الديمقراطية

محمد داوود داوود –

ثمة محاولات بذلت للتفريق بين الديمقراطية بمفهومها الإنكليزي الديمقراطية بمفهومها السوفييتي ذهارولد لاسكي يعالج تعريف الديمقراطية بطريقة وظيفية ويرى أن اتباع هذا المقياس الوظيفي يساعد على بيان أن الكثير من التعارض بين المفهومين إنما هو النتيجة المؤقتة للظروف التاريخية وليس انقساماً دائماً بينهما ويرى لاسكي أنه ينبغي التمييز أولاً بين أمرين المجتمع الديمقراطي والحكومة الديمقراطية فالمجتمع الديمقراطي هو مجتمع يتخذ من إرضاء المواطنين أقصى غاية لمطالبهم التي يعتبرها الأسمى عنده ولا بد إذن لهم من الناحية المنطقية أن يدركوا أن هذا الغرض لا يمكن أن يتحقق إذا كان لأية جماعة أو طبقة في المجتمع امتيازات خاصة مؤسسة على المولد أو الثورة أو العنصر وإن الغرض من انكسار حق أية جماعة أو طبقة في الامتياز الخاص يقوم على تمكين حاجات المواطنين من أن توزن بأقل تحيز ممكن أما الحكومة الديمقراطية فتعني أن أولئك الذين يصنعون القوانين في النهاية:
1- يختارون بواسطة زملائهم من المواطنين لهذا الغرض.
2- يمارسون سلطاتهم بإجراءات تمنع المواطنين للموافقة عليهم أو عدم الموافقة على أساس في سجلهم في ممارسة سلطتهم وأن نتيجة ب – ج هي النتيجة المنطقية من أنه لا تستطيع حكومة أن تكون ديمقراطية إذا ما فرضت إجراءً تعسفياً في الانتخاب لكي لا تحصل كرهاً على الموافقة من زملائها من المواطنين.
ويرى لاسكي أن حق التعبير عن عدم الموافقة في المفهوم الإنكليزي يستتبع إذن حق التنظيم مع المواطنين المتشابهين في التفكير للتعبير الجماعي عن عدم الموافقة وهو بهذا جوهري بالنسبة لقيام الحكومة الديمقراطية وذلك لأنه إذا اتبع منهجاً آخر تكبت التجربة التي تفضي إلى مطالب مكروهة من الحكومة التي تتولى السلطة وإن كبت التجربة يعني:
أ‌- أن العمل الحكومي مبنى على رفض إقرار المناقشة
ب‌- أنها تكره المواطنين لا على مجرد المحافظة على القانون والنظام فحسب بل على أن تضع نقادها تحت التهديد والعقاب إن هم حاولوا المناقشة ويستخلص لاسكي في هذه الافتراضات التي قدمها أن أية حكومة تفعل هذا لابد من أن تهبط إلى حد الاستبداد
وتعرف الديمقراطية: أنها النظام السياسي الذي يتيح فرصاً دستورية منتظمة لتغيير الفئة الحاكمة وكذلك تهيئ تنظيمات اجتماعية تسمح بأن يكون للسواد الأعظم من السكان تأثير في القرارات الهامة وذلك عن طريق الاختيار بين المتنافسين على المراكز السياسية وتعرف الديمقراطية في المجتمعات الراقية بأنها نظام سياسي يتيح فرصاً دستورية دورية لتغيير المسؤولين الحكوميين وميكانيزما اجتماعية تسمح أوسع قطاعات السكان بالتأثير في القرارات الكبرى بالاختيار بين المتنافسين على المناصب السياسية إن أي تقويم لطبيعة الديمقراطية في مجتمع ما لابد أن يعتمد أساساً على ما يختار المراقب كتصنيف للديمقراطية وبينما لفت مفهوم الديمقراطية أنظار المفكرين السياسيين لعدة قرون جاءت مؤلفات هواردزين وسيدني هوك لتبين أنه مازال ثمة اختلافات كبيرة حول معنى الكلمة
فنجد أن هواردزين يعتقد أن معنى الديمقراطية لا يحتوي على مقاييس تتعلق بكيفية اتخاذ القرارات ولكن بالنتائج التي تصل إليها هذه القرارات أي بمعنى أخص نراه يقول: إن هذه النتائج لابد أن تصل إلى تحسين حال الفرد داخل المجتمع وبرغم أن سيدني هوك على أتم استعداد ليعترف بأن الديمقراطية قد تعمل بسهولة في المجتمعات تحظى بأوضاع مرتفعة للأفراد فإنه يصر على أن هذه الأوضاع ليست هي في الواقع مفهوم الديمقراطية بل يعتقد أن الديمقراطية سبيل وطريق لاتخاذ القرارات أما ما تقود إليه هذه القرارات كما يرى زين فإن هوك يعتقد أنها ليست نقطة الاهتمام بل المحك إلهام في رأيه هوما إذا كان الشعب له الحق عن طريق الأغلبية في الاختيار اختيار الحياة التي يبغيها وعرف لويل: الديمقراطية بأنها تجربة في الحكم بينما عرفها لنكولن: بأنها حكم الشعب للشعب وبالشعب في الوقت الذي يعرفها سيلي: بأنها الحكم الذي يملك فيه كل فرد نصيباً