تقرير / ماهر زكريا – مصطفى الخليل –
روناهي / الطبقة – تمَّ افتتاح أكاديمية الشهيد خالد عليوي، لتكون منارة يَستنير بها أبناء الطبقة بعد مرور ستة أشهر على تحرير المدينة من مرتزقة داعش، على يد قوات سوريا الديمقراطية.
كانت هناك حاجة ماسة لمنارة فكرية لتغيير أثار الأفكار السلبية التي زرعتها القوى الظلامية التي سيطرت على المنطقة، مع الدعم المقدم من الإدارة المدنية الديمقراطية لمنطقة الطبقة لإدارة الأكاديمية لتجهيز أكاديمية المجتمع الديمقراطي، والهدف منها هو البدء بالتأهيل الفكري لأعضاء الإدارة المدنية الديمقراطية، التي تمَّ افتتاحها بتاريخ 14/12/2017م، ليكون إعلاناً عن افتتاح أول دورة فكرية في مدينة الطبقة، بمشاركة 35 متدربة ومتدرب من كافة أبناء المنطقة.
عاماً مليئاً بالإنجازات الفكرية
وبعد عام من افتتاحها ومن خلال الدروس وبرامج التأهيل الفكري والبدني والنفسي؛ استطاعت أكاديمية المجتمع الديمقراطي التي حملت اسم الشهيد خالد عليوي، وهو من أبناء مدينة الطبقة والذي استشهد خلال عملية غضب الفرات، الهادفة لتحرير مدينة الرقة من تخريج المئات من المتدربات والمتدربين من أعضاء الإدارة المدنية الديمقراطية لمنطقة الطبقة وأعضاء المجالس المحلية، وإبراز دور المرأة فيها على مستوى المنطقة، واستقبال المتدربين من الإدارة المدنية الديمقراطية لمدينة الرقة، ومجلس دير الزور المدني.
ويتضمن برنامج الأكاديمية دروساً رياضية لإعداد المتدربين جسدياً، ودورساً فكرية حول الأمة الديمقراطية وحقيقة القيادة وتاريخ سوريا والشرق الأوسط والمجتمع الطبيعي وتاريخ المرأة و النقد والنقد الذاتي، والأسلوب والخطابة ورفع روح الصداقة من خلال الحياة الكومالينة والتعاون الجماعي في العمل خلال الدورة.
وقد تنوعت الدورات التي أقيمت خلال العام في الأكاديمية التي وصل تعدادها إلى سبع دورات على مدار عام من التأسيس، ومنها دورة للشبيبة، ودورة إعداد لجان تدريب، والبقية دورات مجتمع ديمقراطي.![]()
وللاطلاع على النتائج التي حققتها أكاديميات المجتمع الديمقراطي في الطبقة، وبالتحديد أكاديمية الشهيد خالد عليوي خلال عام من افتتاحها؛ كانت لصحيفة روناهي لقاء مع بعض الإداريين وبهذا الخضم حدثنا عضو إدارة أكاديميات المجتمع الديمقراطي في مدينة الطبقة، أكاديمية الشهيد خالد عليوي وهو من المؤسسين الموجودين أثناء العمل على تشييد البناء الفكري بناء أكاديمية المجتمع الديمقراطي عادل حمود عن ماهية الأكاديمية، قائلاً: “كنت موجوداً منذ بداية إنشاء الأكاديمية، وقد جاءت فكرة إنشاء المشروع في شمال سوريا ضرورةً لتأسيس الأكاديمية بعد 6 أشهر من تحرير المدينة من داعش، ومن السليم التكلم عن هذا الموضوع بإنشاء الأكاديميات في فترة صراع بعد 6 أشهر من التحرير، حيث كان لابد من الإسراع أكثر من ذلك لإعادة ترميم البنى التحتية، والأوضاع الإنشائية والتأسيسية بعد المعارك الشديدة مع داعش، وأيضاً قبل داعش كان هناك مخاضات كثيرة، خاصةً في مدينة الطبقة، وعموم سوريا”.
وتابع عادل بأنه كان نتاج 7 سنوات من الصراع والدمار والتشويه والتدمير والتضليل والممارسات، وكانت نتيجة تعارض السلطات فيما بينها وضعف منهاج الدولة؛ لذا كان لابد من طرح مشروع أيديولوجي آخر جديد، والفكر الأيديولوجي الصحيح السليم هو الذي سيعيش في النهاية وعلى أساس هذا الكلام تنطلق الأكاديمية، فهي أطروحة أيديولوجية فكرية نهضوية لإنشاء المجتمع بعد 7 سنوات أو 8 سنوات، لأن فكرة الأكاديميات فكرة عامة وجِدت تقريباً منذ عام 2013م، وعلى هذا الأساس انطلقت الأكاديميات، فكان الامتداد على النحو أينما تمتد الأمة الديمقراطية تمتد الأكاديميات، وأينما يوجد إنسان صاحب فكر يبحث عن الحرية ويبحث عن الإرادة ويريد أن يكون إنسان ديمقراطي في فكره من حيث مستوى الحرية الفكرية، ونوه عادل بأنه يقصد بها الديمقراطية، وأن الأكاديمية توضح كيفية وأهمية هذه المسألة، حيث أشار بأنها هي أخلاقية وسياسية ديمقراطية، أي أنها تعتمد على القواعد الأخلاقية، حيث يستطيع المجتمع التعبير عن الذات.
أكثر من 250 متدربة ومتدرب خضعوا للتدريب
وأضاف عادل خلال حديثه عن أهمية إنشاء الأكاديمية بعد تحرير مدينة الطبقة، وخاصةً في مجال تأهيل الكادر الإداري الذي يقع على عاتقه إعادة تأهيل المنطقة، والدور الكبير الذي لعبته الإدارة المدنية الديمقراطية لمنطقة الطبقة في سرعة افتتاح الأكاديمية، والنتائج التي وصلت إليها الأكاديمية خلال دورات على مدار عام، والتي كان فيها النتائج ملموسة على مستوى شخصية المتدربين، حيث قال: “بعد تحرير المدينة من مرتزقة داعش كانت هناك حاجة للوصول إلى نتائج التحرير وتأهيل القوى الفكري التي تعمل في التأهيل؛ من مجالس وإدارات، وخاصةً بعد سنوات من صراع احتاج إلى الأكاديمية؛ ليكون شخصية مستقلة، وليعيد ثقل وإنتاج وماهية جديدة للشخصية”.
ولفت عادل بأن افتتاح الأكاديمية كان بعد يوم احتفالي في 14/12/2017م، بافتتاح أول دورة وكان هناك تنسيق وتعاون مع الإدارة المدنية الديمقراطية لتجهيز الأكاديمية، وكانت الدورات التي أقيمت في الأكاديمية سبع دورات خلال عام. وتابع حديثه: “بعد عام لا نقول إن الجميع استفاد، بل كانت نسبة النجاح التي وصلت إليها الأكاديمية هي 60% خلال عام، حيث وصل عدد الذين خضعوا للتدريب أكثر من 250 متدربة ومتدرب، من جميع الإدارات في المنطقة”.
وأشار عادل بأن الأكاديمية وصلت إلى نتائج فكرية استطاعت تطوير شخصية المتدربين ودفعهم معنوياً ليكونوا فعالين في مؤسساتهم، وقال: “أن النتائج الفكرية التي وصلت إليها الأكاديمية تمثلت بمعرفة المتدرب للحقيقة أو بمعنى آخر أين تضع القدم، وكيف يوجه المتدرب نفسه ويعمل على تطوير ذاته؟، فأن الأشخاص الذين خضعوا للتدريب حصلوا على دفع معنوي، ومن خلال متابعة المتدربين في المؤسسات وبعد التدريب والتغيرات التي حصلت عكست نتائج إيجابية للتدريب، وقد كانت هناك تطورات كبيرة في الشخصية”.
إقبال كثيف للنساء على التدريب
وفي السياق ذاته أجرينا لقاء مع عضوة إدارة أكاديمية المجتمع الديمقراطي في الطبقة روناهي عزيز، والتي أكدت على إن للتدريب أهمية كبيرة للمرأة للتخلص من الذهنية التي تحكم المجتمع وعن إقبال المرأة على التدريب قائلةً: “منذ بداية الافتتاح خضعت مئات النساء من منطقة الطبقة والرقة ودير الزور خلال العام الماضي في هذه الأكاديمية من العاملات في الإدارة المدنية ومجالس المرأة والمجالس المحلية، وكانت هناك رغبة وإقبال من قِبل المرأة على التدريب، حيث وصلت نسبة النساء حوالي 40 % في كل دورة”، وذكرت روناهي بأنه تكمن أهمية مشاركة المرأة في التدريب في تحرير فكرها وذهنيتها؛ وتخلصها من الذهنية الذكورية التي فرضها مرتزقة داعش على المجتمع، وجعل المرأة عبدة.
وأضافت روناهي بالقول: “خلال التدريب استطاعت المرأة أن تدرك ذاتها وأهمية مشاركتها الفعالة في بناء المجتمع وإدارته إلى جانب الرجل؛ لتثبت وجودها من خلال نظام الرئاسة المشتركة التي تم وضعها في المجالس والإدارات بفكر الأمة الديمقراطية، حيث أثبتت المرأة وجودها”، ولفتت بأنه أغلب المتدربات هن رئاسة مشتركة من خلال هذا النظام الموجود في الأكاديمية، وتابعت بالقول: “المرأة ضمن الأكاديمية تشترك مع الرجل في النواحي العملية في المطبخ والرياضة والدروس الفكرية والنظافة، لدرجة الوصول إلى الحياة الكومينالية، وبعد هذا التدريب لاحظنا وتابعنا المرأة في مؤسساتها ومجالسها التي تعمل بها، وقد لاحظنا التغيير في الذهنية والفكر والإدارة أيضاً، مما أدى إلى ظهور نتائج إيجابية عند المرأة”.
وذكرت روناهي بأن المرأة كانت تواجه صعوبات من أجل الانضمام للتدريب، وخاصةً سلطة الأسرة وعادات المجتمع، وقالت: “أما عن الصعوبات التي واجهتها المرأة خلال التدريب هي عدم مشاركة معظم النساء في الأكاديمية للتدريب بسبب وجود أطفالهن في البيت، والبعض الآخر نتيجة العقلية الذكورية لدى الرجال، والأفكار التي زرعتها داعش لدى الناس في فترة 4 سنوات ماضية، والتي جعلت المجتمع يعتقد أن النساء هن للمنزل فقط، ولسنَ للفكر والعلم والعمل، بالإضافة لعدم تقبل العائلة لنوم المرأة خارج المنزل وداخل الأكاديمية لفترة 28 يوماً وخاصةً من قِبل الأب والأخوة، وصعوبة تقبل ذلك من قِبل المجتمع”.
النساء عرفنَ ذاتهن بالتدريب![]()
وأشارت روناهي بأنه بلغ عدد المتدربات حوالي 150 متدربة، وذكرت بأنه لوحظ بداية دخول المرأة للتدريب بالخوف، ولكن بعد إتمام التدريب وخروجها من الأكاديمية نلاحظ شعورها بفرحة عامرة بسبب اكتسابها الثقة بالنفس، وفهمها لدورها الحقيقي وتحرير فكرها بمفهوم الأمة الديمقراطية، وأن لها دور أساسي في المجتمع، وبأن على عاتقها مسؤولية ويمكنها القيام بأي عمل يوكل لها، وقادرة على تحمل كافة المسؤوليات.
واختتمت روناهي حديثها: “أوجه رسالة من هذا المنبر الثقافي والفكري لكل النساء في الطبقة والرقة ودير الزور، بأن لا يقتصر عملهن داخل المنزل، وإنما خارج المنزل عليهن أن يلعبنَ دورهن المطلوب في المجتمع، وأن يقفنَ إلى جانب الرجال في كل الأعمال ،أيضاً وأن تخضع النساء للتوعية الفكرية للتعلم وتعلم الثقافات المغايرة، والاطلاع على فكر الأمة الديمقراطية، وألا يقتصر فكرهن ضمن إطار محدد”.
