسكريّة شمال شرق سوريا، تدعو المعارضة لإطلاق الاحتجاجات في الشوارع على وقع اتهامات بالدكتاتوريّة وتفرّدِ الحزب الحاكم باتخاذ القرارات، ليعيد للأذهان أجواء الانتخابات البلدية السابقة في آذار 2014، إذ اندلعت احتجاجات حديقة غيزي (ميدان تقسيم)، إذ تهيمن أجواء القتال ضد حزب العمال الكردستانيّ وجماعة غولن، الأمر الذي يثيرُ مخاوفَ جدّيّة حول مستقبل الأمن والاستقرار بالبلاد.
بينما تأخذ أنقرة موقفاً مؤيداً يشجّع أصحاب “السترات الصفراء” بفرنسا للخروج للشوارع والقيام بأعمال شغب، يستمرُّ أردوغان بتذكير المعارضة أنّ العنفَ وأعمال الشغبِ في الشوارع ليسا خياراً مُجدياً.
تحاولُ الحكومة التركيّة استيعاب الآثار الجانبيّة السلبيّة للموجةِ الشعبويّة العالميّة ومنع تفشيها، وتأتي مسألة اللاجئين السوريين كقضيةٍ مهمة تختلفُ الرؤى حولها، فأردوغان يتجنّب إثارةَ المشاعر المعادية للاجئين خشية تقويض سياسته العامة، فيُتهمَ بكراهيّةِ الأجانب، ويركّز على دور حكومته بمساعدتهم، فيما كليشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوريّ أكبر أحزاب المعارضة يعرَّضُ مستقبله لمخاطرةٍ كبيرةٍ بإثارة الموضوع. ويبدو أنَّ أحزاب المعارضة ستتبنّى خطاباً اقتصاديّاً شعبويّاً، مع الإشارات للحدِّ الأدنى للأجور والبطالة والتضخّم.
الشعبويّة في الدولِ الغربيّة
تعني الشعبويّة في أوروبا عادةً حركاتِ اليمينِ أو اليمين المتطرّفِ، فالشعبويّ يتلاعبُ بأفكار الناس لغاياتٍ سياسيّة وعموماً لا تُستخدم الشعبويّة للتوضيح، بل للتنديد، وكمصطلحٍ قد تحلُّ محلَّ مفرداتٍ أخرى حسب السياقِ كالقوميّة وكراهيّة الأجانب والشوفينيّة وتبسيط الأمور.
فيما يتعلق بالعلاقة مع الآخر تتسم الشعبويّة بطابعِ الخصومةِ والعداء، وتنطلقُ من مبدأ الوطن أولاً لتصلَ إلى الكراهية ورفع حاجز بينهما وتضخّمُ الشعبويّة من النزعة القوميّة وتصدّر المشكلات وتلقي المسؤوليّة على الآخرين سواء كانوا أقلياتٍ دينيّة أو عرقيّة أو مهاجرين وتعتمد تفسيرات نمطيّة للأزمات الداخليّة فحزبُ الجبهةِ الوطنيّة الفرنسيّ في الثمانينات برّر مشكلة البطالة بالمهاجرين وقال هناك ثلاثة عاطل عن العمل مقابل ثلاثة ملايين مهاجر؛ فالحلّ طرد المهاجرين. والأمر ينطبق على النزعات والزعامات التي تبنّت المشاريع القوميّة في القرن التاسع عشر بأوروبا ودافعت عنها في مواجهةِ الخصوم.
رغم أنّ “الشعبويّة” ارتبطت أصلاً في نشأتها بأوساط التيارات اليساريّة؛ فإنّها باتت تغزو اليمين واليسار الليبراليّ الذي يشكّل أكبر كتلة سياسيّة بالغرب، وربما تفوق الجرعة لديه عن اليسار في أوروبا.
شهد عام 2016 صعوداً للشعبويّة السياسيّة في مختلف المحطات السياسيّة بالدول الغربية، ومن أمثلتها حزب الاستقلال البريطانيّ، وحزب الجبهة الوطنيّة الفرنسيّ، وحزب البديل الألمانيّ، وحزب بوديموس الإسبانيّ، وحزب الحرية النمساويّ، وحركة “النجوم الخمس” الإيطاليّة. حتى إن مصطلح “الشعبويّة” صار يتردد في المنابر الإعلاميّة لدى كلّ عملية اقتراع تجرى في هذه البلدان. وحققتِ الأحزاب والحركات الموصوفة بالشعبويّة حضوراً قوياً سياسيّاً واجتماعيّاً بأوروبا وأمريكا خاصة في أوساط اليمين المتطرف، بينما تغيب في دول آسيا حتى دول الاقتصادات المتقدمة كاليابان وكوريا الجنوبيّة، وهي ضعيفة في أمريكا اللاتينيّة رغم أنّ “الشعبويّة” ساعدت بصعود اليساريين.
ويستشهدون بعلو أصوات التيارات “الشعبويّة” في استحقاقات انتخابيّة عديدة، كالاستفتاء البريطانيّ للخروج من الاتحاد الأوروبيّ، وحملة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، والاستفتاء الدستوريّ بإيطاليا الذي قد يمهّد لخروجها من الاتحاد الأوروبيّ إثر فوز حملة حركة “خمس نجوم” الموصوفة بالشعبويّة والرافضة للتعديلات.
في نيسان 2016 كتب الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب مقالة بصحيفة وول ستريت جورنال قال فيها: “الترياقُ الوحيد لعقود من الحكم المدمّر من قبل حفنة صغيرة من النخب هو فرض الإرادة الشعبيّة في كلّ قضية رئيسة تؤثر على هذا البلد… إنّ الناس على حقٍّ والنخبة الحاكمة على خطأ”.
انتشرتِ الشعبويّة واكتسحتِ العالم بوصولِ رجل الأعمال دونالد ترامب للبيت الأبيض عام 2017 متمرداً على القوالب الرسميّة وإطلاق تصريحات غريبة وخروجه عن المألوف والرهان على تغيير أسلوب معالجة قضايا الشأن العام. ولعل هذه الخصائص هي المظهر، أما المضمون فيتضمن مسألتين مهمتين الأولى التركيز الخطابيّ على مفهوم الشعب خطابيّاً وأولوية الداخل وهذا ينسجم مع شعار الرئيس ترامب “أمريكا أولاً” والثانية البعد العالميّ لرسالة الولايات المتحدة. وكانت تغريدة الانسحاب العسكريّ من سوريا دغدغةً لمشاعر الأمريكيين بإظهار عدم الرغبة بزجِّ الجنود الأمريكيين بمزيدٍ من الحروب.
مخاوف صعود الشعبويّة
أثارت موجة الصعود السياسيّ للحركات “الشعبويّة” مخاوف المتمسكين بالديمقراطيّة ودولة القانون والرافضين للسياسة المبنية على أسس تمييزيّة، ورأوها ظاهرة سياسيّة يمكنها تحديد ملامح مستقبل الديمقراطيات المتقدمة بالغرب، وأن تزلزل مستقبلاً القاعدة السياسيّة المؤسسة للنظم الغربيّة المستقرة، وتهدّد بالانزلاق في مساوئ الكراهية والتحيّز؛ بسبب تحمل جماعات “غوغائية” مسؤوليّة رسم سياسات ومعالجة مشاكل تواجهها طبقات المجتمع كافة.
ويرى باحثون أنّ المشتركاتِ بين الحركات “الشعبويّة” التي ساعدت على تقدّمها في الاستحقاقات الانتخابيّة عديدة، ومنها مناهضة قضايا العولمة، والهجرة واللجوء، وسياسات التقشف الماليّ التي تُضعف الإنفاق الحكوميّ على الخدمات الاجتماعيّة، إضافة للنزعة القوميّة والدفاع عن الهوية الوطنيّة، والتركيز القوي على سياسات الدفاع، والسخرية من حقوق الإنسان.
فالاتحاد الأوروبيّ تعرّض لزعزعة شديدة بسبب تدفق مليون لاجئٍ إلى أوروبا، ولا يزال الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون في ورطة. وهناك تقدّم طفيف فيما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبيّ، لكن نتائجه الدقيقة تبقى لغزاً محيّراً، بالإضافة إلى تزايد التطرف اليمينيّ في جميع أنحاء القارة الأوروبيّة كما بينت حركة السترات الصفراء ذلك بوضوح.
ويعزو اقتصاديون الارتفاع الحالي للتيارات “الشعبويّة” إلى الإفراط بالعولمة منذ تسعينيات القرن العشرين، مع تحرير التدفقات المالية الدوليّة، وإنشاء منظمة التجارة العالميّة، وتباطؤ النمو الاقتصاديّ العالميّ، وتفاقم الفروق بالدخل والثروة، وانعدام الأمن الاقتصاديّ، وتزايد موجات الهجرة العالميّة.
ويقول المراقبون إنَّ الجماعات التي تتشارك “الأيديولوجيا الشعبويّة” تشملُ تياراتٍ متنوعةً ومتباينةً، وتوجد في البلدان الراكدة والمزدهرة اقتصاديّاً على حدٍّ سواء، إذ تقدّمت “الشعبويّة” سياسيّاً في دول تعتبر معدلات البطالة فيها منخفضة والدخول في ارتفاع.
شعبويّة الربيع العربيّ
طرح الربيع العربيّ سؤالاً؛ هل الشعبويّة نزعة أيديولوجيّة أم رؤية جديدة للعالم الجديد؟ فقد برزت الشعبويّة مع الحراك الشعبي في دول الربيع وارتبطت بالشعب وكان لها تأثير على الجماهير الواسعة وفي مواقع التواصل الاجتماعيّ وظهرت لها زعامات تسلّحت بالخطاب الدينيّ ومثلت التيارات الدينيّة وادّعت أنّها منقذة الجماهير من القمع والضامن للكرامة لتحقيق كلِّ المطالب والحقوق.
أفرزت موجاتُ الربيعِ العربيّ شخصيّاتٍ متسلّطة تبنّت سياساتٍ شعبويّة وجلبت كوارث على بلدانها، ومنحت زخماً للحركاتِ الإسلاميّة التي تظاهرت، وليظهرَ معها نموذجُ الشعبويّة الجديدة. إذ؛ قدّمت التيارات الدينيّة نفسها على أنّها الممثل الوحيد للشعوب عبر الخطاب السياسيّ والدعوة لإقصاء الآخر وتحميله مسؤوليّةَ ترهلِ وضعف المجتمعات والفساد العام. والبعض طالب بالقصاص من الدولة والخضوع لمنطق الشارع ودغدغة مشاعر الناس العاديين بشعارات سياسيّة ودينيّة فضفاضة وآخر تواطأ مع السلطة وساهم بإخماد الثورة طمعاً بمراكز سياسيّة متقدمة متذرعاً بالدين والخطاب الشعبويّ الذي يجافي مصلحة الشعب.
لكن الشعبويّة معولٌ يهدمُ البناءَ الديمقراطيّ وخطرٌ على المستقبل فقد فعلت فعلها بمجتمعات الثورة، وقضت على المبادرات الديمقراطيّة في مهدها وعصفت بالتعدديّة وحوّلت المشهد السياسيّ إلى رحى تطحنُ فيها الخطاباتُ الجوفاء، فلا أمل بطحينِ الديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة فيها، ونزلت في مستوى الخطاب المجتمعيّ إلى الحضيض، وحشرته في زوايا المذهبيّة والمناطقيّة والشوفينيّة القوميّة.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle