مقاومة المرأة في كوباني

هيفيدار خالد –

كان الخامس عشر من شهر أيلول يوماً أسوداً بالنسبة لنا جميعاً، اليوم الذي هاجم فيه مرتزقة داعش الإرهابي وبدعم لوجستي وعسكري وبشكل علني من الدولة التركية، على مدينة كوباني السورية الواقعة على الحدود السورية التركية. في هذا الهجوم الممنهج أردات الدولة التركية احتلال كوباني والقضاء على مشروع الأمة الديمقراطية المتمثل بالإدارة الذاتية الديمقراطية في المنطقة، والتي تقودها المرأة في شمال سوريا. إلا أنه حدث العكس ولم يصل داعش إلى مآربه، وكما يقول المثل الشعبي انقلب السحر على الساحر هذه المرة بعد أن أبدى أهالي كوباني الأبطال ببناتهم وشبابهم وشيوخهم ونسائهم مقاومة لا مثيل لها، فتحطم حلم أردوغان باحتلال مدينة المقاومة.

على الرغم من أن تاريخ الهجوم على المدينة مر عليه الكثير من الوقت، إلا أنني أريد إلقاء الضوء على المقاومة التي بذلها مقاتلو وحدات حماية الشعب والمرأة ضد هجمات داعش الإرهابي، وكيف سطرت في صفحات التاريخ الحديث أسمى ملاحم البطولة. فمقاتلات وحدات حماية المرأة اللواتي شاركن في حملة الرد والتصدي للعدوان، أبدين بإرادتهن الفولاذية مقاومةً كبيرةً لا مثيل لها في خنادق القتال، وأثبتن للعالم أجمع بأن الإدارة التي تتحلى بها المرأة الكردية والتي استمدت فكرها من نهج القائد آبو لا أحد يستطيع أن يهزمها مهما كلف الأمر، بل سطرت ملاحم البطولة والفداء بإيمانها بذاتها واستطاعت عمل المستحيل لكي لا يدنس مرتزقة أردوغان التراب المقدس واحتلاله.

المقاتلات قاومن ليلاً ونهاراً بدون تردد، وأكبر مثال على ذلك مقاومة الرفيقات الشهيدات آرين ميركان وريفان وزوزان وهبون وروجدا، والمئات من شهداء وشهيدات الحرية ممن ضحوا بأنفسهم من أجل حماية أرضهم وكرامتهم. هذه المقاومة خلقت مخاوف في قلب الدولة التركية، حيث دافعت المرأة المحاربة في جميع الجبهات عن أرضها. ولكي لا تقع أسيرة في يد الأعداء، نفذت العديد من المقاتلات العمليات الفدائية وفجرن أنفسهن في وجه الأعداء، وجعلن من عملياتهن نهجاً مشرقاً للسائرين على دروبهن.

نعم لعبت وحدات حماية المرأة دوراً هاماً في المقاومة، وساهمن بمعنوياتهن وقيادتهن في استمرار المقاومة، ورغم الحرب القاسية التي مرت بها كوباني حاربت مقاتلات وحدات حماية المرأة بمعنويات كبيرة ضد العدو حتى اليوم الأخير منها.

أرادت الدولة التركية وصديقها داعش محاربة المرأة وكسر إرادتها وبذلك النيل منها واستهدافها. ولكن مقاومة وإرادة المرأة طمست هذه المخططات، وقاومت جميع النساء اللواتي لم يتركن تراب الوطن حتى الرمق الأخير.

واستطاعت المرأة أن تكون شاهدة على الكثير من الملاحم والبطولات العظيمة التي سجلتها المرأة، وحدات حماية المرأة في هذه المدينة حاربت باسم جميع النساء ضد النظام الذكوري السلطوي، وتمكنت من إيصال صوت هذه المقاومة التاريخية إلى أصقاع العالم كافة، وأثبتن للعالم أجمع متانة المرأة المحاربة وقوتها في دحر إرهاب داعش. واليوم نذكر العالم والرأي العام العالمي بأن كوباني هي مدينة النساء، هي مدينة المرأة المقاومة التي دافعت عن الإنسانية ضد الإرهاب، وستكون القبلة للجميع.