إلهام عمر: تركيا تمارس سياسات مُسيئة بحق جميع شعوب الشرق الأوسط

حاورها / حسام اسماعيل –

في حوار أجرته صحيفتنا مع عضو المجلس الرئاسي في مجلس سوريا الديمقراطية والإدارية في مكتب المرأة بمجلس سوريا الديمقراطية إلهام عمر تَمحور حول التضامن مع مقاومة ليلى كوفن التي مثَّلت جميع النساء العاشقات للحريَّة والمُناهضات للظُلم والاستبداد وقمع الحريات وللوقوف في وجه الأنظمة الفاشيَّة في كل مكان، ولفضح مُمارساتهم الوحشيَّة واللاأخلاقيَّة.

 حيث أكدت إلهام عمر على أنَّ “ليلى كوفن تُدافع عن القيم الإنسانية والأخلاقية باسم المرأة مهما كان لونها أو جنسيتها أو الطائفة أو المَذهب الذي تَنتمي إليه، فهي تَخضع لذات الظُلم والقمع والاضطهاد، وحُريَّة المُجتمعات مُرتبطة بحريَّة المَرأة، وإضراب ليلى كوفن جاء من أجل رفع العزلة المفروضة على القائد أوجلان، وإطلاق سراحه، والدولة التركية تمارس سياسة لا أخلاقية وتقف ضد أي حل سياسي للشعب الكردي وقضيته العادلة، كما تمارس سياسة مسيئة بحق كافة شعوب المنطقة والشرق الأوسط.

وهذا نص الحِوار:

 –ماهي دلالة الاعِتقالات المُستمرة بحق أعضاء من حزب الشُعوب الديمقراطي، وكل الأحزاب المُطالبة بحقوقِ الشُعوب والحريات العامة؟

 الظروف التي تعيشها تركيا من قمع للحريات والظلم وعدم القبول بالآخر من سياسيين وأحزاب أو عدم الإيمان بضرورة المُشاركة السياسيَّة، هذا الأمر ولّد أزمة كبيرة في الداخل التركي، وخاصة بعد محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا، هذا الأمر إن دلَّ على شيء إنَّما يَدُّل على أنَّ النظام الحاكم في تُركيا هو نظامٌ فاشيٌ، نظام يَقمع الحُريات، ويُنادي بالتَعصُب القومي، واختصار باقي القوميات في قَوميَّة واحدة، ولغةٍ واحدةٍ، فهذه الاعتقالات التي تَحدُث بالعشرات والألاف التي تَستهدف الأكاديميين والأطباء والمُثقفين والسياسيين، وحتى النساء على وجهِ الخُصوص لأنهنَّ يُنادين من أجل حريَّة شُعوبهنَّ، فهنًّ مُستهدفات ومُعرضات للاعتقال، والنظام التُركي بقيادة أردوغان هو مَثله مثل أي نظام ديكتاتوري فاشي يَقمع صَوت الحُريات والثقافات في بُلدانهم، لذلك نَرى بعد اعتقال صلاح الدين ديمرتاش وعشرات من مُؤسسي وإدارييّ حزب الشعوب الديمقراطي HDP، إن دلَّ على شيء إنّما يَدُلُّ أيضاً على عدم قُبولهم بالحلِ السلميِّ أو المشاركة السياسيَّة، وليس لديهم نيَّة في الاعتراف بحقوق الشُعوب الأخرى، كل الشعوب لديها الحق في المُطالبة بحقوقها وخاصةً الشعب الكردي لديه تَاريخٌ حافل من الانتفاضات والثورات التي قام بها، من أجل الاعتراف بالشعب الكردي واللغة الكرديَّة، لذلك نَرى بأنَّ هذا الصراع مُستمر لمئات السنين، ولو بحثنا في التاريخ لوجدنا بأنَّ هذا الوضع الذي وصل إليه الشعبُ الكردي هو نِتاج هذا الكفاح الطويل، ونتيجة تَضحيات الشهداء وآلاف المُناضلين المُعتقلين في السُجون التركيَّة وكثير مِنهم تم نفيهم وإعدامهم حتى وصلنا إلى هذا اليوم، حتى قَبل بدء إضراب ليلى كوفن هنالك شَخصيات أخرى قَامت بالإضراب عن الطعام في السُجون التركيَّة، بسبب سوء المُعاملة التي واجهها السجناء المُعتقلين ومن أجل طمس الحقيقة، هذهِ الدُول تُصادر جميع الحُقوق والحريات، فمثلاً  ترفض الدولة التركيَّة مراراً وتكراراً الطلبات المقدمة لإطلاق سراح القائد عبد الله اوجلان أو حتى السّماح له بالالتقاء مع مُحاميه، وهذا حقّ من حُقوق أي مُعتقل أو أي سجين بحسب القوانين العادلة.

-هل تُمثل مُقاومة ليلى كوفن في سجون الفاشيَّة التركية مُقاومة المرأة الكرديَّة فحسب، أم هي مِثالٌ لكل النساء اللاتي يَسعينَّ الى الحُريَّة، ومُجابهة الظُلم والاضطهاد في كلِّ مكان؟

جاءَ إضراب ليلى كوفن من أجل إطلاق سراح القائد عبد الله اوجلان، ومن أجل الاحتجاج على رَفض تَجريده من حُقوقهِ المَشروعة، فالدولة التركيَّة ضد الحل السياسي للشَعب الكردي بشكلٍ خاص، وتُمارس سياسات مُسيئة لكلِّ شُعوب الشرق الأوسط بشكلٍ عام، لذلك نَرى هذهِ المُمارسات اللاأخلاقيَّة وغير العادلة والظَالمة من قِبل سُلطات الاحتلال التركي، ونَحنُ نُدين ونَستنكر هذهِ السياسات من قِبل السُلطات التركيَّة وبأشد عبارات الاستنكار.

وليلى كوفن هي امرأة كرديَّة لديها مَسيرة نضاليَّة طويلة، وجَاءَ اعتقالها لأنَّها تحدثت عن الاحتلال التركي لعفرين ونددت به، فكان مَصيرها السجن مثلها مثل عَشرات الرفيقات المُناضلات من حزب الشُعوب الديمقراطي.

نحنُ في مَجلس سوريا الديمقراطيَّة نرى بأنَّ ليلى كوفن تُمثل صوت المَرأة بكلِّ مَكان هي الآن مُضربة عن الطعام، ووضعها الصحي سيءٌ للغايَّة، وسط صمت من قبل الرّأي العام العالمي وتعتيم إعلامي، والمرأة الكرديَّة التي تُمثل ليلى كوفن هي مِثال للمُقاومة عبرَّ التاريخ الى هذا اليوم، ووضع تركيا ليس بعيداُ عن الوضع السوري فالقَمعُ الذي يَحصل في تُركيا يشابهُ قَمع آخر في سوريا بل هو أشد ضراوة منه، مثل الانتهاكات الإنسانيَّة كالتعذيب والتعسف وإهمال دور المرأة هذا المُمارسات تحصلُ أيضاً في سوريا، لذلك نَحن في مَكتب المَرأة في مَجلس سوريا الديمقراطيَّة، نُؤيد ونحيّي مُقاومة ليلى كوفن حيث أصبحت رمز لمِقاومة المَرأة في السُجون التركيَّة، فهي تُضحي بحياتها في سبيل حريَّة شعبها وحريَّة القائد عبد الله اوجلان لأنَّه الصديق القريب من المَرأة، ودَعم المَرأة وخاصةً الكُرديَّة السائرة على فكرهِ وفلسفتهِ العظيمة، لذلك هي مَدينة للقائد أوجلان مَدى الحياة، وتَقع عليها مَسؤوليَّة كبيرة لكي تُناضل وتُقاوم من أجل حريَّة القائد وحرية المرأة، ولذلك نَرى بأنَّ الذهنيَّة الموجودة في الشرق الأوسط بشكل عام، لا تختلف كثيراً عن بعضها البعض رُغم اختلاف الأوجه والأساليب، لذلك نحن في مَكتب المَرأة نُؤيد ونحيّي ونَتضامن مع ليلى كوفن ومُقاومتها.

-كيف لليلى كوفن أن تكون مثالاً للمرأة الكرديَّة الحُرة الرَّافضة للظُلم والاضطهاد بكل أشكاله، وأنواعه وأن تَكون قُدوة لجميع النساء في الشرق الأوسط والعالم؟

هُنالك سلسلة من الفعاليات للتَضامن مع ليلى كوفن في مَناطق شمال وشرق سوريا، مثل حَملات الإضراب عن الطعام والمسيرات التضامنيَّة، وكثير من الفعاليات الأخرى، والهدف منها هو إبراز صوت ليلى كوفن للعالمِ أجمع، ويَجب على العالم مَعرفة هذا الأمر، أن هُنالك امرأة تُناضل وتضحي بحياتها في سبيل قائد الحرية عبد الله اوجلان وحرية المرأة، وكل النساء، ولم يكن مَوقفها فقط  باسم المرأة الكرديَّة، ليلى دافعت باسم المَرأة مهما كان لونها أو جنسيتها أو الطائفة  أو المَذهب الذي تَنتمي إليه، فهي تَخضع لنفس الظُلم ونفس القمع والاضطهاد، وحريَّة المُجتمعات مُرتبطة بحريَّة المَرأة واستمرار مُقاومة الشعوب مُرتبطة بمدى توعيَّة المَرأة، ومُقاومة المَرأة في أخذ حقها، فنحن نُبارك هذا الأمر ونُعاهد أنفسنا بأن نَكون صوت ليلى كوفن بكلِّ مكان، إذ لا يُمكن الصمت ضد الظلم والاضطهاد التي تُمارسه العقليات المُتسلطة ضد المرأة بشكل خاص وضد الشُعوب بشكلٍ عام.

-ما مدى تَأثير مثل هذهِ الوقفات التضامنيَّة في مَناطق شمال وشرق سوريا، ومَوقف ليلى كوفن بشكلٍ خاص ضد العقليات المُتسلطة الفاشيَّة للأنظمة الحاكمة في المَنطقة على العموم؟

الوُقوف ضد الاضطهاد والظُلم يُضعف العدو بشكلٍ عام، فمثلُ هذهِ الوقفات التضامنيَّة وقيام كل النساء، في كل مَناطق الشرق الأوسط والعالم، يُثبت للعدو بأنَّه لا يُمكن مُمارسة المزيد من الاضطهاد والظُلم  ضدَّ الشُعوب الحُرة، وهذا الأمر يُضعف العدو ويَزيد خوفهُ، وإظهار الوجه الحقيقي والبشع للمُحتلين، لأنَّهم دائماً يُحاولون عبر المحافل الدولية، إظهار أنفسهم على الالتزام بحُقوق الإنسان والقوانين الدوليَّة، فمثلاً الدولة التركيَّة كانت مُرشحة للدخول الى الاتحاد الأوربي، ولكن بسبب الانتهاكات المُستمرة  لحقوق الإنسان والمَشاكل الموجودة داخل هذه الدولة والاعتقالات التعسفيَّة أوقفوا دُخولها في الاتحاد الأوربي.

والأزمة السوريَّة رغم قَساوة وطأتها على الشُعوب في سوريا، ولكنَّها أظهرت الوجه الحقيقي البشع للدولة التركيَّة من خلال احتلال الأراضي السوريَّة، ومُمارسة سياسات التتريك  والتغيّير الديمغرافي، ومُحاولة استرجاع أمجاد الدولة العثمانيَّة، وارتكاب الكثير من الانتهاكات بحق أهالي عفرين، وكلما استمرت بهذه المُمارسات والانتهاكات استمرت المُقاومة ضد هذهِ المُمارسات، فهي الأن تَحتل الباب وجرابلس وعفرين وغيرها من المَناطق الأخرى، والصمت الدولي الغير مُبرر بحقّ هذه الانتهاكات جاءَ نتيجة مَصالح هذه الدول، سواءً في الداخل التركي أو في المَناطق المُحتلة من قِبلهم.

ومن خلالِ هذه الوقفات الاحتجاجيّة للنساء بشكلٍ عام جاء ليَفضح هذهِ المُمارسات، لأنَّ هذهِ الدُّول تُمارس التَضليل الإعلامي، ومُحاولة طَمس الحقائق وتَشويهها، ومُحاولة حجب الانتهاكات الإجراميَّة التي تَرقى الى جرائم ضد الإنسانيَّة، وهنالك تَلاعُب فاضح بالحقائق كما ذكرنا، من خلال الحرب الإعلاميَّة المُمارسة من قبل الدولة التركيَّة.

-هل من كلمة أخيرة تُريدين توجيهها في نهاية حوارنا

أنا كامرأة سوريَّة كرديَّة أُنادي كل نِساء العالم، وخاصةً النساء اللّاتي يُنادين بحقوق الإنسان، ويَحضرنَّ مُنتديات ومُؤتمرات، واجتماعات هدفها الدّفاع عن حُقوق المَرأة، وكلُّ النِساء الحقوقيَّات بالعالم، أن يَرفعنَّ أصواتهنَّ عالياً ضدّ الظُلم المُمارس بحقّ المَرأة في مَنطقة الشرق الأوسط، ونُحيّي مُقاومة ليلى كوفن، ونَتَضامن مع مَوقفها البطوليّ قلباً وقالباً، ونحن سَائرون على دربِ مُقاومة المرأة ضد الاستبداد والظلم حتى تحقيق النصر في النهاية.