صناعة التنور من تراث المرأة في الشمال السوري

تنور الخبز هي صنعة لها تاريخ موغل بالقدم توارثته أجيال حتى اندثر أمام زحف الأفران الآلية، ما لبث أن عاد بظل الظروف الحالية وتحت وطأة الحاجة ليكمل سجله التاريخي كون الخبز من أساسيات الحياة.

تدرجت صناعة الخبز على مر الزمن من وضعه على النار مباشرةً مروراً بظهور التنور، الذي يمر بدوره ويحتاج لمراحل عدة لصناعته منها عجن التراب والماء ثم التخمير لأسبوع ويضاف التبن ويعجن ليبدأ إنشاؤه.

وغالباً في مناطق دير الزور يصنع التنور من قبل المرأة وباليد من دون تدخل أي من الآلات الحديثة، والمرأة على مر العصور لها الخبرة الكافة في صناعة التنور، وغيرها من الأدوات التراثية كونها هي من تعد وتحضر لكل شيء.

لتصل صناعة الخبز في وقتنا الحالي بصورة أفران آلية كاملة لا يتدخل فيها العامل إلا في بيعها، لكن يبقى لخبز التنور طعمه الخاص حين يخرج الرغيف وقد نضج على نار هادئة ويجبر المارة بالشارع على طلب رغيف حار نزولاً عند رائحته الذكية.

صناعة التنور كانت قد تلاشت في عصر السرعة والحداثة والآلات لتصبح صورة من صور التاريخ، لتظهر في وقتنا هذا معلنةً من ترك تاريخه لن يعيش مستقبله.

محسنة العايش من أهالي ريف دير الزور الغربي ذات الخمسين عاماً لها وقت طويل في صناعة التنور حيث قالت لوكالة هاوار: “أنا أم لـ 9 أفراد، وأعمل بهذه المهنة منذ 35 سنة حتى أصبحت جزءاً من حياتي”.

وأوضحت محسنة قائلةً: “تلاشت مهنتي في السنوات الماضية، وعادت للظهور الآن، وإن بيني وبين وحل صناعة التنور لغة لا يفهمها إلا من عاش زمناً برفقته”.